فلسفة الشر في الوجود .. هل هو نتيجة ما يدور حولنا أم ينبع من داخلنا

الأزمة في العلاقات الإنسانية بحسب رأيي، وما قرأته.

بأنّها كُلها مُختزلة في إنّنا لا نعرف نفوس بعضِنا البعض، وهي غائبة بشكل كامل.

لا تعلم ما في نفسي، ولا أعلم ما في نفسك. مع إختلاف المظاهر تمامًا عن الموجود بالداخل. الإبتساما الواسعة التي مُمكن أنّ يُقابلك بها الأشخاص أو شخصٍ ما، قد تكون قناع وراءه شيطان أحمر بقرون ينزّ دمًا، وحقدًا، وكراهية عليك، سواء كانت مُبررة أو لا... والعكس، نظرة الضيق التي قد تكون على وجه شخصٍ ما إتجاهك ربما يكون مُبررها بأنّه يُحبّك أو يغار عليك أو لا يستطيع أنّ يُعبر لك.

فإذا فسرنا منطقية تفسير نظرية وجود الشّر، والخير، فأنّ عالم النفوس قد نعتبره عالم آخر غير عالم الضحكات، والإبتسامات الواسعة، والأسنان اللامعة الظاهرة، وتعبيرات الوجه، وتوسع العين، والمُجاملات المزيفة. نظرية مُحضّرة مُسبقًا في التعامل مع العالم الخارجي بأكمله بغض النظر عن المواقف المُختلفة، كُلنا لنا فيها حظّ من الخير، وحظّ من الشر، والقُدرة على إخفاءها، والمحظوظ في الحياة هو الذي ربنا ستره من شرّ نفسه أولاً، وساعده بأنّ يقوّمها.

وفلسفة الشر لها الكثير من النظريات حيث أنّه فعلاً يوجد في الحياة أشخاص الشر مُركز فيهم لدرجة أنّه احتل كل تفاصيلهم، وقد تجدين كل شيء فيه إشارة شر، وبعضهم قد يصدر صوت زئير من صدره كأنّه ذئب على هيئة بشرية، ومُجرد النظر إليهم لا يُشعرك بالراحة، والعكس صحيح، هناك أشخاص موجودين في الحياة يكونون كُتل خير تسعى لدرجة تشعرك بالشك في كل شيء فيه خير، حيث تكون ملامحه، وشخصيته، وكينونته، وتصرفاته، وحتى اندفاعاته في التعبير خير حقيقي غير مُهذب بتأثير خارجي.

وإذا كان لك الحظ في التعامل مع النموذجين فهذا قد يُسبب لديك اختلال كامل في ادراكك لطبيعة الحياة، وآخذ انطباعات مشوّشة بالكامل (التعامل معها انها شرّ محض أو خير محض) ..

نظريتان متناقضتان في الشر، فكانت النظرية الأولى تقول أن الشر لم يكن موجود منذ بداية الكون، بل إنه بفعل البشر، وينبع من داخلنا كنتيجة لطبيعة الوجود وأفعال البشر الخاطئة، أو بمعنى أوضح هو ردود أفعال البشر السيئة تجاه بعضهم البعض .

لا معنى لهذه النظرية فالشر لا وجود له دون الإنسان، وهذه بديهيات.

أما النظرية الثانية فهي تدعم فكرة أن الشر موجود منذ بداية الكون بفعل الإله، وينظرون إليه كإبتلاء، ويفسرون وجوده كنوع من التوازن في الدنيا مع الخير، مثل كل الأشياء التي تتوازن بمضاداتها .

لا معنى لقول أن الشر موجود دون وجود البشر، فمن يدرك أنه شر؟ فالشر يضر بالإنسان والإله لا يتضرر فلا شر يحدث له.

في رأيك هل تجد أي من النظريتين منطقية لتفسير وجود الشر؟ أم أن هناك تفسير أخر من وجهة نظرك؟

النظرية الأولى لا تفسر شيئًا فهي بديهية، والثانية لا معنى لها، والجزء الثاني من نظريتك الأولى هو ما قد يعد تفسيرًا حيث ترين أن الشر ناتج من (١) طبيعة الوجود (٢) أفعال البشر الخاطئة: ردود أفعال البشر السيئة تجاه بعضهم.

بالتأكيد كلامك يبدو غريبًا قليلًا فأنت تفرقين بين الوجود وأفعال البشر أو البشر عموما، أي ترين النظرة المعتادة للعالم ك "ذات وموضوع تدركه الذات" وهي نظرة شائعة تنتقدها آخر نظريات الهيرمونطيقا، ولكن بما أني لم أكتب عنها بعد فلا يحق لي أن أنقض بناءك الفلسفي على هذا الأساس، ولذا دعينا نسترسل قليلًا في الحديث عن وجهة نظرك.

بالنسبة لطبيعة الوجود، فهي نظرية جميلة إن كانت توافق نظرتي لطبيعة الوجود، وأحب لو توضحي هذه النقطة أكثر، لأن الوجود في ذاته لا يحمل أي دلالة أخلاقية، فأي موجود في ذاته لا يمكن وصفه بالشر والخير، أي موجود.. وإن كنت تقصدين "طريقة الحياة" و"طبيعة الحياة" وأضيف لها كلمة "الإنسانية" فقد أوافقك أن طبيعة الحياة لا تصح إلا بفعل الشر، ولكن هذا حسب تعريفك للشر، فلا أعتقد أن الجزار يرى ذبح عجل شر، فإن كنت تعرفين الشر بالألم المطلق أو لا تعنين به تلك القيمة الأخلاقية فكلامك مناسب جدًا لما أتحدث به عن "البؤس" في العالم، وهو مصطلح اخترته حتى لا أدخل في الأخلاق، ولكن مقام حديثنا هنا الأخلاق لأنك تحدثتي عن الشر، لذا فطريقة الحياة في ذاتها لا تفسر الشر في أي مفهوم أخلاقي للشر.

أما عن ردود أفعال البشر السيئة تجاه بعضهم، فهي لا تكفي وحدها أيضًا لتفسير الشر من وجهين، الأول أن ما تريه شرًا لا يراه الآخر كذلك، ويمكنك الاعتراض على كلامي بقولك أنك تقصدين الشر بالنسبة للمتلقي فقط لا الشر بوجه عام -أي لا مفهوم الشر عند الجاني، والوجه الثاني من الإعتراض أن كثيرًا مما يعده الناس شرًا غير ماتج عن "أفعال الآخرين" كالأمراض والكوارث الطبيعية، ويمكنك الرد أنك لا تعتبرين ذلك شرًا وحينها تستقيم حجتك إذا ما رددت على الوجه الثاني أنك تعرفين الشر الخاص بك فقط، ولا أدري صراحة حينها ما فائدة هذا الحديث، فهو لن يحل أي تناقضات وإن صح أن يكون تبشيريًا -من جهة دعوته ألا نعتبر الكوارث والأمراض شر- ولكنه يفشل في تفسير التناقضات بين الناس ويهمل آراء الغير في الشر.

أهنالك تفسير آخر؟ بالتأكيد هنالك عدة تفسيرات، التفسير الديني التبشيري يرى أن الشر ما نهى الله عنه من أفعال وغير ذلك خير، وهذا تفسير يحل المعضلات، فهو يضع مقياسًا صالحًا للشر، ويربطه بالبشر ربطًا صحيحًا، ولا يعتبر الأمراض والكوارث شر بل ابتلاء تجازى عليه، أو خير يخلص العالم من الأشرار، ويفسر اختلاف البشر في إعتبار بعض الأفعال خيرة وآخرون يرونها شرًا في أن من يرون غير ما يراه الدين فهم ضالون يتبعون أهوائهم، لذلك مقاييسهم للشر معطوبة وبالتالي مفاهيمهم خاطئة، لأن مقياس الأخلاق هو الإله، بالتأكيد قد يكون هنالك المزيد، وقد أملك أنا تعريفًا خاصًا، ولكن هذا أتركه لموضع آخر.

الشر والخير هما شيء طبيعي موجود مند الازل ولا يمكن القضاء على الشر نهائيا في العالم .

رُبما أميل مع النظرية الأولي لان الشر يأتي نتيجة سلوك الانسان وأفعاله

أما النظرية الثانية فهي تدعم فكرة أن الشر موجود منذ بداية الكون بفعل الإله

لكل ديانة رأي مختلف في هذا الموضوع ، هناك ديانات تعتقد أن الشر بفعل الانسان جراء تسرعة وأعماله وهناك العكس

أنا أرى أننا خلقنا بالاثنين معًا الشر والخير معًا، ونتأثر بعدة عوامل محيطة، لكنني أتذكر قول الله تعالى، قد أفلح من ذكاها وقد خاب من ذكاها، أي أن للإنسان الخيار في تزكية طرف مقابل طرف وأننا نحمل الاثنين معًا

كلمة الشر المحض او الشر المجرد قد تبدو مبهمة فما تراه شر لك الان قد يصبح خيرا بعد ذلك وعدو الامس يصبح اعز الاصدقاء في المستقبل وقد ترا تركك لعملك الحالي شرا ثم يصبح ذلك هو افضل قرار اتخذته في حياتك.

اعتقد ان كلا النظريتين عن الشر بهما بعض المجافات للحقيقة. فهل الشر هو مايراه الانسان واعني فقط هو كل شيء يفسره عقل الانسان لأي فعل به ضرر او اي شي يكرهه الانسان. اعتقد ان في ذلك تبسيط وانانية من البشر اتجاه هذا الكون الواسع.

لا احب ان اسبب عدم الفهم او السفسطة للقارئ ولكن كلمة الشر هي كلمة تعني الكثير وتفسيرها قد يستغرق ابحاث ومراجع. ولا اريد الاطالة في بحث موضوع الشر وعلاقته بالشيطان او الانسان او الاله وصراع القوى بين الجبابرة والابديين!. فقط اريد ايصال فكرة التعامل مع ما نراه ونعتقد انه الشر ونتعامل معه على انه يمثل تحدي لنا نتعلم كيف التعامل مع هذا الذي نعتقده شرا ونحجمه لنسيطر عليه عن طريق التطوير المستمر وكما اسلفت ان نرا هذا الشر كتحدي ونتعامل معه بمثابة الفرصة للتطور والتعلم والاستمرار الى الامام واقصد ان علينا نحن البشر ان نتعلم ونستخدم عقولنا ونفكر ونحلل ما نراه ونترجمه مع البدائل المتاحة ثم خلق الفرص البديلة وتنفيذ الحلول المتاحة خطوة خطوة لنصل الى ما نصبوا اليه من عبور بأمان لهذا التحدي ( الشر ) والذي قد طورنا طريقة تكيفنا معه ليتحول الى البيضة الذهبية او الفرصة الذهبية وربما كرة السلة التى بتمريرة واحدة نضعها في سلة النجاح وبهذا اصبح ما كنا نراه شرا ومكروها لنا من قبل هو افضل فرصة يجب اغتنامها للنجاح.