هل تعلم أنه يوميًا ما يتم رفع فيديوهات على موقع يوتيوب بمجموع وقت يساوي خمسين سنة! يُعرض على المرء كل يوم على شبكات التواصل الاجتماعي، مئات إن لم يكن الآلاف من الصور المختلفة.
إننا بلا شك نعيش عصر المشتتات، فلا عجب من انتشار شكوى الكثيرين أنهم لا يقدرون على إنجاز كُتيبٍ واحد؛ فما إن يبدأوا فيه، حتى يملُّوا سريعًا ويتركوا الكتاب، ونرى آخرين إن رأوا مقطع فيديو هادف يزيد عن الدقيقتين، استطالوا المدة! وطائفة ثالثة عندما يمرون على مقالٍ هادفٍ، يشعرون بالتثاقل بعد قراءة سطرين أو ثلاثة! فما السر في كل هذا؟
إن استخدامنا لمواقع التواصل الاجتماعي بغزارة، وتعرُّضنا الدائم لما فيها من كم هائل من صور وفيديوهات وتفاعلات، يجعل أدمغتنا تُفرز بكثرة هرمونًا يُسمى "بالدوبامين"، وهو هرمونٌ يُفرز عند شعورنا باللذة والمتعة، والمشكلة في إفرازه بشكل كبير، أننا صرنا حتى نُستمالَ ونشعرَ بالحماسة والنشوة جراء فعل معين، فينبغي أن يكون مليئًا بالتنوع والتجدُّدِ كتصفح مواقع التواصل الاجتماعي! فإذا ما بدأنا في قراءة كتاب، شعرنا سريعًا بالملل؛ إذ أن الكتاب غالبًا ما يكون مكتوبًا بلونٍ واحدٍ، وبعدد محدود من أحجام الخطوط، وليس فيه التجدد الذي نراه في مواقع التواصل.
سأحاول تبسيط الفكرة بمثال، تخيل أنك كنت مُنقطعًا عن أكل الشيكولاتة لفترة كبيرة، ثم أُتيَ لك ذات يوم بقطعة من الشيكولاتة الفاخرة لتأكله، حينئذٍ شعرتَ بلذة لا توصف عندما أكلت هذه القطعة، ثم في اليوم التالي أُتي لك بقطعة أخرى، وصرنا على هذا المعدل لشهر كامل، فعندما تُسألُ بعد شهر، ما هو الشعور بعد شهر تجاه آخر قطعة أكلتها؟ ستكون الإجابة أنني ألفتُها وصار طعمها عاديًا، وأنني أطمح لتجربة نوع آخر -علمًا بأنه قبل ذلك كانت قطعة عادية من البسكوت تسبب لك الرضا والسعادة! فما السر في تقلُّبِ الانطباعات هكذا؟ في البداية كان سبب شعورنا باللذة، هو إفراز دماغنا لهرمون الدوبامين بكثرة، فإن استمرّينا على هذا المنوال لوقت طويل -تمامًا كاستخدامنا مواقع التواصل لفترات كبيرة-، صار الأمر أنه لكي تتم استثارتنا، فلابد أن نُجرب شيكولاتة أخرى ذات طعمٍ أحلى من التي قبلها، لكي يُفرز دماغنا الدوبامين بشكل أكبر من ذي قبل، ولنشعر باللذة والحماسة من جديد.
هل ترون أسبابًا أخرى للتشتت وضعف التركيز في زمننا الحالي غير مواقع التواصل الاجتماعي؟
- كيف نُحِدُّ ونُقلل من استخدامنا لمواقع التواصل الاجتماعي حتى لا نقع في مثل الذي ذكرناه؟ شاركونا لتعم الفائدة*
التعليقات