مرّت فترة طويلة منذ آخر مرة كتبت فيها، ولا أعلم على وجه الدقة ما السبب.

هل لأنني انشغلتُ عن أحزاني فلم أعد أجد الوقت للكتابة؟ أم لأنني ببساطة فقدت الرغبة في البوح؟

كنت أظن أن الكتابة هي ملاذي الأخير، فإذا بي أكتشف أنني حتى منها انسحبت بهدوء، كما ينسحب الضوء من الغرفة قبل أن ندرك أنه غاب.

هذه الأيام أشعر أنني أعيش بلا روح. أذاكر مواد لا أحبها، لا أرى نفسي في أي منها، ولا أشعر أنني أنتمي لأي حرف أقرؤه. كل شيء أصبح جامدًا من حولي، حتى نفسي.

كرهت الكلية أكثر من أي وقت مضى، ليس لأنها صعبة، بل لأنها تسرق منّي تلك الفتاة التي كانت تحلم وتخطّط وتريد أن تصنع شيئًا مختلفًا.

الامتحانات تقترب، والميدتيرم على الأبواب، وأنا لم أستعد له بعد، والأسوأ أنني لا أشعر بالذعر كما كنتُ في السابق، وكأن لا شيء يستحق القلق بعد الآن.

توقّفت قليلًا عن مشروعي الصغير أيضًا، ذلك الذي بدأته بحماس كبير وشغف كأنني أُعيد بناء نفسي من جديد، لكنه الآن يسير بخطى ثقيلة، كأن النجاح أصبح بعيدًا جدًا، أو كأنني فقدت الطريق إليه.

كل شيء يبدو عاديًا أكثر مما ينبغي، حتى أحلامي صارت باهتة، وقلبي صامت لا يثور ولا يشتاق، فقط يراقب بصمتٍ ثقيل كل ما يحدث وكأنه لم يعد يعنيه.

ومع ذلك، رغم كل هذا السكون الموحش، هناك شيء صغير بداخلي يرفض الاستسلام، شعلة خافتة ما زالت تتنفس، تقول لي بهمسٍ خفي: "اصبري، فهذه المرحلة ستمر، مثل كل شيء مرّ من قبل."

ربما سأعود يومًا لأكتب من جديد، لا عن الانطفاء، بل عن الضوء الذي عاد بعد طول غياب.