يبدو أن مصطلح الحوكمة (Governance) من المصطلحات التي يتم استخدامها في حاضرنا وخاصة عندما نتحدث عن الشركات وريادة الأعمال، كلنا نعي المصطلح جيدًا، لكن ماذا لو سمع طفل في عمر الخامسة هذا المصطلح، وفاجأك بسؤاله: ما هو المقصود بالحوكمة؟ كيف ستشرحها له؟
كيف تشرح لطفل في عمر الخامسة مصطلح الحوكمة (Governance)؟
طفل في الخامسة أي أنه سيكون في مرحلة الحضانة، وبالتالي يمكن شرح معنى الحوكمة بناءً على اسقاط المعنى على نظام الحضانة
سأسأله عن مدير الحضانة وعن العاملين بها والمدرسين، وكيف أنهم يسيرون تبعًا لنظام معين، فيدرسونه هو وباقي الأطفال في أوقات معينة، ثم يخرجونهم إلى الفسحة، وبعد عدة دقائق يرجعون مرة أخرى إلى الفصول.
كل هذا الترتيب هو عبارة عن قواعد لابد من الالتزام بها، ولذلك فإن حضانته مميزة وجيدة.. وهذه هي الحوكمة أن يسير كل مكان وفقًا لقواعد ومعايير معينة لتحقيق أعلى جودة.
@AfafMnayhi إليك بعض الأمور كما وعدتك:
حاولت أغلب الجهات وعلى مستوى دولي تحديد أسباب الفساد الإداري والمالي كانهيار شركات كبرى، ووجود الفضائح المالية، والأزمات الاقتصادية وسوء الإدارة..
وسعت تلك الجهات لوضع طرق لتطوير الأساليب التقليدية لمنع مثل هذه التجاوزات، فكانت الحوكمة هي النتيجة التي خلصت لها تلك الدراسات.
والآن.. علينا قبل أن نفهم ما تعنيه الحوكمة أن نعرف أسباب ظهور الفساد الإداري والمالي، كخلاصة لهذه الدراسات والتي تمّ تحديدها من قبل البنك الدولي:
1. تهميش دور المؤسسات الرقابية، وقد تكون تعاني من الفساد هي نفسها.
2. البيروقراطية في المؤسسات.
3. الفراغ في السلطة السياسية.
4. ضعف مؤسسات المجتمع المدني وتهميش دورها .
5. توفر البيئة الاجتماعية والسياسية الملائمة لظهور الفساد
بناء على ذلك تمّ استخدام مصطلح الحوكمة، وحتى نعرف مفهومها فقد ورد أكثر من تعريف لها كله يشرح الفكرة من وجودها. من هذه التعاريف:
1. النظام الذي يتم من خلاله إدارة الشركات والتحكم في أعمالها، هذا التعريف ورد من قبل مؤسسة التمويل الدولية IFC.
2. مجموعة من العلاقات بين القائمين على إدارة الشركة ومجلس الإدارة وحملة الأسهم وغيرهم من المساهمين، وذلك حسبما ورد من قبل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD.
ببساطة اتفق الأغلب على أنّ الحوكمة هي النظام، أي وجود نظم تحكم العلاقات بين الأطراف الأساسية التي تؤثر في الأداء، كما تشمل مقومات تقوية المؤسسة على المدى البعيد وتحديد المسئول والمسئولية.
الآن لو أردنا أن نناقش أهميتها، فيمكننا تلخيص ذلك بالآتي:
1. محاربة الفساد المالي والإداري في الشركات ومحاولة عدم وجوده أو عودته.
2. ضمان تحقيق النزاهة والحيادية والاستقامة لكافة العاملين في الشركة وذلك بتطبيق المسائلة والحيادية على الجميع ابتداء من مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين حتى أدنى مستوى وظيفي في الشركة.
3. تفادي وجود الأخطاء ومنع استمرارها وتقليلها للحدّ الأدنى باستخدام طرق وأنظمة رقابية متطورة.
4. الاستفادة من نظم المحاسبة والمسائلة والرقابة الداخلية، وتحقيق فاعلية الإنفاق وربط الإنفاق بالإنتاج.
5. تحقيق قدر كافي من الإفصاح والشفافية في الكشوفات المالية.
6. ضمان أعلى قدر من الفاعلية لمراقبي الحسابات الخارجيين على الشركات وضمان استقلاليتهم وعدم خضوعهم لأية ضغوط من مجالس إدارة الشركات أو المدراء التنفيذيين فيها.
الإطار العام للحوكمة هو الاستخدام الأكفأ للموارد وضمان حق المساءلة، وضمان عدم السيطرة على الأجهزة الرقابية التي تقوم بالمساءلة لتحقيق الشفافية، وذلك في سعي لربط مصالح الأفراد والشركات والمجتمع، بما يضمن نمو الشركات العاملة، وتوفير فرص العمل أو الخدمات، وإشباع الحاجات.
والآن هل اتضح لكِ ولو القليل عزيزتي عفاف؟؟
في عيد ميلاد القط توم كان هنالك قالباً كبيراً من الكيك.
لقد حرس القط توم القالب جيداً، وفجأة جاء الفأر جيري وسرق قطعة من الكيك خلسة، حينها لاحقه توم، وأوقفه وسأله لماذا فعل ذلك، ولأنّ جيري أخطأ فقد حاسبه توم وحرمه حضور حفلة عيد الميلاد.
وحين عاد لحفلة عيد ميلاده وأطفأ الشمع وجاء موعد تقسيم القالب حرص توم أن يأخذ كلّ الحاضرين حصصهم، وأن تكون متساوية الحجم، لأنه يؤمن بالعدالة حيث لا قط من أصدقائه أفضل من الآخر.
لقد كان توم قطاً ماهراً وعادلاً، فقد استطاع أن يراقب قالب الكيك جيداً، ويحميه من السرقة، ويجعل كلّ من حضر حفلة عيد الميلاد يخرج منها سعيداً.. كما أنه أعطى جيري قطعة من الكيكة بعد أن وعده جيري أن لا يقوم بأية أعمال خاطئة ولا يحاول السرقة والتدخل بحياة الآخرين.
أنا لدي التباس بمصطلح الحوكمة، وسأبحث عنه أكثر..
لكن مثالك زاد الأمر التباسا، لم تقومي بإسقاط بمسألة الحوكمة، يعني الكعك، العيد الميلاج توم وجيري، ثم؟.
لأنك رأيته بمستوى شخص بالغ يحاول ان يفهم الموضوع..
ماذا يعنيني ليفهم طفل في الخامسة الحوكمة؟؟
يعنيني ان يفهم انها اداة رقابية.. وتوم راقب قالب الكيك.
وجيري أخطأ وسرق ما لا يحق له الحصول عليه وهو يمثل بذلك الجهات التي تقوم الحوكمة بمراقبة ادائهم.
يعنيني ان يفهم مبادئ الحوكمة والتي كتبت عنها في مساهمة سابقة:
تمتع توم بشفافية مطلقة حين مارس المسائلة بسؤال جيري عن اسباب سرقته ومحاسبته بحرمانه من حضور الحفلة، وحين مارس العدالة بتقسيم القالب.
المهارة والعدالة التي تمتع بها توم سببت السعادة وهي حالة الرضا القائمة على عدم وجود محاباة أو تجاوزات
حصل جيري في النهاية على حصته حين وعد ان يقوم بالامر بشكل صحيح ولا يفتعل الاخطاء او التجاوزات وهذا ما تسعى الحوكمة في النهاية لإرسائه.
عفاف الحوكمة اداة رقابة تهدف لارساء العدالة والشفافية ومسائلة المخطئين ومحاسبتهم..
وتسعى بأن يكون تكافؤ الفرص متاحاً للجميع دون محاباة.
وأساسها يقوم على مراقبة الأداء والأعمال وتطبيق التشريعات ونفاذها وعدم التجاوز في الأمر.
حين شرحت قصة توم وجيري بدا واضحاً ان توم كان هو الشخص او الفريق الذي يعمل على تطبيق تلك القواعد.
وجيري هو الجهات التي يتم مراقبتهم ومحاسبتهم حين يخطئون.
الأمر غير واضح يا إيناس..
مثلا لو قلت أن توم هو الحكومات، وجيري الشركات..
الأمر هنا عادي، فهمت أن الحوكمة هي أداة رقابة لكن لمن؟
وتوم يراقب من؟
هل أنا كمواطن سيأتي شخص ويراقبني قائلا أنها حوكمة؟ أتحدث عن الجهات التي تطبق، والتي يطبق عليها
أكرر مرة اخرى عفاف الغالية..
أنت تريدين أن تجعلي طفلاً في الخامسة يفهم فكرة..
الطفل لا يعنيه الحكومة أو الشركة أو الحقوق والأولويات.
الطفل يعنيه من هذا الموضوع كلّه أن يفهم أن قالب الكيك كان هدفاً وأن توم مارس الرقابة ليحافظ على الهدف سليماً من أية أعمال مؤذية وفق مبادئ قام بها.
لو طرح هذا السؤال في مجتمع اسأل أو أفكار أو أي مجتمع يريد النضوج في الشرح لأسهبت بشرح الأساسيات..
لكننا نريد أن نقول لطفل في الخامسة ان هنالك من يراقب اداء الاخرين حتى لا يقوموا بأية أعمال شريرة، فإن فعلوا نحاسبهم.. ببساطة هذا ما يعني طفل في الخامسة.
لكن لا دخل لي بالطفل يا إيناس عزيزتي، اشرحي لي أنا، وانسي أمر الطفل..
أود فهمه جديا دون افتعال النقاش، سألتك أنا كعفاف البالغة الراشدة التي تجاوزت العشرين سنة لكي تفهم..
وهذه المساهمة مناسبة لذلك..
أنت أنهيت أمر الطفل بالخامسة حين تحدث عن قصة توم وجيري..
هههههههههههههههههههههههههههههههههههه لقد ضحكت من كلّ كلّ كلّ قلبي عفاف.. حسناً غاليتي.. أمهليني فقط حتى أعود للبيت كوني أكتب لكِ الآن وأنا بالمركبة متجهة للبيت، حالما أصل سأضع شرحاً وافياً للحوكمة لفتاة تدرس القانون ورسالتها كانت حول التحكيم الإلكتروني لحل النزاعات
أرى أن الأطفال في الخامسة لا يعون بشكل كامل بمفهوم النظام نفسه أو السلطة التنفيذية أو التشريعية أو على اٌل الحاجة نفسها إلى ذلك. وعليه، أظن أنني سوف أقوم بالشرح في إطار نموذج تقريبي مناسب لهم، ألا وهو البيت، حيث أنني سوف أستعين بدور كل شخص في البيت مثل الأب والأم والأبناء، ومسؤولية الأم تجاههم وما تنهيهم عنه وما تحثهم على فعله، وذلك لتقريب النموذج إلى نموذج مغهوم ونابع من شعورهم بالأمان تجاه البيت وتجاه الأب والأم ومعرفتهم الكاملة بالنظام المتبع داخل الأسرة، فإا أسقطناه كنموذج سوف يستفيدون ويفهمون بسهولة في رأيي.
لست متمكنة في شرح هذه المفاهيم للأطفال، لكن مع ذلك سأجرب، سأسقط له هذا المفهوم على كرتون المفضل لديه، مثلا كرتون " سيمبا الذي يبث عبر سبيستون"، في الغابة ملك يدعى سيمبا يحاول أن يحارب الأشرار من ناحية ومن ناحية أخرى يريد أن يطبق قواعد يسير عليها كل الحيوانات الموجودة في الغابة، مثلا قاعدة الإحترام، عدم السرقة، الصدق، العمل ....كلها هذه الأمور تدخل تحت مسمى الحوكمة، ومن أتى بهذا المصطلح هو شخص حكيم يريد أن يكون عادلا بهذه القواعد.
أعتقد أنه مهما حاولنا تبسيط المفاهيم الكبيرة والمعقدة لطفل في الخامسة من عمره فإنه لن يستطيع فهمها لأن الوعي لديه غير مكتمل بعد بحقيقة الأشياء، لذا فإنني أعتقد أن أفضل طريقة تكون من خلال التشبيه؛ وقبل الشروع بالشرح للطفل علينا أن نستحضر لذهنه قصة بسيطة يستطيع فهمها وقريبة في معناها وعناصرها من المصطلح الذي نود شرحه وحين يفهم الطفل القصة ويعي ترابط عناصرها والعلاقة بينهم يصبح الأمر سهلاً للغاية فقط علينا أن نربط كل عنصر من عناصر القصة بعنصر من عناصر المفهوم الذي نود شرحه أي تشبيه المعقد بالبسيط وسيستطيع الطفل فهم المصطلح بالتقريب.. هل جربتم فعل هذه الطريقة مع طفل من قبل؟
التعليقات