ليس ثمة متأخرٌ في هذا العالم ولا متقدم، نحن لم نفهم الأُحجية بعد، بالماضي عندما كنا صغاراً نلعَبُ ألعابا كثيرة نتقمص في كل منها دورًا معينا وشخصية جديدة، كل مرحلة بظروفٍ مختلفة، متطلباتٍ ومكافئاتٍ من نوع آخر، ما لم نفهمه صغاراً ونحن نركض نحو المرحلة الجديدة للحصول على مستوى جديد في اللعبة؛ أن المعادلة لا تختل، إن المعاملات تتغير على الطرفين لكنها لا تزالُ معادلة، وفي جميع الأحيان ومهما كانت النتائج على الضفة الأخرى فإن الضرائبَ على الضفة تحت أقدامنا ستكافئُها ولابد!، وعليه فإننا أبدا لن نتوقف عن الركض ظانين بأن هناك في البعيد مكافئاتٍ أفضل ناسين أمرَ الضرائب.

ولذلك سيدي ، فلا أظن أن علينا أن ننتظر شيئاً، لأن الأمر بعد تجريده يحوي نفس العناصر بمسمياتٍ جديدة، وأنت في كل أمركَ لاعبٌ فحسب، تنتقل من دَور لآخر، وتتبادلكَ الظروف فيما بينها!"

"ليسَ على الطالب أن يبقى طوال مدة دراسته مستثقلا أمر التعلم يمررُ الأيامَ كما يتجرع كأس العلقم، ويرى في كدحهِ معاناةً، وفي اجتهاده سقوطا في محل الضحية، ثم يقضي نصف عمره منتظرًا للنصف الآخر حتى إذا أتى رثى ماضيه وحَنّ إليه!.

الإنسان كائنٌ مملٌ ، إنه يكرر نفس الأشياء ويدور في نفس الدائرة لمراتٍ ومراتٍ ولا يرده عن دورانه إلا كارثة في المركز تطيحُ به..

هذه الحياة التي نعيشها والمؤلفة من بلايين اللحظات، ليس علينا أن ننفق نفيسها الغالي في انتظار الأشياء المتأخرة، أو حتى الاعتقاد بكونها متأخرة، إذا كان القطار يسيرُ باستمرار فإنه حتما سيدركُ جميع محطاته كُلاًّ بموعده لن يتأخرَ شيء، لكن المتأفف بالمقعد الخلفي ينتظرُ محطته ستفوته متعة الشرود على النافذة بمنظر الخضرة والأسطح الزرقاء ومئات القصص العظيمة التي يحكيها منظرٌ عابر..

لذلك أظن أن اللحظة الحالية أثمن من أن تنفق في التفكير في لحظة أخرى بقلق أو خوف أو حتى تأمل وبالطبع لا يحق لها أن تُنفَق في انتظار بعيدٍ محتمل، لذا عِش يومك يا كِنان وانظر تحت قدميكَ قبل أن ترمي بصرك لما وراء البحر.."