أثناء حديثه عن الوظائف التي تميل إليها الإناث مقارنةً بالذكور صرّح جوردان بيترسون، عالم النفس والمنظّر الشهير، بأن هنالك رأيًا شائعًا في علم النفس الكلاسيكي مفاده أن الرجال يتعلّقون أو يهتمون بالأشياء، بينما تتعلّق أو تهتم النساء بالأشخاص. ما رأيكم في هذه الفكرة؟
النساء يتعلّقن بالأشخاص بينما يتعلّق الرجال بالأشياء.. على تتفق مع رأي جوردان بيترسون؟
شاهدت ما قاله بيترسون, هو يتحدث عن الاختيارات المهنية من الناحية الإحصائية, هناك تمييز بين الجنسين عدديا إحصائيا فقط, بمعنى أنه كمثال ليكن 70 بالمائة من الرجال يفضلون العمل بالأشياء مقابل 30 بالمائة من النساء, بمعنى أن الفكرة لا يقصد بها أن كل الرجال طبيعتهم كذا وكل النساء طبيعتهن كذا, هناك دائما تنوع بالشخصيات فكلنا بشر في آخر المطاف, ودراسة بيترسون حسب الاختلافات بين الجنسين في الاختيارات المهنية, مثلا نسبة كبيرة من النساء يعملن في مجال علم النفس والطب والتمريض... مقارنة بمجالات أخرى كالبرمجة أو الهندسة المعمارية سنجد نسبة الرجال فيها أكبر وهذا لا يعني أن كل المستشارين النفسيين والأطباء نساء ولا أن كل المهندسين والمبرمجين رجال.
وبيترسون ذات نفسه اختار مجال علم النفس أي اختار العمل مع الأشخاص بدل الأشياء, ومن سمات شخصية بيترسون حسب تصريحه أن لديه سمة شخصية مرتفعة في أوساط النساء مقارنة بالرجال.
ولا أحد يمكنه الجزم ما إذا كان السبب يعود لأسباب بيولوجية أم للتنشئة أم أن هناك تداخلا بين ما هو بيولوجي وبيئي في المسألة.
بالتأكيد لا يمكننا الجزم طبعًا، وهذا هو ما يدفعني دائمًا إلى مثل هذه النقاشات الثريّة. وللتنشئة دور أساسي في هذا السياق، حيث أن الأمر لا يتوقّف عند فكرة الفرق بين الذكر والأنثى، بالإضافة إلى أن البنية النفسية لا تعد نتيجة مباشرة للطبيعة البيولوجيّة فقط، فالظروف المحيطة تمثّل أساسًا لا جدال في أهمّيته.
هذا الفرق ليس دائمًا قاعدة عامة، وقد يختلف الأمر من شخص لآخر. فمن الممكن أن يجد الرجال بعض الاهتمامات الاجتماعية والعلاقات الشخصية مهمة بنفس القدر الذي يجد به النساء بعض الأشياء والمهام المحددة مهمة، لأن هناك العديد من العوامل التي تؤثر على اهتمامات وأولويات الأفراد والتي قد تتغير مع تغير الظروف الاجتماعية والثقافية.
بالنسبة لرأي جوردان بيترسون الذي يعتقد بأن الجنسين يتعلقان بالأشياء والأشخاص بنسب متساوية، ربما هو يقصد بأن الفروق تكمن في الاهتمامات المحددة، وربما يرجع إلى الاختلافات البيولوجية بين الجنسين والتي قد تؤثر على الاهتمامات والأولويات.
هذا الفرق ليس دائمًا قاعدة عامة
بالطبع، لا يوجد أساسًا فرق يعد قاعدةً عامةً. بالإضافة إلى ذلك، أنا عن نفسي لا أجد نفسي مقتنعًا بسهولة بمثل هذه الأمور، حيث أن فكرة التعامل مع الآخرين لا تدع لديّ مجال للنقاش أو الأساس المعرفي، فالفكرة نفسها لا تعتبر بهذه البساطة بالتأكيد، وبالتالي لا يمكنني الاستناد عليها في الحكم على كائن معقّد مثل الكائن البشري.
لا أدري على ما تستند هذه الدراسة. بالعادة أسمع أنّ المرأة كائن عاطفي بينما الرجل كائن عملي أكثر. فهل لهذه فكرة ارتباط بفكرة بيترسون؟ يعني هل الأشياء تمثل الناحية العملية بينما الأشخاص يمثلون الناحية العاطفية؟ إن كان الحال كذلك فهي إلى حدّ ما مقبول إذ أنّ الأمومة تفرض على المرأة امتلاك الشغف والعطف والقدرة على الاعتناء بالأشخاص. وأما طبيعة الرجل والالتزامات التي تُفرض عليه فإنّها تحوّل نظرته إلى الأمور بطريقة عقلانية أكثر .
من الممكن أن نسند التفسير إلى هذا الجانب أيضًا. لكن بالنسبة إليّ بشكلٍ شخصيٍّ، لا أستطيع أن أميّز الفروق الجوهريّة بين الإناث والذكور على مثل هذه المعايير البسيطة أكثر من اللازم، حتّى أن بيترسون نفسه قد أشار إلى الفكرة بأنها قد تكون سطحيّة بعض الشيء، فالعديد من نماذج الذكور يمتلكون قاسمًا مشتركًا في مثل هذه السياقات مع الجانب الأنثوي فيما يخص طبيعتهم النفسيّة والعكس صحيح.
التعليقات