تصنف نظرية عالم النفس الشهير هربرت شيلدون الأشخاص حسب السمات الجسدية، وتقول أن الأفراد ذوي الصفات الجسدية المتشابهة يتشابهون أيضًا في شخصياتهم، وأن أشكالهم الخارجية تنعكس على سلوكهم وتشكل شخصياتهم، على سبيل المثال الجسم مفتول العضلات يتمتع صاحبه بالطباع الحادة ويصلح شخصية قيادية ولكنه لا يستطيع حل مشكلاته بالليونة الكافية، شاركنا هل تتفق مع نظرية شيلدون لتصنيف الأشخاص حسب مظهرهم؟
نظرية شيلدون لتصنيف الأشخاص حسب المظهر، هل تتفق معها؟
أتذكّر أنني قرأت في النظرية وأنها قديمة، يعني تقريباً في أربعينيات أو خمسينات القرن الماضي، أتذكرها لأنني وقتها كنت نحيف جداً وكان يُنظر إلى النحيف في النظرية على أنه انطوائي ومثقف وأنا فعلاً بهذه الصفات، أعاني من انطوائية غير مفهومة وكنت وقتها كثير الحب للكتب والقراءة والثقافة عموماً ولكن اليوم أراها للأمانة تبسط لتعقيد السلوك البشري والشخصية بشكل مفرط وطفولي، وتختصره في مجرد مظهر جسدي، وهذا غير منطقي بالنسبة لي نهائياً بعد ما فهمت أن كل شيء في الكون علاقاته متراكبة بشكل كثيف ولا يوجد سبب واحد لشيء واحد، أتا أميل لتشكّل الشخصية مثلاً بعوامل وراثية وبيئية وتجارب حياة وربنا بعض الشكل ولكن هذا ليس عامل فيصل بتحديد هذا الأمر.
هربرت له العديد من النظريات التي نجحت في إثارة الجدل والانتقاد لأنها سطحية ومخالفة لمبادئ علم النفس التي تقوم على البحث والتعمق وتنظر في البنية الداخلية أولاً، وقد قرأت مقال بالجامعة عن هذه النظرية، كان مقال نقدي بعنوان من أفلاطون إلى هربرت لا تزال العنصرية مستمرة، وقد شبه الكاتب نظرية هربرت بنظرية أفلاطون في تصنيف البشر لأسياد وعبيد حسب لون البشرة وهذا توجه علمي حقير، وكذلك الأمر من وجهة نظر كاتب المقال ووجهة نظري، ولو بحثنا في ذلك سنجد أنه ينظر للاصحاء والرياضيين على أنهم وحوش لا قلب لها، والعكس صحيح وهذا بعيد عن الواقع وبه نوع من العنصرية.
ولكن للأسف لا يزال العديد من الأفراد في واقعنا الحالي يساهمون في تكوين هذه الأفكار العنصرية مما يؤدي إلى تعزيز انتشارها بشكل متزايد، فكيف يمكننا التصدي لهذه الأفكار العنصرية بشكل فعال؟
فكيف يمكننا التصدي لهذه الأفكار العنصرية بشكل فعال؟
ليس سهلًا أبدًا، نحن نحاول هنا اجتثاث فكرة متجذرة في المجتمع، لطالما اعتقدت أن شعبي أو شعوبنا العربية بشكل عام هي الأكثر عنصرية، هكذا بالفطرة، نحن نولد ويتم تلقيننا أن العرق الفلاني أقلّ منّا وعلينا احتقاره، ويتم فتح عيوننا على الفروقات الطبقية، لذا نحن بحاجة لثورة وعي وفكر حقيقية، للمعلومية لم تتم محاربة العنصرية بشكل واضح صريح في بلادي سوى بعد قيام ثورة حقيقية في البلاد، حينها رفعت شعارات ضد العنصرية على الأعراق المختلفة في البلاد، لأول مرة شعر المواطن في ربوع البلاد أن المواطن الآخر أخ وليس عدو.
ألا يمكننا أن نخوض ثورة فكرية دون اللجوء إلى العمل السياسي المليء بالمشاق؟
للأسف كلامك ينطبق على كل بلاد العالم، فكما نولد هنا ويتم تلقيننا أن العرق الفلاني أقل منا وعلينا احتقاره، فهذا يحدث في كل دول العالم بلا استثناء أحد لذلك نرى الكراهية في كل مكان، وبالرغم أن الثورات بالفعل سلطت الضوء على العنصرية وساهمت في تحقيق بعض التقدم، إلا أن العنصرية ما زالت قائمة في كل أنحاء العالم، وأعتقد يا عزيزتي، أن هذه المشكلة بدأت بسبب أسباب سياسية وطبقية بحتة، وأصبحت متجذرة بعمق في المجتمع العالمي، والحلول ستكون بالطبع صعبة، فالأمر يتطلب تغييراً في الفكر العالمي وليس فقط المحلي، وأعتقد أن هناك ثورات فكرية قد نجحت بالفعل في تغيير بعض المعتقدات الخاطئة لدى الناس، مما يبعث على الأمل في قدرة هذه الثورات على إحداث تأثير إيجابي لكن الفكرة تكمن في كيفية استخدام هذه الثورات بشكل فعال وجيد لضمان تأثيرها على الأفراد والمجتمع بشكل عام
وفي النهاية أشكركِ على هذا الحوار القيم، فقد أثرتِ فيّ مشاعر دفعتني إلى الرغبة في الكتابة
حسنًا، سأضيف نظرتي لهذه النظرية، برأيي لها وجود، ولكن ليس في الواقع، بل في عقول الناس، فنحن نميل عادة إلى الحكم بشكل أولي عن طريق المظهر والأسلوب، سواء اعتمدنا هذا الحكم أم لم نعتمده، أعتقد أنه ينبع من داخلنا بشكل تلقائي، ولذلك نمرّ بمواقف نسمع فيها عبارة "كنت أظنك كذا لما رأيتك أول مرة ولكن تبين لي أني مخطئ"، لذا برأيي أحبّ هربرت التعبير عن أفكاره الشخصية ولكنه أخطأ في إلباسها ثوب النظرية العلمية.
التعليقات