البشر، تسلية للإله


التعليقات

كل ما قمتي به في هذا الموضوع هو طرح أسئلة متعددة، و تنتظرين الإجابة عنه.

لكن قبل أن نخوض في جدال الأجوبة، أود أن أطرح سؤالا:

هل بمقدور العقل أن يناقش في أشياء هي غيبية عنه و لا يملك وسائل لتقييمها؟ لأن كل ما ذكرتيه غيبي لا قدرة للعقل البشري من خوض نقاش عقلاني فيه غير الفضفضة التي تعطي حلا.

فكل العلوم المكتشفة حاليا هي نتاج التجارب العلمية، فأنى لنا القيام بتجربة في الموضوع الذي طرحت؟!

ثم إن الإيمان لا يقتضي منا معرفة أجوبة كل الأسئلة، كما لا يقتضي منا الإيمان بقوة العلوم معرفة كل العلوم.

لا يبدو الأمر مثيراً بالنسبة لي فقد مر في حياتي الكثير من الاشخاص الملحدين، أو الادينين وغيرهم من الفلاسفة أو الباحثين خلف حدود العقل البشري.. و لكني لم أقتنع للحظة بهذا السؤال ولم أشعر بالحيرة أو تبني مثل هذه الوجهات من النظر التي قد تريح العقل البشري وتجعله يرفض وجود الخالق وما يمليه علينا من فروض و واجبات أو تحذيرات ولدي قناعة تامة بأن الذي خلقنا وعلم آدم ما لا يعلم واحتفظ لديه بالأسرار العليا هو أعلم بسر خلقنا وأن عقولنا وتفكيرنا المحدود لن تصل للغاية من ذلك فالله غني عنا وعن عبادتنا أو معصيتنا، ولكننا من نحتاجه ونسعى لرضاه..

أعتقد أن المشكلة الحقيقة التي تنبع منها هذه الأسئلة لا ترتكز على العقل وإنما ترتكز على الحب والعاطفة وهنا أستعير عبارة ايليا أبو ماضي "أنا بالحب قد وصلت إلى نفسي وبالحب عرفت الله" ولذلك معظم الذين تاهوا في هذه الجدلية كانوا يعيشون حياة عبثية أو يركضون بالاتجاه المعاكس وبعضهم أقدم على الانتحار طالما أن لا جدوى فلم لا ؟

لكني أثق أن الله موجود ولهدف أكبر مما نرى وأسمى مما نعتقد حتى أننا لم نصل بعد للفكرة والهدف من وجودنا الحقيقي وهو أبعد من فهمنا للأيات سواء في القرآن أو الكتاب المقدس أو غير ذلك ولعل هذه الأسئلة تعيقنا عن فكرة الحياة والاستمتاع بها فيقول جلال الدين الرومي : اعلم أن كل نفس ذائقة الموت ولكن ليست كل نفس ذائقة الحياة.

موضوع الأمانة التي أخذها البشر . يفترض بان كل من لا يقلد الدين في قوانينه لا يستطيع الوصول الى الصواب , لكن كل انسان عاقل يعرف بان الدين لا يمكن له ان يكون على صواب دائما لانه وضع من قبل بشر واستخدام العقل هو السبيل الوحيد للوصول ولمعرفة الصح من الخطأ , ( وطبعا المسلم لن يوافق على هذا الكلام ويقول بان الدين من الله وليس من البشر ! ) لكن مهلا لو افترضنا ان الدين من الله وليس من البشر , هل من الضروري ان يخاف الانسان من الله ومن عقابه حتى يبتعد عن الخطأ ؟ لا اعتقد ذلك بل اعتقد ان الجاهل فقط من يحتاج ان تخيفه بجهنم او تطمعه بالجنه حتى يفعل الصواب ويبتعد عن الخطأ , ألا ترى بان هذا التصرف يشبه تصرفنا عندما نريد من الطفل الصغير ان الا يلعب بالنار او بالكهرباء مثلا حتى لا يؤذي نفسه , لا يمكننا ان نشرح له ما هي الكهرباء او النار وما هي مخاطرهما وذلك لان عقله صغير ولا يستوعب لذلك يلجأ بعض الاهل لان يخيفو الطفل بشيء خيالي مثلاً "البعبع" او "السعلوه" او الاشياء الخياليه الاخرى ليخاف الطفل ولا يعود ليلعب بها مرة اخرى , او الطفل في المدرسه نطمعه بان نشتري له هديه مثلا اذا درس وحصل على درجات ممتازة , هذا سيدفعه للدراسه وهو لا يعرف بانها سوف تفيده في المستقبل , هذه الاشياء تشبه فكرة الله ولكنها تنفع فقط مع الجهلاء من القوم ومع من لا يستخدم عقله ولا يفهم شيء وليس مع الانسان العاقل الذي يفكر ويفهم لانه ليس بحاجه للترهيب او الترغيب ليكون انسان صالح لانه يعرف بان مردود التصرفات الصحيحه اليه , على فكرة لا يخرج لنا قائل ويقول (( بأن الانسان لا يستطيع فهم كل شيء والله وحده هو من يعرف كل هذه الامور لذلك وضع لنا هذا الدستور والقوانين ويجب اتباعها )) لان هذا الكلام سخيف ويجعلني اقول المقوله التي دائما اكررها واقول بان المسلم لا يعطي قيمه لنفسه ولا لعقله وهو يفترض مقدما بانه غبي ولا يستطيع التفكير لذلك نجدهم متمسكين بأيمانهم لانهم لا يريدون ان يستخدمو عقولهم وهذا ما اقنعنهم به كهنة الاسلام (الشيوخ) , وهذا الفرق بين المسلم والمفكر .

انت تشغل نفسك بمخاوف لا جدوى منها،

انت دائماً عرضة لوساوس الشيطان. وبكلمات أخرى إذا كان الإنسان مخدوعاً بهذه الحياة الدنيا لا يستعمل قوة إرادته ويتصرف بوعي، وإذا سمح لنفسه بالانجراف بمجرى الأحداث فإنه يصبح تحت سيطرة الشيطان بشكل كامل. فإقلاق

فمثلاً، ٲب عنده شاب يدرس لامتحان جامعي، قد يخترع سيناريوهات لما قد يحصل فيما لو رسب ولده في الامتحان قبل أن تجري الامتحانات: "إذا رسب ابني في الامتحان، فإنه لن يستطيع أن يجد وظيفة جيدة في المستقبل يكسب منها ما يكفي من المال، ولن يكون قادراً على الزواج، ولو تزوج سيستطيع تحمل مصاريف حفل الزفاف؟.. إذا فشل في الإمتحان فإن كل ما صرف من مال على الفصول التحضيرية سوف يذهب هباء، وفوق هذا سوف نكون محتقرين في أعين الناس... ماذا لو نجح ابن صاحبي ورسب ابني..."

وسوء الفهم هذا سوف يستمر ويستمر، مع ان ابن هذا الشخص لم يخضع للامتحان بعد. وخلال حياته كلها لا يمكن للإنسان البعيد عن الدين أن يقاوم مثل هذه المخاوف التي لا ضرورة لها، وهذا بالتأكيد له سببه. ففي القرآن ذكر السبب الذي يجعل الناس غير قادرين على التحرر من هذا القلق هو أنهم يعيرون سمعاً لوساوس الشيطان، إذ يقول الشيطان?ولأضلنّهم ولأمنينّهم..

ولذلك فإن التشاؤم وسوء الفهم والمخاوف المتحكمة في الذهن مثل "لماذا يخلقنا الله وماذا سأفعل إذا حصل كذا وكذا " سببها وساوس الشيطان

المهم ان نعرف أن هذه الأفكار لن تنفع الإنسان بل على العكس سوف تمنعه من التفكير بالحقيقة، والتفكر بأمور مهمة وبالتالي تطهير ذهنه من الأفكار غير المجدية. فلا يمكن للإنسان ان يتفكّر بطريقة صائبة إلا إذا حرر ذهنه من الأفكار التافهة. وبهذه الطريقة "يعرض عن اللغو"

انا لا اقول انه ليس على الناس ان يتجنبوا التفكير ولكن عليهم أن يتجنبوا السلبية أو الانجراف في الوسوسة المبالغ فيها وسوء الفهم

ولأن أولئك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر يتفكرون دون أن يلزموأ أنفسهم بالخير والصلاح، فيتفكرون، ولكن بطريقة سلبية، فإنهم يخرجون من تأملاتهم بخلاصات لا تعود عليهم بأي نفع. فمثلاً، هم يتفكرون في كون الحياة الدنيا مؤقتة، وفي حتمية الموت في يوم من الأيام، ولكن هذا الأمر يثير لديهم الكثير من التشاؤم، بعضهم يتشاءم لأنه يعلم أنه يمضي هذه الحياة المؤقتة في معصية الله، ويحضر نفسه لنهاية بائسة في الآخرة، وبعضهم الآخر يتشاءم لأنه يعتقد أن أثره سيتلاشى كلياً بعد الموت

أما الشخص الحكيم الذي يؤمن بالله واليوم الآخر فإنه يخرج بنتائج مختلفة تماماً عندما يتدبر في حقيقة هذه الدنيا الفانية.. فقبل كل شيء إدراكه لكون الحياة مؤقته يدفعه الى المجاهدة بشدّة من أجل حياته الحقيقية الأبدية في الآخرة. وبما أنه يعرف أن هذه الحياة سوف تنتهي عاجلاً أم آجلاً، فإنه لا ينجرف في طلب شهوات ومتاع الحياة الدنيا، بل على العكس من ذلك، فإنه يعرض عنها الى أبعد الحدود.. لا شيء في هذه الدنيا الفانية يزعجه فهو دائماً راضً عمّا قسمه الله له من نعم وجمال، لأنه يعلّق آماله على الفوز بالحياة الأبدية المرضية. فقد خلق الله تعالى هذه الحياة الدنيا غير كاملة ليبتلي الناس، والمرء الذكي يفكر: إذا كان هذا العالم غير الكامل فيه هذا الكم من الجمال الذي يسعد الانسان، فلا بد أن جمال الجنة فاتن الى درجة تفوق الخيال، فتراه يأمل أن يعاين في الدار الآخرة منبع كل جمال يشاهده في هذه الدنيا. وهذه القناعات كلها لا تتأتى لديه إلا عبر التفكر العميق.

ولذلك فمن الخسارة بمكان قلق الانسان من ان يصيبه التشاؤم إذا ما وصل الى الحقيقة ، وبالتالي تفاديه التفكر، لأن الانسان الذي يفكر دائماً بإيجابية، ويعلل النفس بالرجاء بفضل إيمانه بالله، ما من أمر يقوده الى التشاؤم.

مبدأيا الإلحاد في حد ذاته اعتقاد يعني دين، لكن سأحاول أن أجيبك بحيادية تامة قدر المستطاع لكن الأمانة تقتضي أن ألفت نظرك أن سيكون للهوي مجال ايضا لكن سأخاول جعله صغيرا جدا.

أسئلتك تحتاج للكثير من الكلام والإبانة والوقت لكنى سأحاول الاختصار:

إن مجرد الظن بأننا الوحيدون في هذا الكون خطأ فمعنا عوالم كثيرة لا يعلمها إلا الله وقبلنا عوالم كثيرة لا يعلمها إلا هو وكذلك بعدنا، وفي قصة خلق آدم وردود الملائكة دلالة علي ذلك لمن وعى، فقد كان قبلنا خلق مثلنا وفعلوا ما استنكره الملائكة، ونحن علي الأرض نقطة من محيط الكون فلسنا وحدنا ولسنا أول الخلق هذه نقطة.

أما لماذا يخلقنا الله وليس له منفعة منا؟ أولا صدقت كل الصدق في كونه لا ينتفع منا بشئ فهو الغني عن خلقه، وقد خلقنا الله لنعبده عن اختيار، فمعلوم لديك وللجميع أن الملائكة عليهم السلام مجبولون على الطاعة فلا يملكون غيرها أما نحن فإذا أطعنا فإنا نطيع عن محض اختيار، والله يستحق ذلك بذاته ولذاته، فالطاعة عن اختيار وحب غاية جعلنا الله لأجلها ولا شك أنك تفهم الفرق بين الاثنتين فرغم أن الله لا يحتاج لطاعتنا ولا تفيده في شئ إلا أنه أحب أن يطاع محبة واختيارا فكما قلت هو يستحق ذلك وحتى يحدث ما يستحق أوجدنا فإن لم يوجِد خلقا مثلنا لما حدث ما يستحقه، فكنا نحن هذا الخلق والحمد لله.

أما ماذا كان يفعل قبل خلق الكون؟ فإن تقصد بالكون أى أول مخلوق ولا تقصد بالكون الأرض ومن عليها فلن يجيب أحد علي هذا السؤال والجهل به لا يعنى أبدا شيئا مشينا ولا تقليلا منا ولا يعنى أبدا التسلية منه حين خلقنا، ثم لماذا تراها تسلية ولا تنظر إليها من زاوية أنه يحبنا طائعين له اختيارا رغم المغريات في المعصية والمكاره في الطاعة؟ حتى البشر -ولله المثل الأعلى- ألا ترى ان البشر يحبون من يحبهم دون مصلحة أى الذين اختاروا أن يحبونهم ويتقربون منهم لأجل ذواتهم لا لأجل أنهم أغنياء أو علماء وغير ذلك، فقد جعل الله فينا هذا المثال حتى نفهم السبب وراء خلقنا.

يتبع

نأتي للنقطة الثانية: لماذا أعطانا الله الحرية وأمرنا بفعل الصواب ثم يعاقبنا على المعصية؟

أعطانا الله الحرية لتحقيق ما تقدمنا به وهو الطاعة عن محبة واختيار فإن لم تكن لنا الحرية في اختيار طريق الطاعة من عدمه فلا اختيار إذن.

أما امره لنا بفعل الصواب فأنت انتقيت الكلمة المناسبة "الصواب" وفي معناه الإجابة علي هذا التساؤل أى أمرنا بذلك لأنه صواب، ألا ترى أن الوالدَين يأمران صغيرهما بالصواب على الأقل ما يرونه صوابا من وجهة نظرهما، وكذلك الدول جميعها تأمر مواطنيها بذلك وهذا للصلاح والإصلاح.

بالنسبة للعقاب فإن فلسفة العقاب في حد ذاتها لا تتنافى مع الحرية والاختيار فأنت حر تفعل ما تريد لكن يجب عليك تحمل مسؤولية اختيارك فلا تختار الخطأ ثم تقول أنت جعلتنى مختارا فلماذا تعاقبنى! فحرية الاختيار لا تعني أبدا التنصل من مسؤولية هذا الاختيار، وبمثال بسيط ولله المثل الأعلى إذا أعطيت ابنك مالا فأنت تجعله بالخيار يشتري ما يريد لكن إذا اشتري شيئا مضرا ماذا تفعل له؟ فلنفترض مثلا أن الطبيب منعه من الشيبسي ووجدته قد اشتري بالمال منه فأنت تعاقبه كما تراه مناسبا، لماذا؟ لأنه اختار الشئ الخطأ، فإن كان له أخ واشترى قلما أو كراسا فأنت تكافئه لأنه اختار الاستثمار، مع أن مثل هذه الأشياء أنت تشتريها له بعيدا عن مصروفه، فإن كان لهما أخ آخر واشتري شيئا غير ممنوع منه وغير مفيد كالقلم فأنت لا تكافئه ولا تعاقبه، فإن كافئته لأنه لم يشتر شيئا يضره فأنت حر هو فى النهاية مالك؛ هذه أمثلة بسيطة للأمر.

ثم لو لم يكن هناك عقاب فهل يُترك الظالمون بعد ظلمهم ومن أخذ حق هذا وسرق مال هذا؟ بالطبع لا يمكن فوجب العقاب.

فإن قلت ولم يجعل الله ظلما بين الناس ولا ينهيه وهو بيده كل شئ؟ أجيبك بمثال بسيط أيضا ولله المثل الأعلى: إن كان هناك رجل غني كل الناس تأتيه وكلهم يقولون أنهم يحبونه لذاته لا لماله فمن يأتيه إذا افتقر هذا الرجل؟ المحبون بصدق فقط هم الذين سيكونون بجانبه أما غيرهم فسينفضوا من حوله وهذه أمور يؤيدها الواقع، فكيف علمنا الصادقين في محبتهم من أصحاب المصالح الكاذبين؟ حينما حدث اختبار حقيقي للناس بأن افتقر هذا الرجل الغني. وهكذا حالنا نحن إذا كنا جميعا في رخاء وغني ولا توجد مظالم ولا ما يشبهها فكيف كنا لنعلم الصادقين في طاعتهم من الكاذبين؟ هذا فضلا عن أنه يجب لتكامل المجتمع وجود الناس في درجات مختلفة كي يحتاج بعضنا بعضا.

يتبع

نأتي للنقطة الأهم: لماذا يجعلنا في عسر وليس راحة؟

هذا يعتمد علي تفسيرك لمعنى العسر ومعنى الراحة، هل تعني بهما الغني والفقر؟ أم القنوط والرضا والصبر؟ أم أشياء مثل المرض والحروب ومثله؟

إن كنت تقصد الغنى والفقر فكم فقير مرتاح وغنى غير مرتاح وهذا مما في واقعنا ومع ذلك فكما قلت لو كنا كلنا جميعا أغنياء سنعود ايضا لحالنا فلو كنا حقا كذلك من يعمل عامل نظافة ويجمل الشوارع؟ فإن لم يوجد لأننا جميعا أغنياء لا نحتاج لمثل هذا العمل فتخيل كيف تكون حياتنا، حينها سنعيش حرفيا بين أكوام قمامة أو كلنا يعمل عمال نظافة، ومن يبني لنا القصور ومن يطليها ومن يصنع أبوابها ومن ومن ومن؟ وحينها لن نستطيع أن يعمل الواحد منا كل هذه الأعمال لنفسه.

فإن كنت تقصد القنوط والرضا أو الصبر فهذه في يد كل واحد منا وهي من الأمور التي بها حرية اختيار.

فإن كنت تقصد الأمراض والحروب ومثل ذلك فإن الإنسان غالبا ما يعتاد النعمة فإذا اعتادها كانت الطامة الكبرى فإنه حينها لا يؤدي شكرها ولا حقها بل ويستخدمها في كثير من الأحيان في العصيان والظلم فإذا افتقدها أحس بها وأدى حقها فضلا عن أن الله يحب اللجوء إليه والإلحاح عليه، فإذا ما صبر الإنسان كانت له نعمة كبرى يجازى بها خير الجزاء وهو هنا أيضا بالخيار يصبر أو يقنط وكيف يقنط وهو لم تكن له يد بها بل محض فضل منه سبحانه!! ومع ذلك قنوطه يستوجب العقاب لأن قنوطه معناه وكأنه هو الذي أوجدها لنفسه وفيه كفر بالنعمة والكفر ظلم للنفس فلماذا لا يصبر وسيعوض خيرا منها هذا فضلا عن أن الله أيضا يستحق الحمد لذاته وما العيب أن تقول الحمد لله وتصبر وتعبد الله كما أنت وبما أنت عليه!؟ بدل أن تقول لماذا خلقني الله هكذا!؟.

فإن لم يصبنا نحن أصاب غيرنا ليرينا نعمته فينا فنحمده، وكما قلنا أن الله يحب أن يلتجأ الناس إليه ويسألونه وكلنا يعلم أن الإنسان إذا لم يبتلى بشئ ربما نسى ربه فيبتلينا لكي نعود إليه. هذا من أمر الأمراض وما يشبهها.

أما من أمر الحروب وما يشبهها فإنها من المظالم التي لك كل الحرية أن تمتثل فتتجنبها أو تعصي فتفعلها وقلنا أن المظالم وجب عليها العقاب، وكما يعاقب مرتكبها فإن المجني عليه إذا صبر ولجأ لله أثيب، وأجبت سابقا عن مسألة لماذا وجد الظلم والمظالم.

بالنسبة لآخر نقطة فلن أقول لك أن الله قد يتأخر بالإجابة لأسباب عدة منها ادخار الأفضل، أو محبته أن تلح عليه بالدعاء، مع أن هذا حق ويكفي للإجابة إذا تدبرت بقلب منصف، لكن سأقول لك أيضا أن من يفكر هكذا -ولا اقصدك بالتحديد والله- تفكيره قاصر

فالدنيا كلها مهما بلغت هل تستحق عناء التعب والجهد لأجلها؟ لا والله، كم سنة سنعيشها بها حتى إن طال عمرنا؟ ستين سنة؟ سبعين؟ مائة؟ ألف مثل نوح؟ قصيرة أيضا بالنظر إلى حياة مخلدة، فإن الإنسان الذكي لا يشغل همه دنيا بها ملذات إما تتركه ويتبدل حاله أو يتركها هو ويفارقها بالموت فليجعل الإنسان منا في مثل هذه الحال زرعا لحياة دائمة وهي الآخرة بالصبر واللجوء إلى الله لأنه يحب ذلك لا لأن تظفر بما تريد.


أفكار

مجتمع لتبادل الأفكار والإلهام في مختلف المجالات. ناقش وشارك أفكار جديدة، حلول مبتكرة، والتفكير خارج الصندوق. شارك بمقترحاتك وأسئلتك، وتواصل مع مفكرين آخرين.

85.4 ألف متابع