"طفلٌ بلا أسرة لأسرة بلا طفل"،، على أساس هذا النهج تضع الكفالة أو الاحتضان تعريفها من أجل حل أزمة الأطفال الذين لا عائل لهم، وأزمة الأُسر الذين حُرموا من نعمة الإنجاب ويرغبون في أن يكون لهم طفلًا يُغدقون عليه حبًا وحنانا.
بمعنى آخر، يُمكن القول أن الكفالة المنزلية أو الاحتضان هو مشروع يقوم على أن يكفل أبويْن طفلًا لا أهل له لظروف فُرضت عليه فرضًا ولم يكن له يدٌ بها، فتقوم الأسرة الجديدة بكفالة هذا الطفل واستضافته في منزلهم وتربيته كأنه فرد وابن لهما، لكن مع الحفاظ على نسبه الحقيقي دون تغيير في اسم الأب "إن كان معروفًا" وذلك لضمان أن لا تضيع الحقوق.
هذه القضية تمّت إثارتها مؤخرًا مع تزايد أعداد الأطفال الصغار في دور الرعاية، ورغبة العديد من الأزواج غير القادرين على الإنجاب بأن يكون لهم ابنًا/بنتًا يُؤنس وحدتهما ويشعران معه/ها بمشاعر الأبوّة والأمومة.
وقد أصبح هذا الاتّجاه شائعًا للغاية، خاصةً في مصر. وقد أجازت دار الإفتاء المصرية ذلك استنادًا إلى أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يُخبر بها عن أجر كفالة اليتيم. وأوضحت الفرق بين الكفالة والتبّني.
وفي الفتوى رقم 2063 على موقعها الإلكتروني توضح دار الإفتاء المصرية الفرق بين الكفالة والتبني قائلة:
"حثَّ الإسلام على كفالة اليتيم وتربيته والإحسان إليه والقيام بأمره ومصالحه حتى جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم كافل اليتيم معه في الجنة فقال: «وَأَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا» وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئا. رواه البخاري، وفي رواية مسلم: «كَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ». وأوجب الجنة لمَن شارك اليتيم في طعامه وشرابه؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ ضَمَّ يَتِيما بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ الْبَتَّةَ» رواه أحمد.
وما جعل من فكرة الاحتضان أو التبني أكثر يُسرًا وسهولة، أن بإمكان الأم المُحتضنة أن تُرضع الطفل المُحتَضَن من خلال وصف عقاقير طبية بإشراف طبي قادرة على إدرار الحليب، فتُصبح بذلك أمه بالرضاعة.
وعلى الرغم من التجارب الإيجابية العديدة في هذا الأمر، برزت تجارب أخرى سلبية. فقد ذكرت بعض دور الرعاية عن قيام أُسر بإرجاع أطفال بعد كفالتهم لفترة ليست بالقليلة، وذلك إما بسبب الانفصال والرغبة بتأسيس حياة جديدة، أو لحدوث حمل وعدم الرغبة بالطفل المكفول. ولكَ أن تتخيّل عزيزي القارئ الحالة النفسية الصعبة التي يُوضع بها هذا الطفل بعد التخلي عنه، واليُتم الجديد الذي يُصيبه وما يُمكن أن يترتّب على ذلك من آثار كارثية. حتى أن بعض دور الرعاية أفادت بدخول الأطفال المكفولين بعد إرجاعهم بحالة اكتئاب حادة وانعزال تام والرفض من الاختلاط بالآخرين، واعتقاد هؤلاء الاطفال بأنّهم سيّئين ولذلك تم إرجاعهم!
لأجل ذلك، ما رأيك بفكرة الاحتضان أو الكفالة؟ وهل تجدها توجّهًا فعّالًا لحل مشكلة الأطفال بلا أهل وعائلات؟ وعلى افتراض أنها عُرضت عليك أو عليكِ، فهل توافق؟
وهل هناك حالات معيّنة تُمنع بسببها الأُسر من الكفالة؟ وما أقصده بشكلٍ أوضح ما هي المعايير التي يجب ان تتوافر في الأسرة لتكفل طفلًا يتيمًا؟
التعليقات