هناك مواقف محورية تغير رؤيتنا للحياة تمامًا، منها ما يحدث في الصغر ولا نتذكره جيدًا، ومنها ما يحدث ونحن واعون بقدر تأثيره علينا.
فما هو الموقف الذي أثر فيك تمامًا لدرجة أن غير رؤيتك للحياة جذريًا؟
مرض أبي ووفاته من الأمور التي غيرت تمامًا من شخصيتي، فقد كنت صغيرة نوعًا ما وأميل دائمًا إلى تلقي الرعاية والاهتمام والحب، وبعد وفاته تغيرت الحياة تمامًا وأصبحت أنا من يحاول دائمًا إعطاء الحب والاهتمام ويخشى فراق أي فرد من أفراد الأسرة، كما قمت باستيعاب فكرة الحياة القصيرة بشكل أكبر، فلا بد من السعي إلى استغلال كل دقيقة من أعمارنا فيما يعود علينا بالنفع سواء في الدنيا أو الآخرة، فمن يدري لعل النهاية قد اقتربت بالفعل.
وفاة أحد أقربائي فجأة أثناء نومه، وهو شاب ما زال في ريعان الشباب كما يقولون. رحمه الله وغفر له.
كان كجرس الإنذار؛ لأني بعدها لم أعد أظن أن الموت يحدث لمريض أو كبير في السن. وصرت أتعامل مع كل يوم، وكأنه قد يكون الأخير. ومع كل شخص، وكأني قد لا يتسنى لي مقابلته مجددا؛ فأسعى ألا أظلمه، ولا أجرحه، ولا أتركه "شايل مني" أو حزين من شيء. تسبب ذلك في أني أصبحت أسرع مبادرة مما كنت.
زيارتي لإحدى مستشفيات جراحة الأطفال، معظمنا يتخيل أنه يدرك قيمة النعم التي حبانا بها الله، لكن التواجد في مكان كهذا حيث تجد أطفالًا يفتقدون أبسط تلك المميزات التي منحها الله للأصحاء منذ ولادتهم، جعلني أغير نظرتي للحياة، وأفهم الصورة بشكل أعمق، وأدرك مدى قوة هؤلاء الأطفال، فكثير منهم يحتاج لزراعة كبد، كلى، ترقيع مرئ، حالب، مثانة، استئصال، وقسطرة قلبية وأكثر، ورغم هذا أستشعر أن لديهم قوة وقدرة على التحمل رغم المعاناة، بينما نتذمر نحن من إصابتنا بنزلة برد أو صداع.
التعليقات