كنتُ أتحدَّث مع سفر عيّاد اليوم على تدوينة قد نشرها قبل أيام بعنوان (مستقبل الانترنت: مجتمعات حوار متخصّصة) وقد فتح الرجل نظري، وشجّعني النقاش معه على صياغة أفكاري بخصوص هذا الموضوع.
قد أكون متحيّزًا في هذا المنشور، والذي أقارن فيه بين سلاسل تويتر وحسوب، كوني ألقيتُ في حسوب مقالاتي، لكنَّ تجربتي تستحقُّ الذكر، وتهمُّ الكُتّاب الناشئين، وأنا منهم، وتهمُّ أولئك الذين يؤمنون بأنَّ عندهم محتوى يستحقُّ أن يُقرأ، وقد جرَّبت منصّات التواصل جميعًا، ودوّنت في أغلبها، ودوّنتُ في حسوب، وسأعدُّ لكم الفوارق.
حسوب I/O خيار أذكى
ليس شرطًا أن يكون الكلام خاصًا بحسوب، المهم أن يكون موقعًا بعيدًا عن ضوضاء التواصل الاجتماعي، فيه قرّاء متفاعلون، وفيهم ثقافة عالية، وتصميم الموقع جذّاب ويعمل على كافة الأجهزة، إن كان عندك موقع مثل هذا فاعتبر الموضوع عنه!
مواقع التواصل أصبحت مهربًا لكثير من الناس، تجد الناس بين فترة وأخرى يعطّلون حساباتهم، الذي يبقى هناك هو من لم يجد بديلًا، تراه يتفاعل بتثاقل، ولو رأى فيها شيئا يُعجبه أو يُضحكه، فضّل مشاركة ذلك مع أصدقائه على الواتس آب أو مجموعات التليغرام، لا على بروفايل الفيسبوك الذي وجد المنشور عليه.
حسوب I/O ليس منتدى
قديمًا في بداية ظهورها، كانت المنتديات عامرة بالناس، كانت النقاشات على كلّ شيء، ماذا تعشّيت اليوم؟ هل تدخّن؟ هل دخلت مرحلة البرنسية؟
كانت هذه المنشورات تلاقي تفاعلًا، لأنَّ الناس لم يعهدوا التواصل مع شخص آخر على جانب من الكرة الأرضية بهذه السهولة، أنا سعيد بك مهما كان موضوع النقاش!
كانت هناك منتديات مفيدة فعلًا، وروّادها متخصصون يناقشون في المفيد، لكنّه لم يكن السائد الغالب على تلك المنتديات.
أمّا اليوم، بعد 15 سنة، تعوّدت على وجودك، أي نعم ستكون في أقصى المغرب ويحدّثك من في المشرق، ما الجديد؟ لن أطيق الحديث معك ما لم تقدِّم لي الفائدة، ولن تجري النقاشات بيننا ما لم تكن تؤطر بفوائد ومنافع، إلّا لو كنتَ فتاة يصبو إليها كلّ حليم، لكنّ لحديث الغرام أيّام أخرى.
مواقع التواصل قد تُجيد فعل هذا، لكنَّها تعرف موقنة أنّها خطة غير مضمونة، الجودة المستمرّة رهان صعب، الأضمن عندها أن تبقينا نتحدّث على أرضية نزاع، ترندات تظهر كلّ فترة تقسِّم الناس إلى معسكرين، وهذه بيئة غير صحّية، والأذكياء يا صاح لا يحبّون أن ينخدعوا، تراهم يفرّون من هذه النقاشات فراركَ من مجذوم!
حسوب I/O مختلف عن معظم المنتديات القديمة كونه يناقش في اطار من الفائدة، ويختلف عن مواقع التواصل كونه لا يقسِّم الناس إلى معسكرات، في حسوب I/O المثالي الذي في عقلي، لن تدخل إلى نقاش من غير أن تُفاد. ألم أقل لك أنّه الخيار الأذكى؟
حسوب I/O ينتصر على الثريدات
سلاسل تويتر مفيدة، لكنّها مليئة بالعيوب، فهي أولًا موجودة في بيئة صاخبة، إذا وقعت عليها داخل كُومة الأخبار، فترتيب السلاسل لا يُريح البصر، ولا يشجّع العقل على القراءة بتعمّق.
الكاتب المسكين يشذِّب الحروف، ويقصِّر الجمل كما تقصّر كُمَّ ثوب ثمين في وليمة غداء يوم العيد! وترى الردود مبعثرة، هذا يردّ على هذه التغريدة وذاك على تلك، وإذا أردت متابعة جميع الردود أصبح رأسك طبًلا لكثرة الدخول والخروج من ردود التغريدة إلى التي تليها.
القرّاء المساكين، تراهم يُشيرون في التعليق إلى بوت مشبوه، يُحمِّل لهم هذه السلسلة ويرفعها لهم في موقع، فيعرض التغريدات بشكل متصّل بصفحة واحدة.
البشر أذكياء، يعرفون أنَّ المحتوى المفيد يجب أن يكون متّصلا في صفحة واحدة، تنهلُ منه العين بسلاسة، أتعرفون أي موقع يعرض السلاسل المتصّلة في صفحة واحدة؟ المدوّنات والمجتمعات، حسوب I/O أيضًا!
في حسوب، أنت أيضًا تتعامل مع خوازمية ذكية، تقترحُ لك عدّة منشورات مُتشابهة بعد أن تُكمل المنشور، كما ستقترح لك ذلك عندما تُكمل منشوري، تخيّل من سيحصل على الفائدة أكثر، من يقرأ منشورًا عميقًا متسلسلا في صفحة واحدة، ويرى التعليقات بشكل مرتّب، ثمَّ ينتقل لموضوعات مُشابهة، أم ذلك الذي يُكابد بعد كلّ تغريدة في سلسلة، يتصفّح تعليقاتها ويريد حفظها، ثمَّ ينتهي لتحتضنه ترندات ذلك اليوم المتنازعة!
لستُ مغفلًا، لعلّنا لم نصل للمرحلة التي أتخيّلها في عقلي، لكنّ الأمر قريب وممكن جدًا، نحتاج الناشئين، نحتاج الكتّاب الأذكياء الذين يفرّون من مواقع التواصل لمجتمعات تُرضيهم، وقد حاولتُ اقناعهم في منشوري هذا، وقد حان دوركم.
التعليقات