العنوان جميل صحيح؟ تود مثلاً أن تذهب لباريس ١٠ أيام فتذهب ١٠ أيام وتقول حسناً اود ان اذهب الى لندن ساعتين ثم أمريكا ساعتين ويحدث ذلك ثم تقول اود الغوص في المحيط الهادي ثم تقول اود أن أذهب الى بيتي الذي سيكون قصر لأنك ستطلب الكثير وسيتحقق ستطلب أن يحبك كل الناس فيحبك كل الناس ولربما تجرب ان يكرهوك فيكرهوك تجد مليارات التغريدات ضدك ثم تود أنك تلعب كرة قدم مع لاعبين مشاهير ثم تذهب الى كل شيء أنت توده فهل هذا لو كان واقعاً سيكون شيء جيد؟ الحقيقة الغير مروية أنه سيكون له تبعات لا يمكن صدها وتذكرت أنني قرأت برواية أنه كان هناك شخص يعيش سعيداً للأبد دون تحقيق شيء كان على أجهزة وأسلاك ممددة في رأسه ليعيش سعيداً وهو لم يحرك حتى تطبيق بهاتفه فماذا لو تحولت الحياة الى فقط رفاهية دونما ادنى عمل راحة ما بعدها راحة كيف سيكون شعور الأنسان وهو لا يحقق شيء إلا وكان محققاً قبله فحتى لو أنه أراد البحث في علم جديد لأكتشفه في ثانية من وجهة نظري أظن هذا سيكون جحيم فعلي فالنتائج أصبحت بلا طعم ولا نكهة حتى ذاك الذي تسلق جبل ايفرست شهور سيصلون الناس بسرعة فلو أفترضنا أنه تحقق كيف سيكون المجتمع البشري؟
ماذا لو كان كل ما نطلبه يتأتى؟
أحب أن أناقش هذا السؤال الرائع بشكل أكثر ميّال إلى الفلسفة لنكون معتمدين على أشخاص قد فنّدوا هذا السؤال بكثير من الحرص فعلاً والتفكير، يرى بعض الفلاسفة أنه إذا تحقق كل ما نطلبه فسوف نفقد إحساسنا بذواتنا ونصبح مجرد ألعاب حقيقيين في أيدي رغباتنا، يعني بالمختصر سنكون عبيد لرغباتنا ولما نريد، أسوء وأغرب أنواع العبودية، ولكن لم ينتهي الجدال هنا، بل جادل غيرهم بأننا سنشعر بالملل وعدم الرضا! تخيّل أن تملك كل شيء وتشعر بعد الرضا، حيث لن تكون هناك تحديات أو عقبات يجب التغلب عليها!
والحياة دراما تحتاج إلى هذه الأمور كثيراً، أي الصراعات.
ولكن على ذلك يبقى السؤال صعب، معقد وليس له إجابة سهلة. نراه على فكرة في الكثير من الروايات والأفلام وما يزال محط جدل ولكن إذا عدنا لرأيي، أستطيع أن أميل إلى أمرين هم محتملين بشكل كبير، محتملين الحصول:
- أولاً قد نصبح أنانيين بشكل غريب، لن نهتم بأحد على عكس ما نعتقد، أنّ الوفرة تولّد العطاء.
- ثانياً قد نصبح وحيدين! إذا لم نضطر إلى العمل أو إلى أي شيء كيف سنقابل الناس؟ لا طريقة، الكل سيطمع بك ولن يعطوك علاقة خالية من شوائب المصلحة، وبالتالي وحدة شديدة.
يرى بعض الفلاسفة أنه إذا تحقق كل ما نطلبه فسوف نفقد إحساسنا بذواتنا ونصبح مجرد ألعاب حقيقيين في أيدي رغباتنا، يعني بالمختصر سنكون عبيد لرغباتنا ولما نريد، أسوء وأغرب أنواع العبودية،
قرأت هذا الرأي من قبل وهو فعلأً جدير بالتأمل. فالفرحة بالإنجاز و الشعور بانك أديت شيئاً تأتي بعد أن تعترضك قيود كثيرة ثم تتعالى عليها وتذللها وتنجز ما تريد. هنا تتحقق الحرية الإنسانية وهنا ينعتق الإنسان منا حتى من أسر رغباته وأسر الحاجات المادية. وهنا تتحقق الإنسانية وينمو أشرف ما فينا وهنا نصبح بشراً نتعاطف ويشعر بعضنا ببعض. ولكن هل نصير ألعاب في الجنة إذا كتب لنا الله دخولها؟! فأنت تعلم أنً فيها ما يقول صاحب المساهمة بأن الفكرة تخطر على بالك فتصير محققة؟! فهل سيأتي يوماً ونمل الجنة؟! هذا سؤال أسأله لنفسي ومن حولي أحياناً: إذا كانت الجنة خلود في خلود وراحة أبدية وليس فيها ما يعترضنا من منغصات فيكف سنستمتع بها؟! ولهذا أعتقد أن في العالم الآخر هناك كمالات ننالها إلى الأبد وسنطمح للمزيد من الرقي فيها ولن ينتهي كما لا تنتهي كمالات الله لأنه هو المطلق غير المتناهي. هل توافقني؟
ولكن هل نصير ألعاب في الجنة إذا كتب لنا الله دخولها؟
هذا سؤال غيبي ديني، لكنه مهم جداً ولطالما تعاملت معه في عقلي وقلّبته بالفعل، ولذلك تعال نتعامل معه في طريقة مختلفة، أن نتعامل معه كسؤال فلسفي نستطيع الحكم عليه والتفكير فيه، أنا برأيي مثلاً أن هناك إجابتين لسؤال حضرتك، الأوّل أن نعم سنكون كذلك، ولكن هناك شيء فيّ يدفعني على أنّ أقول أنّ هذا المكان وظيفته إسعادي فبالضرورة لن يقوم بتهديمي أو سماح حتى لنفسي بأن أهدمها. لنصير فعلاً في الخيار الثاني، الاحتمال الثاني الذي يجعلني أتصوّر أن ذلك المكان سيكون بماهية وقواعد لا تشبه قواعد عالمنا الحالي وبالتالي ما يزعجني هنا قد يفرحني هنا وهكذا.
على أنّ أقول أنّ هذا المكان وظيفته إسعادي فبالضرورة لن يقوم بتهديمي أو سماح حتى لنفسي بأن أهدمها. لنصير فعلاً في الخيار الثاني، الاحتمال الثاني الذي يجعلني أتصوّر أن ذلك المكان سيكون بماهية وقواعد لا تشبه قواعد عالمنا الحالي وبالتالي ما يزعجني هنا قد يفرحني هنا وهكذا.
نعم، هذا ما نعتقده نحن أيضاً. فماهية وقوانين العالم الآخر غير عالمنا بالمرة ولن يكون تلذذنا بالأشياء لحظي فوري كما ها هنا في الدنيا. اعتقد أن اللحظة في ذلك العالم هو الخلود بعينه وأعتقد أننا سنكون على بناء وتركيب يجعلنا مناسبين لطبيعة الخلود في هذا العالم رزقنا الله الجنة جميعاً...
هذا المستحيل بالنسبة لنا الآن حلم، لأننا تعبنا وأرهقنا من الجري وراء الأحلام والسعي من هنا إلى هنا، خاصة أن العصر الحالي يفرض علينا السرعة والمنافسة الشديدة والتميز حتى نصل لما نريد، وإلا لن نصل وسنتأخر، لذا ما تقوله قد يكون حلم للكل، وسيكون رائعا الحصول على كل شيء دون جهد لأننا جربنا بذل الجهد وعرفنا معنى التعب والسهر للحصول على الشيء، لكن مع مرور الوقت وأن تظل الحياة هكذا، سيفقد الانسان الحافز لتحقيق أهدافه، لن يكون هناك رغبة أو إلهام في تحقيق أهداف جديدة لن نشعر بلذة الحصول على الشيء والاستمتاع به لأننا لم نتعب بالحصول عليه
لو كان كل من يتمناه المرأ يدركه فالحياة حينها ستغدو مملة وغير قابلة للتحمل، ربما الفروقات المادية والفكرية والصحية تعد نعمة ينبغي علينا الاقرار بفضلها..
هذه الفروقات، وذاك العجز عن الحصول على كل شيء، هو ما يجعل الناجح يحس بالامتياز، وفي نفس الوقت هو ما يجعل الفاشل يحس بضرورة العمل أكثر لأجل بلوغ النجاح.
الحصول على كل شيء بسهولة؟ ذلك سيخلق إنسانا مدللا يتمادى في التكاسل والتواكل.
في الحقيقة أرى أن الحياة ستكون عشوائية جدًا وعبثية، تخيل أن نستيقظ كل يوم وهذه المليارات البشرية تتعامل مع تفاصيل الحياة بهذه العشوائية، شعرت للحظة أن هذا قد يصيبنا بالجنون، إلا أنّ السعي للأهداف والمشي بخطوات واضحة وثابتة قد تكون أكثر منطقية، كما أن هذه الصعوبة التي نجدها في تفاصيل كل يوم هي ما يدعونا للاستمرارية، ألا ترى أن الناس يستمرون لأن لديهم أهدافًا لا يستطيعون تحقيقها؟
التعليقات