الوقت، ملكية خاصة أم عامة؟

اعتدت دائما أن أكون متواجدا قبل موعدي بعشر دقائق على الأقل، وهو ما يشعرني بالراحة دائما من جانبي، ولكني فعلا أشعر بضيق كبير حين يتأخر علىّ أحدهم، الأمر سيئ حقا، وكما قلت فتأخيره يؤدي لمزيد من التأخير.

أردت أن أستفهم منك أكثر عن سؤالك يا أسماء، فما الذي ترمين إليه بقولك

هل يعتبر الوقت حقًا ملكية خاصة؟

تذكرت وثائقي في قناة ناشيونال جيوغرافيك منذ ست سنوات تقريبا عن أشهر حوادث القطارات في اليابان، كان حادثَا ضخما جدا وسببه أن السائق وجد فرق توقيت عدة ثوانٍ تأخرها عن موعد وصوله للمحطة مما أفقده القدرة على التركيز وأدى لحادث راح ضحيته الكثيرين..

وفي هذا إجابة لسؤالك.

" أنت حر مالم تضر"

الوقت ملكية خاصة لنا حرية التصرف فيه، ولكن إذا كان الأمر سيؤذي أشخاص أخرين في وقتهم فهُنا لم يُعد حرية او ملكية خاصة.

لذلك احترام المواعيد واحترام وقت الأخرين أمر مُقدس، تصورك منطقي جدًا، فكرتُ به منذ سنوات ولذلك أصبحتُ من الأشخاص الملتزمة مواعيدي وأُفضل ان أُرتب وقتي بما يسمح لي الوصول مُبكرًا، ولكن المشكلة انني انزعج من الأشخاص الذين يأتون متأخرًا، وأحيانًا أندفع وربما أترك الموعد كليًا بسبب تأخر شخص عن الموعد، ولكن هذا يحدث عندما يكون الشخص متأخر وقت كبير.

في رأيك هل يحق لطرف الغاء الموعد كليًا اذا تأخر عليه الطرف الأخر؟

احترام المواعيد أصبح عملة منقرضة، القليل من يلتزم بمواعيده، على الرغم أن احترام المواعيد والدقة فيها من فنون وأساسيات الذوق السليم( الاتيكيت)، فاحترام الميعاد دلالة على احترامك وتقديرك للطرف الآخر، وتأتي هذه الصفة من تقديرك للوقت وكم هو ثمين.

كما يقال أن الالتزام بالمواعيد من أدب الملوك، فعندما نلتزم بموعد من المفترض أن يترك هذا أثرا طيبا ويعكس للطرف الآخر شخصيتك ويجبره أن يتعامل معك بكل تقدير واحترام.

لكن الآن أصبحت هذه عادة منقرضة، قلما تجد من يلتزم بميعاده، لاسيما إذا كان موعد للتقدم لوظيفة وقد يتأخر أيضا، أصبحت عادة سيئة متفشية في المجتمع وبشدة، فأنا التزم بمواعيدي لأقصى درجة وهذا يجعلني أواجه الكثير من المواقف التي تزيد من غضبي كثيرا، فلم يعد هناك قيمة للوقت عن الكثير من الناس، والأسوأ أنهم يروا أني أعطي للموضوع أكثر من حقه.

هناك معلومة أيضا عرفتها مؤخرا أن هناك بعض الدول التي يعد الالتزام بالمواعيد بها عمل غير جيد تخيلي مثل الأرجنتين ويتهمون من يلتزم بالموعد طماع وأناني.

من بين من تعاملت معهم، لم أجد شخصاً ملتزماً بموعده مثلى! حتى أتت علىّ فترة شعرت فيها أن الالتزام بالمواعيد صفة مذمومة!

كلما ذهبت إلى اجتماع، درس، دورة تدريبية، او حتى محاضرة فى الجامعة أجد الجميع متأخرين عن الموعد!

ما يثير حنقى حقاً هو تأخير الأساتذة، والأطباء! وفى النهاية ماذا يحدث؟!

يقل موعد الراحة خاصتنا، أو يقل الوقت المتوفر للسيكشن الذى يليه!

بعد هذا التخيل الذي ليس افتراضَا على الإطلاق، هل يعتبر الوقت حقًا ملكية خاصة؟

لا يُمكنني تصوّر الوقت كملكية خاصة بعد طرحكِ هذا يا أسماء.

فعلًا،، أقنعتني أن الوقت ملكية عامة ونحن مسؤولون عمّا ضيّعه الطرف الآخر بسببنا. ولو كل شخص اقتنع أنه ليس المتملّك لوقته طالما أنه يعيش مع آخرين ولع علاقات تربطه مع الناس، اعتقد سنُصبح أكثر انضباطًا من ذي قبل!

لكن هل يحق لنا محاسبة من تأخر علينا لأنه ضيّع من وقتنا؟ بمعنى طالما أنه ملكية عامة، هل يُمكن تطبيق قوانين العقاب على من يضيّع الوقت؟