كنت أستمع قبل فترة لحديث إحدى الصديقات عن قرار مصيري اتخذته في حياتها حين قررت ترك وظيفتها التي تحبها لأنها كانت "تزعج" زوجها قالت جملة لم أستطع نسيانها "مش مرتاحة بس خلاص هو عايز كده وأنا مش عايزة مشاكل" لم تكن مقتنعة لكنها أطاعت فقط لتحافظ على السلام الظاهري في علاقتها كثيرًا ما تُجبر المرأة على تغيير نفسها أو التنازل عن أحلامها ليس عن قناعة بل خوفًا من الرفض ومن أن تُوصم بأنها "معقدة" أو "عنيدة" فطاعتها نابعة من خوف اجتماعي لا من رضا داخلي ذات مرة سمعت عن فتاة وافقت على الزواج من شخص لم تكن تميل له فقط لأن أسرتها رددت مرارًا "الفرصة ما تتفوتش" و"البنات ما ترفضش كثير" لم يكن القرار نابعًا من اقتناع بل من خوف أن تفقد قيمتها إن قالت "لا" كثيرًا لم تقتنع لكنها أطاعت لأنها تعلم أن الرفض المتكرر يجعل المجتمع ينظر لها وكأن بها خلل فهل المجتمع يترك للمرأة مساحة حقيقية للاختيار أم يدفعها دومًا لتقديم التنازلات باسم الحب والاحترام والقبول؟ شاركونا آراءكم وتجاربكم
المرأة تطيع لتُقبَل لا لأنها تقتنع
في القصة الأولى أنا أرى أنه قد يكون هناك جانب آخر لم يذكر أو لم يوضح: وهو أنه ربما هذا الرجل يعتقد أن عمل المرأة غير جائز شرعا أو فيه مشكلة من ناحية ما! شخصيا أعتقد في مسألة "عمل المرأة في الاختلاط" أي في مكان يتواجد فيه الرجال، أعتقد أن الأصل فيه عدم الجواز.
وعليه إذا كانت الحالة هذه: فلا يمكننا أن نحكم على أن عملها كان "يزعج" زوجها، ربما كان لا يريدها أن ترتكب المحرم (ولو في اعتقاده)، وربما كان يغار عليها، وربما كان يرى أن بيته وأولاده يذهبون نحو الإهمال...
من جهة أخرى لو راجعنا الشرع لوجدنا أن طاعة الزوج واجبة في المعروف، وترك المرأة لعملها لا يفسد عليها شيئا لأنها غير ملزمة بالإنفاق، وزوجها ملزم شرعا بالإنفاق عليها.
ملاحظة: أنا ذكرت هنا القواعد العامة والأصل، وقد تكون هناك حالات تشذ عن هذه الأصول، مثل أن يكون الزوج بخيلا لا ينفق ولا يريدها أن تعمل، أو أن يكون عمل المرأة في غير الاختلاط، أو أن يكون خالف شرطا وافق عليه في بداية الزواج...
أما القصة الثانية فواقع أليم فعلا، والمجتمع لطالما ضغط على المرأة لإجبارها بطريقة غير مباشرة على اختياراته ونظرته واعتقاداته حول مصلحتها...
تعليقك على القصة الأولى مهم جدًا ومن الممكن فعلًا أن يكون الزوج لديه دافع ديني أو قناعة شرعية معينة وهنا المسألة تحتاج إلى حوار هادئ وتفاهم بين الطرفين لا أن نحكم على تصرفه من زاوية واحدة فقط لكن من المهم أيضًا أن نفكر هل كانت طريقة رفضه تتضمن احترامًا لزوجته هل حاول أن يفهمها أو يقنعها بهدوء لأنه حتى وإن كان قصده خيرًا فإن الأسلوب أحيانًا يصنع فرقًا كبيرًا في النتيجة أما بالنسبة للقصة الثانية فهي مؤلمة فعلًا ويُشعر فيها بكم الضغوط التي تتعرض لها المرأة من مختلف الجهات وكأن المجتمع يفرض عليها اختياراتها بدلًا من أن يمنحها مساحة لتتحرك بحرية وهذا الأمر يرهقها نفسيًا وقد يفقدها ثقتها بنفسها أحيانًا
وحتى لو لم يكن الرفض من جانب شرعي مثلاً يا مي إلا تعتقدين أن قوامة الرجل تجعل المراة تطيعه فيما يقول لها أنه يكرهه لها؟! يعني قد تكون هي تحب وظيفتها ولكن هو كرجل يراها غير مناسبة لزوجته أم أولاده فهل لأي أحد أن يقول له: أنت غير محق في ذلك؟! هنا في علاقة الرجل بالمرأة نفترض في كثير من النقاشات أنهما ضدان وهما في الحقيقة ليسا كذلك ولكن للرجل قوامة وهو المسئول عن البيت وهو صاحب القرار الأخير وإن كان يرى في عمل المرأة انه يزعجه فلا يصح أن تعترض المرأة. وأعتقد أن صديقتك حيكمة حينما أطاعت زوجها وتركت عملها لأنها هي مسئولة منه وليست مجبرة على عمل والإنفاق عليه أيضًا.
أكيد أنا مع طاعة الزوج ولا أختلف في ذلك خاصة إذا كان يتحمّل جميع مسؤوليات المنزل ويقدّر تعب زوجته ويحافظ عليها ولكن لا يمكننا أن ننكر أن هناك زوجات بذلن جهدًا لسنوات من أجل الوصول إلى نجاح معين في عملهن وعندما يُطلب منهن تركه يكون الأمر صعبًا نفسيًا ليس عنادًا ولا تمرّدًا وإنما لأنها مرتبطة بشيء تعبت فيه وحققت فيه ذاتها وأنا مع أن تطيعه بالطبع طالما أنه يتكفّل بها ويقدّر تضحيتها لكن المشكلة الحقيقية عندما يطلب منها زوجها ترك عملها وهو في الأساس لا يتحمّل مسؤوليتها لا ماديًا ولا حتى نفسيًا فحينها تكون التضحية من طرف واحد وهذا هو ما يؤلم
سؤال مهم: ولكن للرجل قوامة وهو المسئول عن البيت وهو صاحب القرار الأخير وإن كان يرى في عمل المرأة انه يزعجه فلا يصح أن تعترض المرأة.. هل تلك العبارة قانون مطلق أم نسبي؟ وفي الحالتين أريد أن تخبرني بالعوامل التي عليها تكون هذه العبارة سليمة ويؤخذ بها
القوامة تعني التكليف وليس التشريف كما يقول الفقهاء. بمعنى أن الرجل مسئول عن المرأة وعن نفقتها بالمعروف وهي مسئولة منه مسئولية كاملة طالما تركت بيت أبيها وسكنت بيته. وهي تطيعه فيما لا يغضب الله أو يضرها هي جسدياً مثلاً. أما مطلق أو نسبي فلا أفهمه! أعتقد أي رجل يفهم ما أريد قوله وأي رجل لا يحب من أهل بيته أن يخالفوه إلى ما ينهاهم عنه بحث هو يكره لها عمل ما وهي تصر عليه! وماذا تريد لو وفر لها هي ما تريد فماذا تريد من العمل الذي يكرهه ويراه غير مناسباً لها أو أصبح غير ذلك؟! يعني أحدهم تزوج ممرضة ثم بعد الزواج كره لها العمل في مهنة التمريض التي قد تبيت فيها زوجته خارج البيت فهل هنا نعترض عليه ونقول له مطلق ونسبي؟! هذه حياة تُعاش وليس مجرد جدل في نقاش.
طيب.. لماذا يكره الرجل فكرة أن تخالفه الوةجة في الرأي؟؟ بمعنى أليس من الطبيعي لأي شريكان ان يتواصلا سويًا بخصوص كل القرارات والوصول إلى نتيجة يقبلها الاثنين معًا؟؟ وبخصوص مثالك، ما معنى كره لها عمل التمريض بعد الزواج بسبب المبيت خارج المنزل؟؟ فهل هو لم يكن على علم بذلك قبل الزواج منها؟؟ هذه أسئلة مهمة في الحقيقة لتوضيح حقيقة الأدوار بين الزوجين ومفهوم التواصل من البداية، لأن القوامة هنا ليست كلمة رنانة نقولها بلا معنى.. وأمر آخر ماذا لو كان هو فعلًا قادر على توفير كل التكاليف المطلوبة، ولكن هي تريد تحقيق مصدرًا للدخل بنفسها.. دون ان يكون لذلك عواقب سيئة على نظام المنزل؟
أتفق معك لأنه من الطبيعي أن يعرف منذ البداية أنها تعمل في التمريض وهذا يعني أن نظام العمل قد يتضمن مبيتًا خارج المنزل فرفضه بعد الزواج يبدو غير منطقي كان الأولى أن يتحدثا عن ذلك بوضوح قبل الزواج ويرى إن كان يستطيع تقبّل الأمر أو لا أما أن يوافق ثم يرفض بعد الارتباط فهذا يسبب خللًا في الثقة والحوار بينهما التواصل من البداية بصدق واحترام ضروري جدًا لتجنب الخلافات لاحقًا
مش مرتاحة بس خلاص هو عايز كده وأنا مش عايزة مشاكل"
وماذا إذا حدثت مشاكل؟ لا يوجد بيت أو عائلة تخلو من المشاكل او اختلاف الآراء ووجهات النظر حول هوايات أو تفضيلات واهتمامات كل فرد فيها، بل كان عليها أن تعبر عن حبها لعملها، أن تطلب شرحا منطقيا مقنعا يتطلب أت تضحي بهذا، أن تناقش.. ماذا كان الاتفاق قبل الزواج؟ وهل تغير شيء طارئ مثلا غير قرار الزوج بقبوله بعملها قبل الزواج؟ وإن لم يتفقا على موضوع مهم كهذا قبل الزواج اصلا فهذه مشكلة أخرى..
البيئة الأسرية التي نبتعد فيها عن المصارحة والنقاش بعذر تجنب المشاكل مهزوزة في كيانها.. بل الاصح أن تكون هناك شفافية وارتياح تام وصدق بين الزوجين، وفي النهاية مهما كان القرار الذي يتفقان عليه، يكون عن قناعة ورضا كليهما.
بصراحة فكرة "مش عايزة مشاكل" في الحياة الزوجية ليست حلاً لأن المشكلات ليست دائمًا خلافات كبيرة أحيانًا يكون الحوار الصريح هو ما يمنع المشكلة قبل أن تتفاقم ولكن عندما تصمت الزوجة عن أمر يزعجها أو عن شيء تحبه مثل عملها وتتنازل حتى لا تُغضب الطرف الآخر فإنها تختزن مشاعر سلبية ستظهر لاحقًا وليس دائمًا بطريقة صحية الزاوية التي يجب إضافتها هنا أن الراحة النفسية داخل العلاقة يجب أن تكون أولوية وليس فقط الحفاظ على الاستقرار الظاهري لأن شعورها بأنها مجبرة أو مكبوتة سيؤثر على محبتها وتقديرها للعلاقة مع الوقت من الأفضل دائمًا أن نتحدث بهدوء ونشرح وجهة نظرنا ونستمع للطرف الآخر فربما نجد حلاً وسطًا يرضي الجميع
طيب، الخوف محرك أساسي في حياتنا، ولا جدال في هذه النقطة، ولكن...
إذا كان الخوف هو المحرك الوحيد، فصدقيني كل الاختيارات المصيرية ستكون بلا أي هدف أو قيمة، وعلى العكس، من يستفيق من غيوبة "المجتمع قال ومالمجتمع مقالش" سيجد إنه أضاع حياته مقابل "تهيؤات حرفيًا" .. سؤال: من المجتمع الذي سيحكم عليَّ؟؟ هل هناك أفراد فعلية تستيقظ صباحًا لتسأل عما تفعله "الصديقة" أو أنا أو أنتِ؟؟ الإجابة هي لا، حتى لو الظاهر مختلف، لأن الناس تتحدث عنا في كل الأحوال، ولكن استغراقهم في الحديث عنا لن يكون أكثر من 5-10 دقائق على الأكثر، فلما نبني قرارات بناءً على تهيؤات شخصية؟؟
فهل المجتمع يترك للمرأة مساحة حقيقية للاختيار أم يدفعها دومًا لتقديم التنازلات باسم الحب والاحترام والقبول؟ شاركونا آراءكم وتجاربكم
المجتمع ليس له أي دور في اختيارات المرأة، هو مشبّع بالأفكار ونقيضها ليس إلا، لا أقول هنا إنه لا يؤثر في الخلفية الفكرية والإدراكية لنا، ولكن عند النضوج، من المفترض إننا نعي ما يناسبنا، وما لا يناسبنا، وعليه، فإن اختياراتنا (في الظروف السوية والمعتدلة) هي نتاج قرارتنا وليس قرارات المجتمع.
أكيد عندك حق في أن المجتمع أحيانا يضخم أمورا في عقولنا بشكل يجعلها تبدو وكأنها حقائق مطلقة مع أنها في الغالب مجرد أفكار متوارثة أو أحكام سريعة تقال ثم تُنسى وأرى أن المشكلة ليست في المجتمع ككيان عام بل في الشخص ذاته عندما يسمح لخوفه من كلام الناس بأن يتحكم في قرارات حياته من الطبيعي أن نشعر بالخوف أحيانا ونتردد لكن هناك فرقا كبيرا بين أن نفكر ونحسب خطواتنا وبين أن نعيش أسرى لتوقعات الآخرين والمفارقة أن الناس الذين نخشى حكمهم علينا مشغولون أصلا في حياتهم ولا يهتمون بنا كما نتخيل فلماذا نربط اختياراتنا برأي غير موجود بشكل فعلي أنا أرى أن الاختيار الحر مسؤولية وليس رفاهية وكل شخص ينضج ويفهم ذاته جيدا لا بد أن يدرك في النهاية أنه هو من سيتحمل نتيجة قراره وليس الآخرون
مسألة عمل المرأة ليست مطلقة، فهي مرتبطة بطبيعة العمل، وبطبيعة المجتمع الذي تحتك به المرأة يوميًا. وأنا دائمًا ما أُركّز على أهمية حفظ الكرامة قبل أي شيء. فالقول إن "هذه فرصة لا تُفوّت" لا يجب أن يتحوّل إلى نوع من الضغط أو الإكراه، بل يُفترض أن يُقدَّم كمقترح يُدرس بعناية.
لكن، حين نتحدث عن المجتمع، عن أي مجتمع نقصد؟ هل هو المجتمع الذي يرى في المرأة قيمة وكيانًا كاملًا؟ أم ذاك الذي لا يراها سوى من خلال جسدها أو دخلها الشهري؟
أما من جهة الرجل، فالرجل السوي غالبًا ما يقدّم تضحيات كبرى فور زواجه، من أجل مكافأة معنوية اسمها العفة والاستقرار. فهو يقف بين مسؤولياته تجاه أسرته، والتزاماته تجاه محيطه، وضغوط المجتمع التي لا ترحم. وكل طلب يقدّمه ( سواء صريحًا أو ضمنيًا ) قد يكون وراءه دوافع متشابكة، لا تراها المرأة دائمًا.
وفي المقابل، يجب أن نقرّ أن خطأ المرأة (حتى وإن لم تكن تقصده أو اضطرت إليه ) لا يُغتفر في أعين بعض المجتمعات، وخاصة أصحاب النفوس المريضة. تخيلي أن هناك من يُقبل على الزواج فقط طمعًا في راتب زوجته، لا حبًا ولا احترامًا.
أما عن عبارة فرصة لا تُفوّت، فحين تكون مصحوبة بضغوط، فهي ليست فرصة بل امتحان. ما دامت المرأة لا تشعر بالقبول تجاهه فلا أعتقد أنه ممن كان الأساس في القبول هو "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه". وما دام هناك اصرار فقد يكون بسبب بحجم حسابه البنكي كما توجد عوامل أخرى كالاقتراب من انقطاع الطمث أو الصورة المفروضة من المجتمع
ما ذُكر آنفًا ليس إلا سيناريو من بين عشرات السيناريوهات الممكنة. في النهاية، كلنا نقدّم تنازلات، لكن قيمة هذه التنازلات تعتمد على المقابل الذي سنحصده، وعلى قدرتنا على العيش بسلام داخلي بعد اتخاذ القرار.
صحيح كلامك لامس أكثر من زاوية واقعية جدًا وأنا أتفق معك في فكرة أن عمل المرأة لا ينبغي أن يُناقش بمعزل عن طبيعة العمل وظروف المجتمع والبيت نفسه أيضًا فليست كل فرصة تُعدّ فرصة حقيقية ولا كل ضغط يُمكن اعتباره اهتمامًا إذ أحيانًا تتغلف الضغوط بكلام لطيف لكنها في الواقع تنتزع من المرأة إحساسها بأنها صاحبة القرار كذلك مسألة الرجل مهمة فعلًا فهناك رجال يتحملون مسؤوليات كبيرة ويتوقعون في المقابل التقدير والاحتواء والشعور بالأمان لكن هناك أيضًا رجال للأسف ينظرون إلى عمل زوجاتهم على أنه مجرد مصدر دخل إضافي لا أكثر وهذا يخلّ بالتوازن منذ البداية أما مسألة الزواج والاختيار على أساس الفرصة فهو أمر نراه كثيرًا وغالبًا ما يكون قرارًا نابعًا من الخوف وليس عن قناعة وهذه نقطة محورية لأن الاستقرار الظاهري لا يعني بالضرورة راحة داخلية بل قد يكون هناك صراع داخلي صامت يظهر لاحقًا في صورة فتور أو ندم أو حتى انفصال نفسي رغم استمرار العلاقة في النهاية على كل طرف أن يسأل نفسه لماذا أختار؟ وعلى ماذا أتنازل؟ وهل أستطيع التعايش مع هذا القرار وأنا مرتاح نفسيًا؟ لأن السلام الداخلي ليس ترفًا بل هو أساس استمرار أي علاقة أو قرار
في مسار الحياة، سنضطر إلى تقديم العديد من التنازلات، وسنندم على بعض القرارات، إذ يتملكنا شعور بأن الأمور كانت ستكون أفضل لو اخترنا طريقًا مختلفًا. وهكذا ينفتح باب الـ "لو": لو فعلت كذا… لو لم أفعل ذلك…، رغم أن الواقع يُملي علينا حقيقة واضحة، نحن نسير في خط زمني لا يمكن تعديل ما فات فيه، في حين يُبنى المستقبل على تراكُمات الماضي.
طلب النصيحة أمر مشروع، لكنه لا يعني بالضرورة الاستنساخ، فمقدم النصيحة يستند غالبًا إلى تجربته الشخصية، التي قد تختلف جذريًا عن تجربتك، لأن كل شخص يرى الحياة من زاوية مختلفة.
وقد نصادف أحيانًا علاقات تبدو متوترة من الخارج، مليئة بالصراعات اليومية، والإنكار المتبادل للجميل، رغم وجود لحظات صفاء متقطعة. التدخل في مثل هذه العلاقات، حتى بنية طيبة، قد يُفسّر كاقتحام، لأننا ببساطة لا نملك الصورة الكاملة.
من يروي القصة غالبًا ما يقدّم نفسه كبطل أو ضحية، وليس كجزء من المشكلة، ويتجاوز عن أخطائه باعتبارها هفوات، بينما يضخّم أخطاء الآخرين.
وفي نهاية المطاف، تظل طبيعة الشخص هي التي تحسم خياراته، فالقرارات، مهما تأثر أصحابها بالضغوط أو النصائح، تبقى انعكاسًا لما هم عليه من الداخل وما يفكر به.
لا نريد ظلم احد ولا تكذيب أي طرف، ومن يحس بالظلم فليختر اللحظة المناسبة للإعتراض تلافيا لتجنب أي سوء فهم لاحقا.
أحيانًا بنعيش في مجتمع بيدي الانطباع إن المرأة لازم تختار بين نجاحها الشخصي واستقرار بيتها، كأن الاتنين ما ينفعوش يمشوا مع بعض. لكن الحقيقة أعمق من كده بكتير.
المرأة، زي ما ربنا خلقها مكرّمة، هي عنصر أساسي في بناء الحياة، مش مجرد تابع أو طرف بيقدّم تنازلات. مكانتها في البيت عظيمة، ومكانتها في المجتمع لا تقل عنها. لكن الأهم من المكانة هو النية والاقتناع. إن كانت بتقوم بدورها عن اقتناع داخلي ورضا، مش بس خوفًا من زعل حد، ولا تجنبًا للمشاكل، وقتها تكون حياتها فيها بركة وراحة حقيقية.
ولو كانت المرأة في وظيفة بتحبها، ومش مقصّرة في حق بيتها، فالأصل يكون فيه تفاهم.
لكن كمان لازم نوضّح:
القوامة حق شرعي للرجل، وهي مش تحكّم ولا تسلّط، بل مسؤولية وتكليف من الله.
قال تعالى:
"الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ"
يعني الراجل مسؤول عن الإنفاق والرعاية، وعن توجيه أسرته بالحكمة والمعروف.
والمرأة عليها الطاعة في المعروف، لأن الطاعة جزء من بناء التوازن، وليست تنازلاً عن الذات.
ولو كان في شغل المرأة شيء فعلاً بيؤثر على البيت، أو فيه ما لا يرضي الله، هنا تدخُّل الزوج لا يُعد تدخلاً في الحرية، بل حفظًا للبيت، وصيانةً لما هو أثمن من الطموح الفردي: السكينة المشتركة.
وفي النهاية، كل بيت له طبيعته، وكل روح لها احتياجاتها، وما يصلح لأحد قد لا يصلح لآخر.
لكن ما لا يتغير هو أن العلاقة بين الرجل والمرأة ليست ميدان صراع، بل مساحة فهم عميق، وموازنة دقيقة بين الذات والآخر، بين الطموح والواجب، بين القلب والعقل.
فليس الرقي في كثرة التنازل، ولا في فرض الرأي، بل في أن نملك الوعي الكافي لنفهم متى نعطي، ومتى نطلب، ومتى نصمت، ومتى نقول "لا"... لا من باب العناد، بل من باب البصيرة.
وحين تُبنى العلاقات على هذه القيم، يصبح البيت وطنًا داخليًا، لا سجنً
ا ولا ساحة معركة.
أحيانًا ننسى أن التوازن بين الطموح والمسؤولية ممكن حين يكون هناك تفاهم حقيقي بين الطرفين المجتمع قد يفرض صورة نمطية عن دور المرأة داخل المنزل أو خارجه لكن في الحقيقة لا يوجد نموذج واحد يناسب الجميع النجاح لا يتعارض مع الاستقرار ولا يجب أن تكون المعادلة إما نجاح أو حياة أسرية إذا وُجد حوار ناضج واحترام متبادل وتوزيع عادل للأدوار يمكن لكل طرف أن يحقق ذاته دون أن يضحي بالأساس المهم أن تقوم العلاقة على الدعم لا على التحكم وعلى الوعي لا على الصراع
التعليقات