علاقة الشباب اليوم بالأمة علاقة وثيقة، سواء أدركوا ذلك أم لم يدركوا.

أنا لا أقول إنهم جميعًا مهتمون بشؤونها، فالقليل فقط يحمل همّ الأمة في قلبه، بينما الغالبية استسلمت لواقعٍ تنتظر أن يتغير بمعجزةٍ إلهية.

لكنهم لا يعلمون أن زمن المعجزات قد انتهى بوفاة النبي ﷺ، وأننا اليوم نملك العقل والإرادة والعلم، وهي الأدوات التي منحنا الله إياها لنصنع بها ما يشبه المعجزات، شرط أن نتوكل عليه ونسعى بصدق.

أقل ما يمكن أن نبدأ به هو أن نحفظ ألسنتنا.

ومع ذلك، صار البعض يرى أن من لا يسبّ ولا يشتم شخص “ضعيف” أو “غير ناضج”!

ولا أدري من الذي أقنعهم أن النضج يُقاس بالبذاءة، أو أن الرجولة تعني سوء الخلق.

لقد تأثرنا بما نراه في الأفلام والمسلسلات الغربية التي تمتلئ بالألفاظ الفاحشة، حتى أصبح السباب شيئًا “طبيعيًا”، واعتاده الناس في لحظات الفرح والغضب على حدٍّ سواء.

لكن المؤمن الحق ليس هكذا.

قال النبي ﷺ:

"ليس المؤمن بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش ولا البذيء" (الترمذي).
وجاءه رجل فقال: أوصني، فقال ﷺ:
"لا تغضب"، فرددها مرارًا (البخاري).

كثيرون يعرفون هذه الأحاديث، لكن القليل من يطبقها.

وهنا الفرق بين من يتعلم ليزداد حجة عليه، ومن يعمل ليزكّي نفسه.

فالعلم بلا عمل حجةٌ على صاحبه لا له، وقد قال بعض السلف:

"العلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل."

المغزى الذي نريد أن نصل إليه أن سلوك الشباب اليوم وعاداتهم ليست أمورًا فردية، بل هي صورة عن مستقبل الأمة.

فشباب اليوم هم رجال الغد، وقادة البيوت والشركات والمجتمعات.

فإن تربّوا على الوعي والخلق، نهضت الأمة، وإن ساروا خلف الغفلة والتقليد، سقطت معهم كل أركانها.

وهنا يبدأ السؤال الحقيقي:

من نحن؟ وكيف نبدأ التغيير ؟