قبل أيام خضتُ نقاشًا مع زميلتي تخبرني فيه بأن متابعة الأخبار للدول المسلمة المغتصَبة هو مضيعة للوقت، وإهدارٌ للدموع، وتنبيش في أحزان القلب، وكل هذا بدون أن يستفيد أهل الكربة في شيء. قالت لي "مالذي سنقدمه لهم حين نبكي عليهم من خلف الشاشات؟ أكره أن أتابع وأسمع أخبارهم؛ فلن يفيدهم حزني في شيء، ولنكتفي بالدعاء لهم فحسب!" لم أتمكن من الرد عليها في وقتها، لأني ظننتُ أنهم يريدون سلامًا لا دموعًا، وسلامهم ليس بيدي. وفي وقت لاحق، أدركتُ أنها كانت على خطأ، فلطالما كان بكائي ومعرفتي عن أحوالهم بمثابة مواساة خفية، ومعرفتي تلك تقودني إلى نشر مقال عنهم، تقودني رسمهم، إلى التبرع لهم، إلى جعل مشروع تخرجي يدور حولهم، معرفتي تقودني إلى كتابة رواية من ثلاثمائة صفحة عن آلامهم، المعرفة تجعلني أقرب لهم.
لماذا نعرف؟!
صحيح، من المؤسف حقاً أن هذا الخطاب وهذا الإدعاء لا نزال نسمعه حتى الآن من البعض الذي يرى في مآسي الأمة شأناً لا يعنيهم، وأنه حسب زعمهم مجرد تكديس للهموم والأحزان في القلب، وهل التغافل والغفلة كانت حلًا يوماً ؟
أولاً، من باب ترابطنا كأمة واحدة ومسؤوليتنا تجاه اخوتنا المضطهدين في مختلف الدول، فإن دعاءنا ومشاعرنا وحزننا عليهم هو من الأمور التي نحن مطالبين بها، كما أن واجبنا هو نصرة المظلوم بقدر استطاعتنا ولو كان ذلك بمجرد منشور على مواقع التواصل الإجتماعي نذكر فيها بمعاناتهم وقضاياهم، وإنكار ما يحدث لهم ولو بالقلب هو أضعف الإيمان ولكن أفضل من غض الطرف عنهم وتجاهل وجودهم.
ثانيًا، إن مثل هذه الأحداث والفظائع بمكنها أن تزحف كما يمكن تصديرها، فهذه الأمور التي تقوم أنت وغيرك بتجاهلها بحجة أنها تحصل خارج دائرة محيطك، قد تنتقل إليك لا قدّر الله، لذا فنحن عدونا واحد، ومطالبتنا بإيقاف ما يحدث لأخوتنا من اضطهاد وإن لم يحدث فرقاً إلا أنه يوجه رسالة بأننا شعوب واعية بما يحدث ورافضين له.
ثالثاً، الضغط الإعلامي والشعبي عبر مواقع التواصل الإجتماعي نقطة قوة لابد من استغلالها، ولنا في ذلك عدة أمثلة ناجحة دللت على تأثير حملات مواقع التواصل الإجتماعي والتفاعل النشط فيها على مجريات الأحداث في بعض الدول مثل قضية حي الشيخ جراح وهاشتاق #أنقذوا_الشيخ_جراح في فلسطين، وهاشتاق #blueforsudan منذ سنوات وتسليطه الضوء على الثورة السودانية، كل هذه الامثلة هي رد مفحم لمن يقول أنه لا فائدة من الإهتمام والنشر والبوست والستوري ووو..
رابعاً، رضا النفس والضمير، بأنك واجهت الظلم وأنكرته ولو بقلبك، وحزنت على من يعاني في تلك الدول وهذا دليل على حياة قلبك، هو أحد أهم الثمرات في هذا الجانب.
أختي الكريمة نسيبة مشاركتك هذه تثير موضوعًا هامًا حول أهمية معرفة الأحداث والقضايا في العالم. على الرغم من وجهة نظر زميلتك التي تعتبر أن متابعة الأخبار ليست ذات جدوى، إلا أنك ترى أنها تساعدك على التواصل والتفاعل مع قضايا الآخرين وتلهمك للمشاركة الفعلية في دعمهم وأنا أتفق مع وجهة نظرك التي تأتي على النقيض من وجهة نظر زميلتك
وأعتقد أنه يمكن أن نعزز هذا النقاش بتسليط الضوء على أهمية الوعي العالمي والتضامن الإنساني. فالمعرفة تمنحنا فهمًا أعمق للتحديات التي يواجهها الأخرون وتعزز قدرتنا على المساعدة والتأثير الإيجابي.
ومع ذلك، يجب أن نجد التوازن بين الاهتمام بالأخبار ورعاية صحتنا العقلية. فقد يكون من الضروري تحديد الوقت المخصص لمتابعة الأخبار والتعامل معها بطريقة صحية، مع التركيز على العمل الفعلي والمساهمة في حل المشكلات والدعم المباشر.
وقد تكون الصلاة والدعاء هي وسيلة هامة للمساهمة في حياة الآخرين، ويجب علينا أن نقدر ذلك لأن فيه من الحقيقة بمكان .
نحن نعرف ونسعى للمعرفة لعدة أسباب:
1. تحقيق النجاح والتقدم: بمعرفة المزيد من المعلومات واكتساب المهارات، يمكننا تحقيق النجاح والتقدم في حياتنا الشخصية والمهنية. تعزز المعرفة قدراتنا وتساعدنا على اتخاذ قرارات أفضل وتحقيق الأهداف التي نسعى إليها.
2. الفضول والاستكشاف: الفضول هو طبيعة بشرية، حيث نشعر برغبة قوية في استكشاف وفهم العالم من حولنا. نعرف لأننا نرغب في توسيع معرفتنا واكتشاف أفكار ومفاهيم جديدة.
3. التفاعل الاجتماعي والتواصل: عندما نكون ملمين بالمعرفة في مجالات مختلفة، يمكننا التواصل والتفاعل مع الآخرين بشكل أفضل. يساهم التعرف على مجالات متنوعة في إثراء المحادثات وتبادل الأفكار والخبرات.
4. التطور والتغيير: العالم متغير باستمرار، وتكنولوجيا اليوم تتطور بوتيرة سريعة. لذلك، فإن الحفاظ على معرفة مستمرة يساعدنا في التأقلم مع التغييرات والابتكارات الجديدة والبقاء على اطلاع على أحدث المستجدات.
5. النمو الشخصي والتحفيز: يعزز الاستمرار في التعلم والمعرفة الشخصية والتنمية الذاتية. يمكن أن يحفزنا تحقيق تقدم في المعرفة على مستوى شخصي وتعزيز ثقتنا في الذات وتوسيع آفاقنا.
بشكل عام، الرغبة في المعرفة هي سمة بشرية أساسية تدفعنا لاستكشاف العالم وتحقيق النمو والتطور الشخصي.
التعليقات