الأب السعودي في القرن الواحد والعشرين هو ضحية ومجرم أزلي لا يمكن التغاضي عنه في أي موضوع أو تطور اجتماعي. تكمن العلة في الأسباب الآتية، ومنها ما واجهه الأب السعودي خلال فترة طفولته، فقد عانى الكثير من المتاعب مع التربية القديمة والعادات والجهل الذي كان سائدًا في المجتمع المنغلق المحافظ على عادات الآباء والأجداد القديمة. العلة الأساسية تكمن في الصدمات والمواجهات التي أستطيع تسميتها بالحرب البدائية مع المجتمع المنغلق عن نفسه، الذي كان ذا أسس خاطئة في الكثير من الأشياء، منها العلمية والتربوية والتعاملية على حد واحد. لا أعمم جميع المجتمع بالنقد والكلام، لكن الأغلبية كانت هكذا: الأب المتسلط ذو الطبع الحاد والشخصية النرجسية، الأم المنساقة تحت آراء الأب، والعائلة التي تخاف من الأب وتعتبره الشخص المتحكم. عاش الابن في هذه الفترة العصيبة الانغلاقية تحت ستار البر والعادات المجتمعية، وتوقع أن يتم تتويجه بهذا التاج عندما يكون أسرة، فاجتهد على أن يقيم هذه الأسرة لكي يعيش ما عاشه أبوه من انسياقية الأم وخضوع الأبناء. لكن التطور الاجتماعي ونقد المجتمع والوعي الذي حدث، خصوصًا في مجتمعنا العربي، صدم الأب النرجسي ذو الطباع الحادة، وتمت مواجهته بهذا النقد الحاد، فقد أصبح في منافسة داخلية بين الحلم الذي كوّن العائلة من أجله والوعي الذي أصبح عند الأبناء، فأصبح قنبلة غضب تنقد وتحاول الإجبار والتهديد والانصياع على عادات ولى عليها الزمن. الأب في هذا الموقف هو ضحية وأيضًا مجرم في الوقت ذاته، لكن الضحية يمكن أن يُرد لها حقها، أما المجرم فهو المعتدي الذي يُسلب منه ما قد اغتصبه عنوة وتجبرًا. فقد أصبح الأب السعودي يستظل تحت ستار البر لكي ينجو من أغلاطه ويتم محو صورة المجرم من الأذهان، لكن يتعارض ما يريده الأب مع الوعي الفكري الذي صدمه في بداية الأمر. الأب الذي يلوم الأم على أخطاء الأبناء، ويلوم التكنولوجيا على وعي أبنائه، ويلوم تطور المجتمع، فيمضي المجتمع في تقدمه ولا يزال الأب في دوامته الأزلية يحارب التوعية ويتستر بستار البر في محاولته للحصول على ما أعطاه هو لأبويه والحصول على مثله أو أكثر، وإذا نقص شيء ظن أن هناك الخطأ الفادح من ابنه والتقصير الواضح من زوجته، فزادت نسب الطلاق والمشاكل الأبوية، وتبدأ حينها المقارنات البائسة. الوعي المجتمعي قد لا يكون بالانتشار البالغ، فيبدأ الابن الجاهل بمحاولة إرضاء الأب النرجسي الذي اعتقد أن ما فعله هو دين وسيُرد له، لكن الضحية الواقعية في هذه المشكلة هو الابن الذي يسعى إلى إرضاء أبيه ويسعى ويحاول ولا يستطيع، وأنا مستعد لكتابة العديد من الصفحات التي فقط محتواها يسعى لأبين لكم المحاولات التي يحاولها الابن ولا يستطيع، لكن الأب لا يكتفي، وإنما يحاول ويفعل ويقوم ويؤدي ويتمحور الأب كأداة تسلب الابن البراءة والطفولة والذكريات الجميلة، ويحاول أن يرضي الأب النرجسي بدرجاته وإنجازاته، لكن كلا لا يقنع الأب ولا يرضى عن صنيع ابنه المسكين، فتكون الدوامة هكذا حتى يستيقظ الابن من غفلته ويواجه الأب النرجسي، فينكسر الأب ويستتر بستر البر لكي يمحو الأخطاء التي فعلها في الماضي. أتمنى من كل قلبي أن يعيش أولئك الأبناء حياة جميلة، وأن يأتي جيل جديد من الآباء ذوي وعي أعلى من أسلافهم ويقومون البنيان والانهداد النفسي داخل الأبناء.
الاب العربي
للأسف هذا حاصل في كل البيئات العربية نوعا ما فالأب بحكم الأعراف و التقاليد يصبح مثل قاراقوش يريد أن تنفذ آراه بدون نقاش. ليست هناك مساحة ديمقراطية قط. تلك الشخصية شخصية سي سيد كانت سائدة في كل بيئاتنا العربية ولكنها خفتت قليلاً أو كثيراً فيها بفعل العولمة و الإختلاط وبحكم عمل المرأة وإحساسها بذاتها....
التعليقات