كلمات تتراكم في الصدر مثل الغبار، لا صوت لها، ولا شكل، لكنّها تثقل الداخل حتى يختنق الإنسان بها دون أن يصرخ.
نحمل في أفواهنا اعترافات لم تخرج، واعتذاراتٍ تأخرت، وحقائق خبّأناها كي لا نهدم صورةً نحاول الحفاظ عليها، أو قلبًا نخشى خسارته، أو وجهًا لا نريد أن نراه ينكسر بسببنا.
نحن غالبًا لا نصمت لأننا لا نشعر، بل لأننا نشعر أكثر مما يجب.
ولا نبتلع الكلام لأننا ضعفاء، بل لأن صدقنا أحيانًا قد يهدم ما تبنّيناه بصمت طويل.
فنختار الصمت… لا سلامًا، بل نجاةً مؤقتة.
كم مرة أردنا أن نقول لأحدهم:
لقد آذيتني… لكني لم أكرهك.
ولم نقلها،كي لا يبدو الألم ضعفًا، أو الحبّ ذلًا، أو العتاب طلب بقاء.
وكم مرة أردنا أن نعترف:
أنا لست بخير، لا أحتاج نصيحة، فقط أريد أن يسمعني أحد دون أن يصلّحني.
لكننا ابتسمنا بدلًا من ذلك،
لأن الحزن حين يخرج عاريًا يُخيف الآخرين.
وكم مرة أحببنا بصمت،
لأن الاعتراف كان سيغيّر كل شيء،
أو لأنه لن يغيّر شيئًا أصلًا…
فنخاف أن يقف الحب على حافته الأخيرة، كلمة لو قيلت لسقط كل شيء بعدها.
نحن جيلٌ لا يعجز عن الحب ولا عن الإحساس،
نحن فقط نعجز عن قول ما نشعر به في اللحظة التي يجب أن يُقال فيها.
نؤجّل الحقائق… حتى تفقد قيمتها.
ونؤجّل الكلام… حتى يشبه السكوت.
ونؤجّل أنفسنا… حتى لا نجدها حين نعود إليها.
والمؤسف،أن أكثر الأشياء صدقًا فينا…
هي التي متنا قبل أن ننطق بها.
التعليقات