هل يجب أن نحب الوطن ؟

لماذا نخلط بين الوطن وبين حكام الوطن؟ ما ذنب الوطن بخيراته المتعددة لحكومات لا تكفل حقوق الأفراد، ما ذنب الوطن في سوء استغلال موارده؟

ما ذنب الوطن إن كنا سلبيين ونسكت عن حقوقنا كأفراد، وستحواذ طبقة بعينها على خيراته؟كل شعوب العالم تحب أوطانها، وجميع شعوب العالم يجمعون على الأسباب التي تجعلهم يحبون الوطن؛ لكونه البيت الذي نشأوا وترعرعوا فيه، وحامل هويتهم، وحامي طموحاتهم وآمالهم، حبنا لوطننا أعمق من أن يأتي في سياق مزايدة على معاني الوطنية، إنه نوع من الإلهام الفطري والغرس الذاتي الذي ينشأ منذ المرحلة الجنينية، وينمو معنا كلما رأينا عطاء وطننا وتاريخه وحضارته وتطوره.

أحب وطني وأعتز به كثيرا وأفتخر كوني أنتمي إليه، وحتى لو اضطريت للسفر لأي سبب يظل الوطن هو الوطن، وقد يجيبك عن هذه النقطة من ذاق طعم الغربة.

وقد يعرف قيمة الوطن حقا من تعرض وطنه للاحتلال، أو تعرض للحروب، أو نُهب منه الأمان والطمأنينة، نحن هكذا لا ندرك قيمة الشيء حقا إلا بعد أن نفقده.

سواء كان على حق أو لا، ديني ومعتقدي _الإسلام_ يفرض علي عدم قبول شيء كهذا،فهناك فرق بين محبة المكان الذي عشت فيه _هذا حلال وشيء من الفطرة_ وبين جعله رابطة سياسية واقتصادية _ينطبق الأمر على اللغة والتاريخ أيضًا_تجعلك تحارب المسلم الآخر لأنه فقط من دولة أخرى بل قد تتعاون مع شخص من دين ومعتقد آخر عليه،فهذا خرق لعقيدة الولاء والبراء ولا رابطة للمسلم إلا الرابطة الدينية،وهذا فكر ليس أصيل في القوميات الموجودة في الشرق بل مستورد من أوربا.

لا ليسوا على حق وأيضاً لسنا على حق في الحكم عليهم، لكل منّا قناعاته..تجاربه..مكنوناته الداخلية..رحلاته ونفسه الحرة.

لكن حينما يتعلق الأمر بالوطن فهو له علاقة بالحنين حتى لو كانت تجربتك بالوطن سيئة ولم تجد عمل ولا طعام وكنت فقيراً، في حال خرجت ووجدت كل مرفهات الحياة ستشعر أيضاً بالحنين، ليس للحالة التي كنت تعيش بها ولكن لتكوين التجربة ككل، أنت تعلم أنك خلال تجربتك السيئة أو الجيدة تلك بنيت شخصاً بقناعات ورؤى وتجارب كان قادر على اتخاذ القرار المعاكس في النهاية وهو ترك الوطن والمدح بغيره من الأوطان، وما قالته نورا سابقاً لهو صحيح، الوطن لو كان مزدهراً أو حتى في محاولة الازدهار سيكون الأمر مختلف، فليس علينا أن نخلط بين حاكم يجعلنا بدون حقوق بدون كرامة العيش بجودة توجد في الدول الاخرى وبين حاكم على الأقل قادر ويحاول على اخراج وطنه من القعر إلى السطح وكلنا نعلم أيّ حكام نواجه اليوم.

إن أي تجربة جديدة ستكون صعبة دون الأركان السابقة لتجربة سابقة، عند الخروج من الوطن تفقد مثلاً عائلتك بسبب التباعد وتفقد أيضاً أشخاصاً كنت تحبهم ولكن هذه الأركان قابلة للتجديد من جديد بشكل جيد وبشكل سيء، الاحتمالات واردة وهي ما تجعلنا نشعر بالحنين أو بالنقمة على الوطن أو الحالة الداخلية لما يمثله الوطن.

أنا أحب وطني بشكل لا يمكن أن يتصوره أحد، أحبه ومتعلقة به ولكن لا بأس لدي بالمغادرة فترة لايجاد نفسي ولخوض تجارب جديدة ممكن أن تفيدني على مستوى شخصي وعملي ولكن دائماً أترك في بالي العودة لأن جزءً من روحي المعنوية هنا وعمري كذلك.

أولًا يجب الفصل بين الوطن والدولة، فالوطن هو المكان الذي تحمل جنسيته، بأرضه بخيراته بطبيعته، لا علاقة له بحُكام أو سياسيين أو أنظمة، أما الدولة فهي تشمل نظام الحكم والحكومة .

الوطن ليس هو الفاعل بل من يعيش فيه هو من يفعل ما يضره، وهو من يشوه صورته ويؤدي إلى دماره .

الفطرة تقول أن الشخص يحب وطنه، حتى لو وُلِدَ خارجه، يحبه من ذكريات أهله وحكاياهم عنه، لن تجد شخص يكره وطنه رغم كل مايحدث فيه من سلبيات لأن الوطن لم يفعل شيء، بل الإنسان هو الذي فعل .

ولذلك تجدنا نحزن على أنفسنا وعلى الأرض والطبيعة والمكان الذي ننتمي إليه .

لو كنت تشك في حبك للوطن، فهل تقبل احتلاله ؟

ألن تحزن إذا دُمر ؟

هل تتقبل فكرة العيش في مكان أخر ثم تستيقظ تجد وطنك تم محوه وتدميره؟

ستجد نفسك تُجيب لا بشكل لا إرادي !

وهذا لا يعني أن لا يحب الشخص بلد أخر عاش فيه، بل يمكنه حب أي بلد يشعر بشيء يربط قلبه به، مثل حب العرب لفلسطين رغم أن معظمنا لم يزورها !

وكذلك حبنا لسوريا والسوريين والحزن لما يحدث بهم !

جميعها أشياء لو سألت نفسك لماذا نحبها تعجز عن الجواب المنطقي .

لا اعتقد أن عليك حب الوطن ولكن عليك حب المواطنين والبشرية جمعاء في ظني، لماذ نبالغ في حب شيء لم نختره؟ ماذا إن ولدت في بلد عدو هل كنت ستكره بلدتك الحالية؟ لا أرى حب الوطن منطقي للأمانة. انا اهتم للإنسان ولا اهتم للتراب

ذكرني هذا بمقولة كنت قد قرأتها

يقولون نموت نموت ويحيا الوطن ... يحيا لمن من بعدنا يبقى التراب والعفن

افضل الحب للإنسان في اي مكان عن حصره في منطقة جغرافية معينة، وكأنني اختارت واختار هو أيضَا

الوطنية مفهوم مبالغ به وغالبا ما يخلق العنصرية والتفرقة والحروب

ولا يوجد اي دعوة دينية مباشرة للوطنية بالشكل الذي تم زراعته فينا ...

اعتقد ان الامتنان للمكان والشعب الذي تكفل بنموك كفرد وتعليمك من طفولتك حتى العشرينات هو من يستحق الامتنان حقا