أحيانًا تكون هناك مواقف يصعب التصرف فيها لأن الاختيارات تكون صراعًا بين الإنسانية والمصلحة الشخصية. فتخيل نفسك في هذا الموقف: ذاهب إلى مقابلة عمل يتوقف عليها مستقبلك المهني، وعلى مدى بصرك رأيت شخص يغرق. كيف ستتصرف؟
في طريقك إلى مقابلة عمل مهمة، ورأيت شخص يتعرض للغرق في نهر قريب، ماذا ستفعل؟
ذاهب إلى مقابلة عمل يتوقف عليها مستقبلك المهني
بالتأكيد لن تأتي إلى ذهني حينها مقابلة العمل ولا المستقبل الذي يتوقف عليها، سأنشغل كلياً بمحاولة إنقاذه ولأكون صريحة لن أحاول إنقاذه بنفسي لأنني لا أستطيع السباحة، ومؤكد لو حاولت سنغرق معًا لا محالة، لذلك سأحاول الاستغاثة بمن حولي من أشخاص يعرفون السباحة لإنقاذه على أن يتم ذلك بسرعة كبيرة، لأن الفرد في هذه الحالة للأسف لا يأخذ سوى لحظات وينتهي كل شيء.
تعليقك يا بسمة يعكس موقفًا إنسانيًا قويًا، ولكن يمكن اعتباره مثاليًا بعض الشيء. في مواقف الطوارئ، من الضروري أن نحاول التصرف بسرعة وفعالية. بينما من الجيد أن تدركي حدود قدراتك وتختاري عدم محاولة السباحة لإنقاذ الشخص، فإن فكرة أن مقابلة العمل ومستقبلك المهني لن يخطران ببالك قد لا تكون واقعية بالنسبة للجميع. بعض الأشخاص قد يواجهون صراعًا داخليًا بين الإلحاح الإنساني والضرورات المهنية. بالتالي، من المنطقي أن نجد توازنًا بين الاندفاع للإنقاذ والبحث عن مساعدة فعالة من الآخرين. اتخاذ خطوات سريعة مثل طلب المساعدة من القريبين أو الاتصال بخدمات الطوارئ يمكن أن يكون قرارًا منطقيًا يجمع بين إنقاذ الحياة وعدم تجاهل المستقبل المهني بالكامل.
فإن فكرة أن مقابلة العمل ومستقبلك المهني لن يخطران ببالك قد لا تكون واقعية
بل على العكس تماماً هذه الفكرة هي الأكثر واقعية وليس لها علاقة بالمثالية لأنها رد فعل تلقائي، فقد تخيلت نفسي في الموقف بالفعل ووجدتني سأنسى كل شيء، وربما يظل المشهد عالقاً في ذهني لفترة طويلة بل ويؤثر سلباً على صحتي النفسية خاصة إذا لم يتم إنقاذ الشخص الذي يغرق، هي فروق فردية ليس أكثر.
تخيل شخص يفقد حياته أمامك مباشرة كيف ستتمكن من التفكير في مقابلة عمل أو أي شيء؟ ربما لأنك تتحدث بشكل نظري فقط دون تجربة الأمر، ولكن أعتقد على أرض الواقع سيتغير رأيك.
كلامك هذا يذكرني بفكرة التجربة الفكرية التي عرضوها كسؤال على مجموعة من الناس: إذا كان قطار يسير بسرعة عالية وأمامه ستة أشخاص، هل تفضل أن يصدمهم أم يتوقف وقد يؤثر ذلك على ركاب القطار جميعهم؟ تُعرف هذه التجربة بـ"معضلة العربة"، وهي اختبار أخلاقي شهير يطرح تساؤلات حول القرارات الصعبة والتضحية من أجل الصالح العام. هذه التجربة تجسد مدى تعقيد اتخاذ القرارات في مواقف حرجة وتحثنا على التفكير في القيم والأخلاقيات التي نتمسك بها. فماذا لو كنتِ ستقومين بحضور مقابلة لمنصب مدير حركة الملاحة بالمدينة وسيكون في اختصاصك منع هذه الحوادث في المستقبل فكيف سيكون قرارك؟ هل ستضحين بإمكانية مساعدتك في إنقاذ حياة الآلاف في المستقبل من الغرق أم ماذا؟
يكش يو*** وأنا مالى :) أومال الوظيفة تضيع مني!
بالطبع لا والله تذهب الوظيفة وتغور، ولكن روح إنسان إن لم يتطوع أحد لإنقاذه هى مسؤليتي الشخصية، فسأُسأل عنها يوم القيامة، ومن قال أن تصرف كهذا سيتسبب فى ضياع الوظيفة، ربما تصرفاً كهذا قد يكون بطولى وال HR يفرح بك وبتحملك للمسؤلية.
الجميع سيقول بديهياً إنه يجب إنقاذ الشخص الذي يغرق فوراً، لكنني أعتقد أن التوازن بين الإنسانية والمصلحة الشخصية يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار بواقعية. إذا كانت مقابلة العمل حاسمة لمستقبلي المهني وقدرتي على إعالة نفسي وعائلتي، فقد أرى أنه من الأفضل استدعاء المساعدة بسرعة من الأشخاص القريبين أو الجهات المختصة بدلاً من المخاطرة بتأخري عن المقابلة. في نهاية المطاف، يمكن أن يؤدي النجاح المهني إلى تمكيني من مساعدة الآخرين بشكل أكثر فعالية في المستقبل. التفكير بشكل استراتيجي لا يعني التخلي عن الإنسانية، بل يتعلق بإيجاد توازن يمكن أن يحقق أكبر فائدة على المدى الطويل.
أظن الجواب الواضح هو إنقاذ الشخص الذي على وشك أن يفارق الحياة. فالمقابلة أمر غير مضمون، وإن كان مكان العمل لا يقدر مثل هذه المواقف، فالانضمام إليهم لم يكن مهما من البداية.
أرى أن هناك أمثلة أكثر جدلية عن الصراع بين المصلحة الشخصية والإنسانية، فمثلا: هل تفوّت فرصة سفر تحسن فيها من معيشتك لأن فردا من العائلة يحتاج رعايتك؟ أو شيء كهذا.
التعليقات