حديثا حصل تغيير في خطط التعليم للمرحلة الثانوية في مصر ومن ضمن التغييرات كان تقليل الاهتمام بالعلوم الإنسانية وبالتالي هنالك العديد لا يعرفون معنى أو أهمية العلوم الإنسانية بالأساس، فكيف يمكن أن نبسط مفهوم العلوم الإنسانية بمستويات مختلفة لشخص بسيط لا يمتلك معرفة ثقافية وشخص آخر يمتلك معرفة ولكنه لا يعرف مفهوم العلوم الإنسانية؟
إن كنت بمحاضرة، وطُلب منك تبسيط مفهوم العلوم الإنسانية كيف ستشرحها؟
الإنسانية بمستويات مختلفة لشخص بسيط لا يمتلك معرفة ثقافية وشخص آخر يمتلك معرفة ولكنه لا يعرف مفهوم العلوم الإنسانية؟
للمثقف أو لغيره , إن كان الإنسان ومنذ أمد تاريخي بعيد هو تلك الذات الحاملة للمعرفة العلمية، والتي استطاعت السيطرة على الطبيعة واستكناه جوهر نظمها وحتمياتها وقوانينها؛ فإنه وبعد أن تمكن فعلا من الاستحواذ على تلك الطبيعة، سيصير هو نفسه موضوعا للمعرفة. وهي المعرفة التي تم تأطيرها ضمن ما يسمى بالعلوم الإنسانية؛ كعلوم تسعى إلى دراسة هذا الإنسان، قياسا واستلهاما للنموذج الناجح في العلوم الحقة. وهنا سيبدأ التفكير في إمكانية الوصول إلى معرفة موضوعية بذات الإنسان، سواء كانت تلك المعرفة قائمة على نهج العلوم الطبيعية أم على مبتكراتها المنهجية الخاصة التي يمكن أن تميزها في ذاتيتها وشموليتها، وتعكس علميتها. لكن في هذه النقطة بالتحديد، ستصطدم العلوم الإنسانية بجملة من الصعوبات على مستوى موضعة الظاهرة الإنسانية، وعلى مستوى المنهج الملائم لموضوعها والنموذج الذي يصلح للاختبار عليها.
هي العلوم التي تتناول دراسة التفاعلات الإنسانية وكل ما يخص الإنسان كفرد أو كجزء من مجتمع، هذه العلوم تغوص في فكر الإنسان وتاريخه، وللتوضيح ببساطة أكثر لنأخذ مصطلحًا مشابه كالعلوم الطبيعية، فهذه تدرس مكونات الطبيعة وما يتعلق بها من تفاعلات وتفسيرات، أما الإنسانية فتركيزها على الإنسان.
ولكن لفتني بصراحة نقطة تقليل الإهتمام بهذا الفرع من العلوم المهم جدًا برأيي، وللأسف تشترك فيه دول عربية عدة، ألا يمكن أن يكون السبب في تأخر نمو مجتمعاتنا فكريًا هو إهمالنا لتخصصات فكرية جوهرية كتخصصات العلوم الإنسانية بتنوعها؟
، فهذه تدرس مكونات الطبيعة وما يتعلق بها من تفاعلات وتفسيرات، أما الإنسانية فتركيزها على الإنسان.
أعتقد أنه سيكون من الجيد أيضا أن نضع بعض الأمثلة لنوضح مثلا فيما تستخدم بالفعل وتفيد الإنسان ألا ترين ذلك؟
ألا يمكن أن يكون السبب في تأخر نمو مجتمعاتنا فكريًا هو إهمالنا لتخصصات فكرية جوهرية كتخصصات العلوم الإنسانية بتنوعها؟
بكل تأكيد، فحتى العديد من دارسي العلوم الإنسانية لا يهتمون بها ودرسوها فقط لمجرد المجموع في الثانوية العامة، ولو أمعنا النظر أصلا في العلوم الطبيعية فهي منبثقة من الفلسفة في الأساس ولكل مجال من العلوم الطبيعية جزء خاص يسمى فلسفة هذا العلم وكيف لابد أن يكون للعالم فلسفته الخاصة حتى يتمكن من أن يبدع.
أعتقد أنه سيكون من الجيد أيضا أن نضع بعض الأمثلة لنوضح مثلا فيما تستخدم بالفعل وتفيد الإنسان ألا ترين ذلك؟
ممكن أكيد، وتخصصات العلوم الإنسانية متنوعة ويمكن توضيح أهميتها كل تخصص على حدى.
فحتى العديد من دارسي العلوم الإنسانية لا يهتمون بها ودرسوها فقط لمجرد المجموع في الثانوية العامة
وهذا نتاج الفكرة السائدة والتافهة المتفشية لدينا في مجتمعاتنا العربية، أن التخصصات الإنسانية بما أنها تقع ضمن تصنيف التخصصات الأدبية فهي للأغبياء والفاشلين فقط، أما تخصصات القمة فهي الطب والهندسة وما شابهها!
لو نظرنا للأمر من زاوية أخرى من السطح، نرى أن المجتمع بهذه النظرة يريد أن يبني ويشيّد ويعالج المريض فقط، وهذه مع أهميتها ليست كافية لبناء مجتمع يمتلك الحد الأدنى من مقومات النمو الحضاري!
العلوم الإنسانية هي مثل مجموعة أدوات تساعدنا على فهم الإنسان، والعالم من حولنا بشكل أفضل. هذه الأدوات تتعلق بكل ما هو إنساني، وفيها علاقتنا ببعضنا البعض.
مثال بسيط: تخيل أنك تحاول فهم لماذا يتصرف الناس بطريقة معينة، أو لماذا نحب بعضنا البعض، أو كيف نعيش معًا في المجتمع، أو كيف تتكون المجتمعات، وكيف يؤثر الناس على بعضهم. العلوم الإنسانية تساعدنا على دراسة هذه الأسئلة. تشمل أمور مثل:
- التاريخ: لمعرفة كيف عاش الناس في الماضي.
- الأدب: لقراءة القصص والشعر والتعبير عن مشاعرنا.
- اللغة: لفهم كيف نتحدث ونتواصل مع بعضنا البعض.
- الفلسفة: للتفكير في الأسئلة الكبيرة مثل "ما معنى الحياة؟".
ببساطة، العلوم الإنسانية تساعدنا على فهم أنفسنا والآخرين والعالم من حولنا.
التعليقات