بدايةً وقبل أي شيء.. لقد سمعت عن الموقع منذ فترة طويلة لكن لم ابدأ في استخدامه إلا قريبًا لأني مللت فيسبوك، وأصبحت أقضي عليه أوقات طويلة أفعل لاشيء حرفيًا سوى معرفة أخبار كل شيء وأي شيء، وأنا لست في حاجة لكل هذه المعلومات التي تؤثر علي حالتي النفسية بالسلب، وتشغل وقتي بما هو ليس مفيد غالبًا.

كذلك أصبح فيسبوك موقعًا للعرض وليس لطرح موضوعًا للمناقشة، حتى لو لديك آلاف المتابعين، لأن الخوارزمية تجمع من يؤيدك الرأي عادة ويعجبه ما تقوله حولك، وتصور لك أن العالم كله شبهك، وهذه فكرة مخيفة بعض الشيء لأن العالم كبير واوسع من مجرد وجهة نظر أو رأي أو اعتقاد او أسلوب معين للحياة وأصبح هناك حاجة حقيقية للاختلاف والنقاش وعرض أفكار جديدة.

مع بداية انتقالي من العمل بدوام كامل للإعتماد على العمل الحر، وجدت أن الموقع هنا مكان جيد لعرض أعمالي وتقييمها، ومعرفة ما الذي أحتاجه لتطوير نفسي من آراء المستخدمين.

وفي الحقيقة لو لم أجد في هذا الموقع فرصة حقيقية ليصبح واحد من أهم المواقع العربية على الإطلاق وأوسعها انتشارًا، ما كنت اهتممت بكتابة رأيي في الموقع هنا، وكنت اكتفيت بالاحتفاظ به لنفسي أو لجلسة من جلسات الحديث التقني مع الزملاء.. لكني رأيت أن أكتب رأيي هنا لعله يجد من يسمعه، ولعله يكون سببًا في منفعة كبيرة لمستخدمين الإنترنت في العالم العربي.

مع بداية استخدامي وتعرّفي على المنصة بشكل عملي، اتضحلي أنها ليست مساحة للتقنيين، وأنها مساحة مفتوحة بشكل عام، يصلح ومناسب لجميع فئات المستخدمين، فعلى سبيل المثال لو كنت أعمل كصحفي، لن أجد مكان أفضل من هنا لطرح أفكاري وأعمالي، والأحداث العالمية التي تخص المهنة، والتحديات التي تواجه الصحفيين سواء بشكل عام أو في منطقة بعينها، أو في حال كنت ناشط سياسي، أو حقوقي، أو مهتم بما يحدث في العالم من أحداث، أيضًا لن أجد بنية مكان مهيئة بهذا الشكل للنقاش ولعرض الأفكار، كما كان تويتر في مصر قبل ٢٠١١ م، قبل أن يزدحم بالمستخدمين.. وكذلك بالنسبة لأي فئة من فئات المجتمع..

لكن ما المشكلة هنا؟؟

هناك خلل كبير فيه منظومة التقييم في الموقع التي تجعل المستخدم يفكر قبل طرح فكرة أو رأي لسببين:

الأول: قد تكون المنظومة أقل خللًا في حال أن الفكرة أو الرأي متعلق بموضوع تقني بحت لا يقبل النقاش، لكن في الحياة العامة، في السياسة، في الدين، في العديد من المواضيع محل الجدل، والتي تقبل بالضرورة تنوع الآراء واختلافاتها، فكرة التقييم غير مفهومة بالنسبة لي.. بمعنى، تخيلوا أن الأغلبية في الموقع مجموعات من الشباب المنفتح والذي يرى أن حرية التعبير لا سقف لها ولا حدود عليها ما دام لا يوجد تحريض على العنف أو على القتل ودخل مستخدم جديد وطرح في المجتمع فكرة بسيطة، وهي "لماذا تسمح إدارة الموقع للمستخدمين أن يستخدموا مصطلحات أو تعبيرات أو تلميحات خارجة؟" ما الذي سوف يحدث لهذه الفكرة؟! سوف تنال هجوم كبير وسوف ينال صاحبها تقييمات سلبية عديدة، لأنه خارج عن السياق والمألوف.. فهل الموقع هنا منغلق على فكرة معينة وفئة محددة من المستخدمين؟؟ إذا كان هذا في صميم فلسفة الموقع إذا فلا مشكلة إطلاقًا، لكن لا تقول في وصف الموقع:

نهدف من خلاله الى بناء مجتمع عربي ناضج بأسلوب جديد ومختلف

لأن هذا الأسلوب ليس أسلوبًا جديدًا، بل هذا ما ولدت وترعرت عليه في مصر، أن هناك الجيد والسيء، والجميل والقبيح، الأسلوب الذي يحمل العديد من التناقضات في داخله.. وعن فكرة النضج، لا أفهم أيضًا هل النضج هو حالة معينة يعرفها بوضوح القائم على هذه الفكرة؟ لأن النضج في رأيي عملية مستمرة، تحدث بالتراكمات وبالخبرات، ما هو "نضج" اليوم، غدًا أو بعد سنين يصبح "مراهقة" و "تخلف" لأن هذه هي الحياة، دائمًا ما نتعلم منها وليس هناك نقطة معينة يصل فيها الشخص أو المجتمع أو الحضارة للنضج بالمعنى الحتمي للتعبير.

السبب الثاني: لو اتفقنا على فكرة التقييم لما ينشر من مواضيع وروابط الخ، لماذا يتم ربط هذا التقييم بشخص المستخدم؟! لما يوجد ما يسمى بالسمعة!! قد أفهم فكرة تقييم الموضوع وقد أفهم فكرة أن رأي أراه جيد يراه الآخرون سيء، لكن لماذا ينعكس هذا على شخصي!! هذه الفكرة غريبة للغاية بالنسبة لي.. ومخيفة! أعرف صديقًا من الناس الملهمين الذين عرفتهم في حياتي يدرس في الخارج، ويعمل بشكل حر، ويكتب في مواقع عربية كبيرة مشهود لها بالثقة والجودة مواضيع مهمة جدًا، تحدثت إليه لينضم للموقع، لأني وجدته فرصة كما ذكرت في البداية، وبديل جيد، قال لي أن سمعته بالسالب لأن الناس هنا "سلفيين" على حسب تعبيره، ولا يعجبهم رأيه في السياسة فتوقف عن استخدام الموقع لأنه بلا فائدة!..

..

ما نتيجة هذه الفلسفة في التقييم؟

١- أن أقوم بنشر منشور جيد فعلا، فأجد التقييمات السلبية بدأت في الظهور، فأتحدث إلى زملاءي الذين يوافقوني الرأي، ليقوموا بتقييم إيجابي لرفع الموضوع ولإنقاذ السمعة بالطبع واللي هي أهم لأنه الموضوع أصبح شخصي!

وهذا في رأيي فشل كبير في أن تكون هذه المنصة للنقاش، أصبحت للجماعات، والأنصار.. صاحب التقييم الأعلى هو الأقوى..

٢- خسارة العديد من المستخدمين من الآراء المختلفة، وضياع فرصة أن يكون الموقع معبرًا عن جميع الآراء في العالم العربي ومنصة حقيقية للتعبير والنقاش.

..

الخلاصة: نحتاج في العالم العربي لثقافة تقبل الآخر، ولثقافة الرأي الآخر، لا نحتاج لمزيد من الأدوات التي تشعر الشخص بالخوف لمجرد تعبيره عن رأيه أو طرحه لأفكاره..

رأيي هذا مطروح للنقاش، وآسف جدًا على الإطالة وتحياتي لكم

تحديث: إضافة بعض المقترحات.

  • لنظام التقييم.

يظل كما هو ايجابي وسلبي، لكن لا يتم ربطه بالسمعة، وتكون السمعة مرتبطة فقط بالتقييمات الإيجابية للمساهمات في المواضيع والروابط وليس التعليقات..

  • لتحفيز الاعضاء على المشاركة.

بدايةً جذب المزيد من الأعضاء المتحمسين لطرح المواضيع لأنه كما عرفت من زملائي من لهم تجارب سابقة هنا، أنهم في البداية يأتوا متحمسين للغاية للمشاركة بعد ذلك يُصدَموا في مسألة التقييمات، وموضوع تقبل الرأي الآخر وما إلى ذلك، أنا أحلم فعلا ببديل عن الفيسبوك لأن الفيسبوك أصبح مجتمع مغلق للغاية، ما اراه جيد أرى الجميع حولي متفق معه وكل من له رأي مخالف تخفيه الخوارزمية، فيتصور كل شخص أن العالم كله مثله أو شبيه له، وهذا أمر خطير للغاية خاصة في السياسة!

جذب أعضاء جدد من مختلف المجالات (سياسة، إعلام، تقنية، مرأة، فنون، ريادة أعمال، رياضة.. الخ) بشكل تسويقيًا جيد مثل جذب بعض المشاهير واقناعهم بالمشاركة في الموقع ونشر أراءهم هنا بدلًا من الفيسبوك..