لم أكبر في بيئة داعمة، محاطة بسورٍ من الأمان والثقة، لكن الحقيقة أنني صنعت ذلك السور بنفسي، حجرًا فوق حجر، خطوة بعد أخرى، دون أن أنتظر يدًا تمتد لتحملني أو صوتًا يخبرني أنني أستطيع. كنتُ أنا الدافع، وأنا السند، وأنا من قررتُ ان لا أُكسر رغم ان لديّ كل الأسباب للإنكسار.
في حياة كل فتاة، هناك لحظة فارقة، لحظة تُدرك فيها أن نجاحها لا يجب أن يكون مجرد رد فعل لنقصٍ ما، بل دليلًا على أنها تستحق. بعض الفتيات يجدن تلك القوة في آبائهن، في كلمات الدعم التي تحيط بهن منذ الصغر، في نظرات الفخر التي تسبق كل إنجاز، في الشعور الدائم بأن هناك من يؤمن بهن حتى قبل أن يثبتن أنفسهن.
إن وجود الأب الحنون ليس مجرد ترف، بل هو أساس يبنى عليه الكثير. غالبًا أي فتاة ناجحة، إذا نظرتَ إلى قصتها عن قرب، ستجد في بدايتها رجلًا آمن بها قبل أن تؤمن هي بنفسها، رجلًا جعلها ترى العالم مكانًا مليئًا بالفرص، لا بالمعارك. الأب الداعم لا يمنح ابنته القوة فحسب، بل يمنحها الطمأنينة، يجعلها تواجه الحياة دون أن تحمل على عاتقها عبء إثبات ذاتها في كل خطوة.
هناك نوعًا من الفتيات اللواتي لم يجدن ذلك السند، فاضطررن إلى أن يكنه لأنفسهن. اللواتي لم يقل لهن أحد “أنا فخور بكِ”، فكتبن هذه الجملة بأفعالهن، اللواتي لم يجدن الأمان في كلمات آبائهن، فصنعنه في قلوبهن.
والدي لم يكن غائبًا عن حياتي، لكنه كان غائبًا عن الدور الذي كنت أحتاجه. لم أجد ذلك الدفء الذي يقال إن الأب يمنحه، لم أسمع منه تلك العبارات التي تجعل الفتاة تشعر أنها تستطيع أن تحكم العالم. كنتُ أبحث عن تلك الطمأنينة، فلم أجدها، فقررت أن أصنعها بنفسي.
وجود الأب الحنون يصنع المعجزات، لكن غيابه لا يعني أن الفتاة محكوم عليها بالضياع، حتى لو كان طريقها موحشًا بعض الشي
البعض يولد في بيئة داعمة، والبعض الآخر يصنع دعمه بنفسه. وأنا قُدّر لي أن أكون من الصنف الثاني، أدركت أن القوة الحقيقية احيانًا لا تأتي ممن يقفون خلفنا، بل ممن نختار أن نكونه، حتى لو بدأنا الطريق وحدنا.
التعليقات