أجريت منذ قليل محادثة هاتفية مع أحد أصدقائي، والذي تجمعني به صداقة استمرت قرابة العشرون عاما.
كان صديقي من الشباب المعروف عنهم مشاكلهم المستمرة مع أسرته، وبالأخص والده الذي كان معروفا بقسوته عليهم في التربية بشكل عام، وخاصة مع صديقي حيث أنه أخوهم الأكبر وهو وحيد مع ثلاث بنات، ويفصل بينه وبين أكبرهن ست سنوات.
المشاكل بينهم أدت لإنفصال صديقي عن أسرته بشكل كامل بعد دخولنا للجامعة، قاطع أهله بشكل كامل، وكنا نحن من نقوم بتوصيل أخباره إلى والدته من حين لآخر، والتي أخبرتنا مرارا أن نطلب من صديقنا العودة من جديد، وأنه مهما حدث فلابد لهذه القطيعة أن تنتهي، ولكن صديقي استمر في عناده ما يقارب سنوات الدراسة الجامعية كلها، وكان يخبرنا بأنه يشعر بالراحة طالما أنه لا يسمع أي أخبار عن والده، وأن مجرد ذكر اسمه أمامه يثير جنونه وحفيظته.
باءت جميع محاولاتنا معه بالفشل، وبعد الجامعة انصرف كل في طريقه باحثا عن مصدر رزقه وساعيا في حياته العملية.
تفاجئت به يخبرني برغبته الملحة في العودة للبيت، وأنه يفتقد وجود والده في حياته، فبالرغم من قسوته إلى أنه على الأقل كان يرعاهم في بيته، ولم يكن يسمح لأحد أن يتعرض له بأذى، نعم كان قاسيا، وذكرياتهما الأليمة كثيرة ولا تُنسى، ولكنه في النهاية يظل والده الذي رعاه في طفولته، ويجب أن يتقبله كما هو، إنسانيا على الأقل!!!
هل هناك فارق جوهري ما بين الشخص وسلوكه، وهل نحن قادرون على الفصل ما بين الشخص والسلوك؟
هل مررت بتجارب حياتية مشابهة مع أب أو أخ أو صديق، وهل استطعت الفصل ما بين علاقتك الإنسانية معه، وبين سلوكياته بشكل عام؟
التعليقات