ماذا ستفعل إذا كرهت مهنتك بعض قضاء اكثر من 10 سنوات من عمرك في مجال عملك ؟!

هل تظنين يا حفصة أن المحددات التي ذكرتها في النهاية يجب أن تكون دائماً لدى الشخص ليحكم على العمل إن كان مناسباً أم لا؟ قد تزيد ساعات العمل ولم يكون الراتب جيداً مثلاً ولكن في نفس الوقت الشغف لدى الشخص في العمل متواجد ومستمر. أظن أن اكتشاف المهنة التي تحبها سينعكس على طاقتك الداخلية بالعطاء، لا اتحدث عن الانحدار إلى معايير ليست إنسانية بالكامل مثلاً

ما تحدث عنه الشاب من خلال تجربته كان يسعى به في الوصول إلى الواقعية، وأعتقد أن المقصود من تلك المعايير هو فكرة أن لا تكره شغفك ذات يوم .. تخيلي أنك تسعين خلف وظيفة براتب لا يسد حاجتك، أو وظيفة تستنزف كل وقتك ولا تتيح لك وقت لأي شيء أخر، أو وظيفة لا تشعرين فيها بتطوير ذاتك وكأنك في نفس المحطة، ماذا ستفعلين إذًا ؟!

مهما كان حبك لتلك الوظيفة وتحملك ستصلين إلى مرحلة تكرهين فيها كل شيء متعلق بها وربما المجال نفسه، ففي النهاية كل شيء نُعطي له ننتظر منه مُقابل أو أدنى تقدير على الأقل .. والا سنتوقف وسنشعر بعدم التقدير وأنه لا جدوى أو نفع مما نفعله .

لكن الحكم على المهنة التي أحبها يأتي بالبداية لتوفر شغفي ورغبتي بالعطاء، وهذا من الممكن أن يجعلنا أمام باب كامل من الفرص الغير مواتية لمعايير الوظيفة الكاملة، وأنا لا أتحدث هنا عن وظائف مثالية، نحن نعلم تماماً ما يواجه الشباب اليوم في الوطن العربي.

هذه ليست معايير الوظيفة المثالية أو الكاملة، بل إنه من المفترض أن يكون هناك حد أدنى من تلك المعايير لتكون الوظيفة آدمية، فكيف يُمكنك الإستمرار في وظيفة لا توفر لك على الأقل أدنى حد من تلك المعايير ؟!

لم أشاهد الفيديو في الحقيقة، لكن أجزم أن اللاشيء الخاص به مختلف عن التعريف المجرد لكلمة "لا شيء" في الحقيقة، لا بد أنه كان هناك مساحة له لاتخاذ مثل هكذا قرار وخلفية داعمة على الأقل.

مبدئيًا بحسب ما ذكر أنه واجه الرفض حتى من عائلته، واضطر للبدء من اللاشيء لأنه لم يكن يعرف مجال بديل لطب الأسنان، ولكن كل ما يعرفه هو أنه لا يرغب طب الأسنان .

لا أصدق أن يتخلى الشخص عن كل شيء سعى لتكوينه طوال عشر سنوات في سبيل أن يكون فقط ما يحب "مع الأخذ بعين الاعتبار أنه طبيباً" أي الخلفية التي سيتركها ما تزال قوية إن فشل في ما يحب..

اما في تلك المسألة فإسمحي لي أن أقول لكِ أن وجهة نظرك ليست واقعية، لأن فكرة أنه طبيب أسنان أو طبيب بشكل عام ويترك مجال الطب ويتوجه لمجال أخر، فهو فاشل في عين الجميع من تلك اللحظة، وفي حال فشل فيما يحب فستزداد نظرة الفشل إليه وربما يُعاني من تنمر .

ولذلك لدي سؤال على خلفية سؤالك كيف يستطيع الإنسان المخاطرة بسمعة ومستقبل وظيفة قائمة للمحاولة في وظيفة أخرى؟

هُنا يكون الجواب فعليًا هو الشغف والشجاعة، وعن تجربة مهما حاول الشخص الإستمرار في ما هو قائم وهو لا يحبه سيفشل فيه على المدى البعيد، وبالمناسبة أنا شخصيًا بعد قضاء سنوات في دراسة القانون والحصول على شهادة جامعية في القانون العام، قررت انني لا أريد مزاولة تلك المهنة، وتابعت شغفي في كتابة المحتوى بمختلف مجالاته وحاليًا أتعلم كتابة السيناريو؛ كنتُ في نظر الجميع فاشلة وفاقدة لعقلي؛ ولكن صدقيني لا يهم الوقت الذي قضيته في مجال لا تُحبه بقدر ما تهم اللحظة التي تُقرر فيها اختيار ما تُحب .

ولكن في الوقت نفسه أليست تلك الخطوة بها بعض الصعوبة ؟! فليس من السهل أن يتخذ الشخص هذا القرار في يومٍ وليلة، خاصة مع وجود إلتزامات أو أسرة مسئول عنها؛ وهل من السهل إيجاد تلك المميزات في وظيفة واحدة من الأساس ؟!

سعدتُ بأن المساهمة أعجبتك، خاصة أنك رأيتَ حالات واقعية قريبة مما أتحدث عنه وربما تفيدُنا بوجهة نظرك للأمر بناء على الواقع الذي رأيته

بعضهم يعمل على مضد لانه العمل الوحيد المتاح واى خبرة اخرى يبدأ فيها من الصفر ستكلف الكثير خاصة حالة وجود مسؤوليات متزايدة،،، والبعض اخذ المخاطرة وبدأ فى عمل جانبى واخد يعامله كالبذرة يرعاها شيئا فشيئا الى ان تنمو،، والبعض الاخر متخبط من هذا العمل الى هذا العمل ومن هنا الى هناك دون اى هدف، لانه محكم بمهارات معينة وخبرات محددة.

نظرًا لأنك رأيت الحالات الثلاثة عن قُرب، أُريد أن أعرف منك أي منهم كانت نتيجة تجربته أفضل أو أكثر نجاحًا من الأخرين ؟!

متفق مع النقاط المذكورة والخصها فى ( اعمل ما انت مقتنع به وسوف يوصل بك الى هدفك)

ولكن تلك النصيحة لا يُمكن أن يُطبقها الجميع نظرًا لأن المسئولية ومتطلبات الحياة قد تُجبر الكثيرين على الإستمرار في عمل لا يُحبونه، فهل هناك وسيلة أو حل بديل يُمكن أن يصل بهم إلى أهدافهم أيضًا ؟!

لكن موضوع الفطرة ممكن لا يتوفر مع البعض، لاننا نرى امثلة كثيرة غيرت مجال عملها فجأة، ونجحت فيه ، فليست بالضرورة ان يكون الحب فطرى، ممكن الحب يأتى مع العمل وحب البدء فى المجال

على عكسك تمامًا لدي قناعة أن الفطرة لها دور كبير حيث أنها تُكون الكثير من ميول الشخص منذ طفولته، لذلك أعتقد أنها قد تكون السبب في تغيير الكثيرين لمجالات عملهم فجأة وهو حبهم وشغفهم لمجال العمل الجديد منذ البداية وأن هناك ما كان يجذبهم إليه بالفطرة .

ودعيني اخبرك اننا دائما لا نكون قد كرهنا المكا الذي نعمله به بقدر اننا اعتدنا هذا المكان ، فذهبت فرحة البداية في الحصول على عمل جديد ،فالبطع للوهلة الاولى التي تلقيت بها خبر قبولك في هذه الوظيفة كنت متحمس جدا واصبحت تعطي الكثير من الوعود التي ترغب في انجازها في هذا المكان، لكن مع الوقت اختفى هذا الشغف تدريجيا الى ان اصبحت تشعر انك في المكان الخاطئ.

أنا هُنا لا أتحدث عن مكان العمل بل أتحدث عن مجال العمل نفسه، فمهما كانت بيئة العمل مناسبة وأجواء العمل مناسبة لن ينجح الشخص طالما لا يملك شغف في هذا المجال ومُجبر عليه .

اعتقد ان هذه المحددات لن تناسب الجميع ، صحيح انه من الجميل ان يكون عملك ضمن شغفك وتحبه ، لكن في المقابل قد لا تجد هذا المكان، فهذا ابدا لا يمنع من ان تمارس عمل يجني لك الدخل ، لنفصل حياتنا الشخصية ورغبتنا في الترفيه والاستمتاع عن العمل .

ربما ليس من الضروري ان تجتمع كل تلك الإمتيازات في عمل واحد، ولكن على الأقل لابد أن نُحقق حد أدنى منها، فهل من المنطقي أن يعمل الشخص في مهنة لا تسد حاجاتة المادية ويستمر بنفس الشغف فيها ؟!

وهل سيستطيع الإستمرار في النجاح بدون الوقت الكافي والقدرة الذهنية لتطوير نفسه ؟!

وأليس التنازل عن تلك الحقوق يجعل أصحاب الشركات يتراجعون عن تقديم لكل موظف ما يستحق ويتعاملون بأن ذلك امر واقع على الموظف قبوله؟!

لا يُمكنني الإعتراض على ما تقولين لأنه أقرب للمنطقية، ولكن دعيني اسألك هل من السهل إيجاد وظيفة تجمع بين الشغف وتلك المميزات !

ولأن هذا ليس من السهل الحصول عليه، فكيف يُمكن أن يكون للشغف الأولوية في هذه الحالة، خاصة مع وجود إلتزامات ومسئولية مادية ؟!