بدأت الحرب إذاً ..وأفضل شيء في الحرب انتهاؤها .

شرعية الالتهام :أنا هنا لا اناقش الحرب الروسية الأوكرانية ولا أسبابها الواضحة سواء الاقتصادية أو التاريخية لاني أؤمن بأن العالم يسير وفق قانون واحد حتى وإن لم يصرح به ألا وهو شرعية الالتهام ،القانون الحاكم للعالم والطبيعة والكل يقر بذلك إلا أصحاب النظرة الرومانسية لتاريخهم وماضيهم هم فقط من يرفضون هذا القانون .

 فالسمك الكبير يأكل السمك الصغير وان أجلت السمكة الكبيرة إفتراسها للسمكة الصغيرة فهذا راجع إلى أنها إما ليست جائعة الان وتؤجل التهامها إلى وقت لاحق أو أن هناك جائزة اكبر منها في الوقت الحالي وأما أنها في معركة مع سمكة أخرى في الوقت الحالي وتؤجل معركتها معها لاحقا لمعرفتها بسهولة الانتصار وأكلها بسهولة. 

ماأود مناقشته هنا ليس هذا القانون ولا أسباب الحرب ودوافعها ولا حتى نتائجها ولكني أود مناقشة السلوك العربي الاجتماعي عامة والمصري خاصة في التفاعل مع هذه الحرب . 

في الماضي عندما كانت الحرب العالمية تدور رحاها في الغرب ، كان تعاطي المجتمع المصري بالتحديد معها مختلف تماما ، كان الشباب ينقد أسباب الحرب ،ينحاز إلى فريق بعينه.كان الشباب يمتازون بفكر نقدي وإتجاه أدبي سياسي فهذا إما ماركسي وهذا شيوعي وذاك اخ مسلم (تابع للإخوان) وتلك مؤيدة ومدافعة عن وضع النساء في هذه الحرب ، كان هذا هو المزاج الفكري الاجتماعي المصري حتى وإن اختلفت اتجاهاته وميوله في ذلك الوقت .

أما الآن فما كادت الاخبار تصل إلينا عن نشوب هذه الحرب إلا وامتلئت المواقع بتعليقات محورها الأوحد هو النساء الاوكرانيات وجمالهن وأننا يجب علينا أن تتودد إليهن وماشبه ذلك ، اعلم أن معظم الشباب والمعلقين لايهدفون إلى شئ وأن هذا الكلام على سبيل الهزار والمزاح ولكن المتأمل في هذه التعليقات سيجد أنها تدل على شىء أكبر مما تبدو عليه .

 ماسبب هذا التغير الجذري في فكر الشباب ؟؟ مالذي أدى به إلى هذه السطحية والتفاهة؟ مالسبب الذي يجعل شغل المجتمع الشاغل هو التفكير في النساء الاوكرانيات ؟

من وجهة نظر شخصية هذا السلوك له عدة أسباب منها : 

اولا : انعزال الشباب السياسي في بلدهم جعلهم يعزفون عن الحديث في اي شئ له علاقة بالسياسة

ثانيا : النظرة التي أرساها الخطاب السلفي الديني ودعاته من أن هؤلاء النساء غنيمة للمسلمين في حالة الحروب ، وقد شاهدت مقطعا لأحد أكبر منظرين هذا التيار وهو يقول (كان زمانا دلوقتي بنطلع ع الغزوة ونجيب الغنائم ونوزعها وكل واحد ياخذ نصيبه ) ومن الطبيعي أن السبايا من ضمن الغنائم .أعلم تمام العلم أن هذا الكلام في ديننا ومن شريعتنا ولكنه كان مرتبطا بمرحلة معينة وبمجتمع معين ولن استفض في شرح هذا الرأي هنا ولكن تخيل أن هذا الكلام مازال يقال في القرن الحادي والعشرين . تأثير هذا التيار وماادخله من تغييرات جذرية يعتبر من الأسباب الرئيسية لسواد مثل هذه النظرة .

ثالثا : التعليم ، جميعا نعلم ونرى تردي المستوى التعليمي سواء الأساسي أو الجامعي ، التعليم هو المقياس والمعيار الرئيسي لتقدم أي أمة وهو ماينهض بالامم وبالطبع لن تكن مثل هذه النهضة الا عن طريق الشباب المثقف المتعلم الذي للاسف نكتب عنه مثل هذا المقال .

اخيرا : غياب نظرة التعاطف مع الغير لنظرتنا الخاطئة له من الأساس .المجتمع الغربي مثل المجتمع الشرقي لايختلف عنه في شرح اللهم إلا عاداته وتقاليده ، ذلك الاختلاف الذي من الممكن لمسه بين عائلات مختلفه في مجتمعنا فضلا عن مجتمع يحيا في الجهة الأخرى من العالم .لهم عائلات وأحبة وأخوة مثلنا .يخافون من الموت ويريدون الحيا مثلنا .يحبون نسائهم ويحترمونهن مثلنا .يريدون العيش بسلام وفي سلام ويريدون لمجتمعاتهم أن تتقدم وتزدهر مثلنا . مالفرق بيننا وبينهم ؟ !

عادات وتقاليد وأسلوب معيشة فقط .لهم دينهم ولنا ديننا .

المشاهد لمنظر إخلائهم لمنازلهم وتركهم لبلادهم التي يتم قصفها منذ الصباح لايملك إلا أن يتعاطف معهم ويبكي عليهم وعلى ماهم فيه ، وماذا إن لم تفعل وإن لم تشعر بذلك نحوهم ،اذا لا تغضب إذا لم يتعاطفوا مع اخوتك الفلسطينيين واذهب وابحث لك عن قلب لأن قلبك الحالي لا يصلح أن يكن قلب انسان .من اختبروا الحروب من قبل أكثر من يعرف بشاعتها .مدنيون لا ذنب لهم يدفعون أثماناً باهظة للأطماع والأحلام ..لحظات الحرب مخيفة.. الحروب أينما حلت،، حل الخراب..