العرب أمة فقيرة الإمكانيات الفردية .. و لو كان نجاحها مرهون بالأسباب المادية لجاءوا في ذيل الأمم .. و لذلك فإن الدعوة العلمانية و التي هي في ألطف صورها تقول إذا أردتم أن تلحقوا بالأمم المتقدمة فلتتركوا الدين داخل جدران المساجد و لتأخذوا بأسباب العلم هي دعوة واهية منطقياً .. و بالرغم أنه لا يمكن إطلاق صفة ما على كل افراد المجتمع .. و لكن يمكن تمييز ذلك المجتمع بسمات غالبة عليه .. فيمكن مثلاً أن نقول أن ما يميز الشعب الياباني هو قدرته العجيبة على العمل .. و على النقيض يمكن أن نلحظ كسل الإنسان الأفريقي .. و يمكن أن نشهد للإنجليز بتقديسهم للوقت .. حتى ان المواعيد الإنجليزي أصبحت مضرب المثل .. كما يضرب المثل بكرم الشراقوة و بخل الدمايطة .. و قد خلق الله االناس متفاوتون في جودة العقول .. و ما ينطبق على الأفراد ينطبق على المجتمعات .. فيمكن وصف أمة بأنها أذكى من أمة .. و العقل العربي ليس بجودة العقل الأوروبي مثلاً .. كما أنه ليس في جودة العقل اليهودي و لا يقارن به أصلاً .. و العرب قديماً و حديثاً لم يجيدوا غير الكلام .. حتى أنهم عقدوا أسواقاً سنوية للكلام .. و لذلك نزل عليهم القرآن معجزاً لهم فيما برعوا فيه .. و قد جاء قول عمر بن الخطاب " نحن أمة أعزها الله بالإسلام فإن إبتغينا العزة في غيره أذلنا الله" وصفاً دقيقاً لحال هذه الأمة .. و هو لا ينطبق على العرب فقط .. و لكنه يصدق أيضاً على المسلمين من غير العرب .. فالإسلام هو دين المساكين .. فالأغنياء و السادة و الأقوياء و العلماء ليس لديهم ما يضطرهم إلى الإيمان بقوة تعلو المال أو السلطة أو العلم .
العقل العربي
كيف لي ان احقد عليهم و انا منهم .. و حتى لو أنني لم اكن عربيا فماذا يملك العرب يدفع الاخرين للحقد عليهم .. قولك يذكرني بذلك الفاشل الفقير الذي كلما حدث له شيء قال إني محسود ( لا اقصدك بالطبع حتى لا يساء فهمي) .. الامر يا عزيزي ليس نقدا و لا حقدا .. خلاصة ما اردت قوله هو قول عمر بن الخطاب " نحن قوم اعزنا الله بالإسلام فإن إبتغينا العزة في غيره أذلنا الله"
فماذا يملك العرب يدفع الاخرين للحقد عليهم
يملكون تاريخًا يخشى أعداؤه أن يُعاد، فتحوا البلاد وركعت عند سطوتهم امبراطوريات الفرس والروم، وبالمناسبة، لم تكن الفتوحات بالإيمان هبة مطلقة، كان أخذًا بالأسباب فنُصِروا.
كان منهم العلماء والأطباء الذين وضعوا أسس العلوم واشتقتها عنهم الحضارة الغربية بعد أن كانت تسبح في ظلماتها لعقود.
لم تكن الفتوحات بالإيمان هبة مطلقة، كان أخذًا بالأسباب فنُصِروا.
الأخذ بالأسباب هو احد اركان الإيمان ايضا
كان منهم العلماء والأطباء الذين وضعوا أسس العلوم واشتقتها عنهم الحضارة الغربية
لم تكن للعرب حضارة قبل ظهور الاسلام .. و ارتبطت تلك الحضارة بحال العرب مع دينهم فاستمرت طالما كان العرب ملتزمون بدينهم و اندثرت عندما زال هذا الالتزام
ما أردت التأكيد عليه أن الدين والالتزام به ليس عبادات فقط، الدين سعي وجهد وبذل، يعني كان النبي يجهز الجيوش ويعد العتاد، طلب من الصحابة أن يتعلموا لغات الفرس والروم، حفروا الخندق، تاجروا، قال عمر بن الخطاب علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل.
ولا نصرة إذا جلس المسلمون في المساجد وأقاموا الليالي الطوال واكتفوا بذلك، الأسباب المادية والأخذ بها أصل أصيل من أركان الدين.
و لو كان نجاحها مرهون بالأسباب المادية لجاءوا في ذيل الأمم
ماذا تقصد بالأسباب المادية بذلك؟
أما من ناحية المال فهناك دول عربية قوية جدا من ناحية المال، ولكن المال ليس مصدر للسلطة، الأهم من ذلك هو العلم الذي سيسخر هذا المال ويجعله وسيسلة ومصدر للقوة
و لذلك فإن الدعوة العلمانية و التي هي في ألطف صورها تقول إذا أردتم أن تلحقوا بالأمم المتقدمة فلتتركوا الدين داخل جدران المساجد و لتأخذوا بأسباب العلم هي دعوة واهية منطقياً
بالتأكيد واهية، ويمكن الرجوع لما قاله جوته الاديب الألماني عن النبي، وكذلك برناردشو في كتابه الذي اسماه محمد، وقد أحرقته السلطات البريطانية، لندرك أن الدين أبدا ليس عائق للتقدم، ولا يتعارض مع السياسة، بل أجد أن التأخر الحادث اليوم عربيا هو بسبب عدم تطبيق مبادىء الاسلام سواء بالعمل أو بالاقتصاد أو بأي مجال من المجالات.
و قد جاء قول عمر بن الخطاب " نحن أمة أعزها الله بالإسلام فإن إبتغينا العزة في غيره أذلنا الله" وصفاً دقيقاً لحال هذه الأمة .. و هو لا ينطبق على العرب فقط .. و لكنه يصدق أيضاً على المسلمين من غير العرب .. فالإسلام هو دين المساكين
هذا يؤكد ما ذكرته يالأعلى، أن اتباع الدين الإسلامي وتعاليمه مصدر للعزة والسيادة، فقد جاء الإسلام والعرب أضعف الأمم متفرقين وجهلاء، حتى أصبحوا بعد ذلك أسياد الأرض، لذا المشكلة ليست أبدا بالعقل العربي، فلدينا عقول حققت انتصارات ملموسة علميا بالدول الغربية وأسمائهم معروفة بكل دولة عربية، لكن المشكلة في بعدنا عن الدين، إذ يقول الإمام مالك: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
ماذا تقصد بالأسباب المادية بذلك؟
الأسباب المادية هي كل ملموس و منظور .. هي نقيض الإيمان الذي منبعه القلب و الروح .. المال و العلم و القوة كلها اسباب مادية
فقد جاء الإسلام والعرب أضعف الأمم متفرقين وجهلاء، حتى أصبحوا بعد ذلك أسياد الأرض
نعم نزل الاسلام على قوم هم اضعف اهل الارض .. كانوا اشتاتا متفرقة يقاتل بعضهم بعضا .. ليس لهم دولة .. فغير الاسلام حالهم فقامت دولتهم و خافت منهم دول عريقة كالروم و فارس .. و برز منهم علماء عظام .. حتى ان خليفتهم كان ينظر الى السحابة في السماء فيقول لها شرقي او غربي سيأتيني خراجك
أعتقد أنّ هذه المساهمة تعبّر عن الكثير مما يشعر به العرب (وإن كان شعورهم خاطئاً طبعاً من حيث المعلومات) لماذا أقول خاطئاً الأن؟ أنا أقدّر جداً المشاعر التي تعيشها كعربي حالياً يجد بأنّهُ أضعف من أن يقوم بأي حركة اتجاه دول عظمى تحاول النيل منه وتمتصّه حرفياً ويومياً، ولكن هذا لا يعني بالمرّة أنّهم سلبونا على الأقل ملكة التفكير التي تحضّنا على إعمال العقل لا النقل، وهذه مشكلة عربية حقيقية، بأنّنا حرفياً صرنا آلات ناقلة للكلام والأيديولوجيات لا علاقة لها أبداً بإعمال العقل بما تنقل! وهذه التعميمات الموجودة بالنصّ هي أيديولوجيات مُرّرت عبر الأفلام والمسلسلات بعقلك فأثّرت بك جداً حين سمعتها أيضاً على لسان الناس، فمثلاً من قال لحضرتك بأنّ هذا الأمر منطقي؟
و لو كان نجاحها مرهون بالأسباب المادية لجاءوا في ذيل الأمم
هل ألقيت نظرة فاحصة فعلاً لكل الثروات المُختزنة إلى الآن في قوّة هذه البلدان العربية؟ وهنا لا أتحدّث عن مشتقات نفطية، بل عن اكتفاء ذاتي غذائي ومناخي وبشري؟ الوطن العربي لو كان نجاحه مرهوناً بالأسباب المادية لتفوّق على كل الأمم حرفياً، ولهذا أطلب من حضرتك مراجعة فقط القوّة المصريّة كقدرة إنمائية غذائية بشرية على الأقل بمقابل أي دولة أوروبية، نحن نعاني من ضعف إدارة موارد، لا نقصها كما أوروبا.
.. و على النقيض يمكن أن نلحظ كسل الإنسان الأفريقي .. و يمكن أن نشهد للإنجليز بتقديسهم للوقت
هذه أيضاً تعميمات أخذتها حضرتك بشكل لا واعي من ضمن المسلسلات والافلام الأوروبية العنصرية التي معظمها يظهر الإفريقي إلى الأن على أنّهُ متخلّف بليد كسول وغير قادر على إدارة نفسه، هذه صورة نمطية إعلامية، هل عايشت وتعايشت فعلاً مع أفارقة؟ أنا تعايشت مع الكثير منهم بحكم طبيعة عملي السابق وأؤكّد لك بأنّهم مثلنا مثلهم، يقدّرون أوقاتهم ويعملون بجد لتحصيل لقمة عيشهم، هذه صورة أيضاً يحاول الإعلام أن يلصقها بالمصريين، ورغم أنّي سوري أؤكّد لك بأنّ المصري يعمل مثله أيضاً مثل أي شخص عربي أو أوروبي، لا فروقات بينهم إلا بمعدّل الدخل بسبب طبيعة البلدان.
حاول تفنيد كل التعميمات التي أطلقتها حضرتك، لإنّهُ باعتقادي هذا الأمر يستحق لاتضاح الرؤية أكثر.
خلاصة ما ردت ان تقول ان ما جاء في المساهمة هي عبارة عن افكار تم حشوها في عقل صاحب المساهمة بشكل لا واعي منه و ان صاحب المساهمة قد تم تدجينه عن طريق الاعلام و السينما .. و هذه عادتنا كعرب فدائما ما يتم توجيه النقد الى صاحب الفكرة لا إلى الفكرة ذاتها .. عموما هذا رأيك و لك فيه مطلق الحرية .. و أنا ادعوك لقراءة المساهمة مرة أخرى .. فلن تجد فيها أي نوع من التعميمات .. قلت بشكل واضح انه لا يمكن اطلاق صفة ما على كل افراد المجتمع .. و لكن هناك سمات غالبة يمكن بها تمييز مجتمع عن اخر .. و هذا ما يعرفه علم الاجتماع بالضمير الجمعي .. فعندما اقول ان الانسان الأفريقي كسول فهذا لا يعني ان كل اسود كسول و عندما أقول ان اهل محافظة الشرقية في مصر كرماء فهذا لا يعني انه ليس بينهم بخيل
التعليقات