لماذا نهدي الأثرياء هدايا جميلة وغالية وهم قادرون عليها، ونهدي الفقراء بقايا ملابسنا وطعامنا؟

أحيانا يعتقد البعض أن الفقير قد يرضى بأي شيء فسيكون كاف لهم ما يحصلون عليه من بقايا الملابس أو الطعام وسيكونوا ممتنين لمن يفعل معهم ذلك.

لكن أجد الأمر غير صائب حتى لو كانت الهدية ليست ثمنية لكن ماذا لو أحضرنا لهم ملابس وأطعمة خاصة بهم، جديدة ليست قديمة حفاظا على مشاعرهم، في قدر استطاعتنا أعتقد هذا سيكون أفضل.

أما عن التعاملات الحياتية فغالبا الهدايا تكون من الطرفين ومن الطبيعي عندما تردي هدية لشخص قد أهداكي شيئا، ستضعي في حسبانك أن تقدمي هدية أغلى مما قدمها لك أو في نفس المستوى ليست أقل.

اعتقد الامر وما فيه هي المصلحة

في الاغلب سوف اعطي شخص غني هدية غالية لكي اخذ منه مصلحة (عمل جديد - مشروع شراكة - تمويل - الخ)

وفي نفس الوقت سوف اعطي الفقير القليل لان مصلحتي منه قليلة نسبيا ولا اراها امامي

اعني اني سمعت ان الكثير من الناس يقومون باعطاء الفقراء عندما تكون لديهم حالة مرضية من باب الحديث الشريف "داووا مرضاكم بالصدقة"

اي فقط لمصلحة شخصة

وفي الاغلب لن اعطي غنيا هدية الا ان تكون لي مصلحة منه

بعكس الفقير الذي ربما اعطيه ما استطيع رغم معرفتي ان لن اخذ منه شيئا

﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾.

برأيي كون حالتي المادية متوسطة سأعطي لكل شخص قدر ما أملك و مأ أحب من شيء و على الجميع تقدير هديتي لأنها نتاج يتمثل بقدراتي المادية و المعنوية ، فلو كان لي صديق طماع يملك قصر و مالا كثيرا فلا يمكنني أن املي عينه بهدية يراها رخيصة ثمنا و لا يرى ثمنها المعنوي، و أنا على يقين هكذا أصدقاء لن يستمروا لأنهم أصدقاء مصالح مادية فسيرونني فقير و ينقصوني من كرامتي -و على كل الأحوال أرى المصالح المادية جسر للصدقات المعنوية و ليس جسرا فوق الكرامات .

لماذا نهدي الأثرياء هدايا جميلة وغالية وهم قادرون عليها، ونهدي الفقراء بقايا ملابسنا وطعامنا؟

لأننا وللاسف جعلنا مقياس الهدية هو مكانة الشخص الـمُهدى إليه وليس حاجته ،و لأننا نحب انفسنا ننتظر المقابل دائماً، فنتوقع من الأغنياء أن يردوا لنا بهدايا مثلها، بينما نعلم بأن الفقير غير قادر على رد الهدية فنكتفي بالاشياء البسيطة او الفائضة حتى لو كانت نيتنا حقا المساعدة ونيل الاجر . وهذا خطئنا الكبير، إذ لو اعطيت كل شخص حسب ما يحتاج وحسب ما تملك انت، حتماً سيكون الامر عادلاً و سيرزقك الله اضعاف ما اعطيت. "لن تنالو البر حتى تنفقو مما تحبون" صدق الله العظيم.

اعتقد أننا نفعل ذلك مع الذين تربطهم بنا مصلحة عاطفية أو دنيوية كما يقولون، نخشى انزعاجهم ونحاول إرضائهم

لكن الفقراء نتعامل معم كما لو أننا تفضلنا عليهم بتذكرنا لهم

لست ضد الأمر بالطبع، التخلص من الملابس القديمة أو التي لا تودها، بالتأكيد لدى كل شخص اختيار ما يود الابقاء عليه في حياته ولا يمكننا تكوين جبهتين نعم للمستعمل أو لا ضد المستعمل

لكن افضل من وقت لآخر أن ننفق مما نحب والا نقصر صدقاتنا على القديم أو الجديد افكر أن لابد أن يقتصر معيار هذا على المنفعة وحسب

الحمدلله انني لست من هؤلاء الذين يستهينون بالفقراء، بل يشهد الله على صدقاتي كيف تكون، وكيف اختار للفقير كما اختار لنفسي سواء كان طعام او ملبس.

وانا لا اجد اجابة ايضًا لسؤالك، لا أعلم لماذا يستهين الناس بالفقراء حتى بالمعاملة او النظرة ودائما ما يقدمون لهم الأشياء باشمئزاز " إلا من رحم ربي "