المرآة والكرسي

في ركن غرفة النوم، كانت المرآة الكبيرة مائلة قليلاً، لا لأنها خُدشت، بل لأنها لم تعد تتحمل أن تعكس وجوهًا لا تعرف نفسها. أمامها، جلس كرسي صغير، عليه كومة من الملابس التي لم تُرتّب منذ أيام. لم يكن منزعجًا، بل بدا معتادًا على أن يُستخدم بلا شكر، ولا يُلاحظ إلا إن اختفى.

قالت المرآة، بصوت مخنوق:"أحيانًا… أنظر إليهم ولا أراهم."ردّ الكرسي بكسل:"هم لا يرونك أصلاً… يريدون فقط أن تُظهري ما يُرضيهم."صمتت المرآة.كانت تتمنى يومًا أن يرى الناس أنفسهم حقًا، أن يتأملوا عيونهم، تعبهم، لحظات صدقهم. لكنها ظلت ترى… وجوهًا تبتسم للكاميرا، ثم تنهار بعدها بثوانٍ. قال الكرسي، وهو يحاول أن يرفع ظهره من ثقل القمصان المرمية فوقه:"أحيانًا أشعر أني كتف لكل شيء… حتى للخيبة."

أجابت المرآة، بنبرة حزينة: "وأنا… صندوق أسرار، لا يُفتح إلا ليُعاد غلقه بسرعة." في تلك الليلة، لم يقترب أحد.

لكن إن اقتربوا… لن يعرفوا أن قطعة أثاث قد رأَت فيهم ما لم يروه هم في أنفسهم.