كنت اقرأ عن الحداثة وعلاقتها بالإنسان وما إلى ذلك، المفهوم الأبسط للرأسمالية يقوم على أكبر قدر من الفائدة مقابل أقل قدرٍ من التكلفة، هذا يتعلق بالعمل والتجارة وما إلى ذلك.

الشيء الغريب الذي حدث أنني اختبرت في الشهر السابق أشخاصٍ منقادين تمامًا لمفهوم التكلفة الأقل حتى ذهب الأمر إلى حياتهم الشخصية، بمعنى أنه فلان هذا أخبر فلانة أنه يريد الزواج بها، حينما تسأله متى نتزوج؟ ومتى تبدأ العلاقة في اتخاذ شكل الرسميات؟، يرد هو بدوره أنه لا يعلم متى، ولكنهما جيدين هكذا، وما الداعي لهذا، وأنه يجب أن تبقى لكي تثبت صدقها في الاخلاص له، سألتها هل هو غير مقتدرٍ ماديًا؟، قالت بالعكس، هنا خلص عقلي إلى أن الرجل لم يكتفي بكونه رأسماليًا في حياته، بل يفعل ذلك في علاقاته، أي أنه يريد أن يستمتع بأكبر قدر مع فتاة ما، ولكن دون ان يدفع تكلفة الأمر ليس ماديًا ولكن حتى أن يدفع ثمنه معنويًا، لا يريد أن يرتبط رسميًا ويدفع ثمن ارتباطه بها ومسؤولياته عنها أمام الله وعائلته قبل عائلته؟! واظنه يفعل هذا في كل العلاقات التي تحيط به عاطفية أو عائلية، ما بالك بالزواج الذي قال الله عنه جل علاه بإنه ميثاق غليظ!

دعك من الارتباط ومن علاقات الحب، لكن تخيل أننا أصبحنا رأسمالين في مشاعرنا، نريد أكبر قدرٍ من الفائدة دون أدنى حد من تحمل المسؤولية التي تخصه!

طبق الأمر على كل شيء في حياتك يكلفك مسؤولية ما، ستجد أنها أصبحت سمة منتشرة أننا نبحث عن ما يكلفنا أقل بأي طريقة كانت، ظلم ما وقع هنا، كلمة قلتها ولم تلق لها بالًا، مال مستباح، أكل ميراث، أطفال لا تتحمل مسؤوليتهم، أبوين هارمين تستكفي بما بذلاه لك ولا تحاول رد الجميل أبدًا ...

وهكذا، احاول التفكير في الأمر مطولًا، لعلي استوعب ما يحدث، وما مآل هذا الجنون؟! إن العالم يتحول لغابة كبيرة!

ماذا ترى أنت، هل لاحظت أي أخلاقيات اندثرت بسبب الحداثة؟ كيف ترى الانسان الحديث أصلًا؟