دائمًا ما يشغلني هذا السؤال، متى يكون الرضا مقبولًا ومتى يكون عرضًا للركود وقبول الوضع دون بذل أي مجهود للتغيير، خصوصًا لو أن الشخص يمتلك قدرات ذهنية قوية ولكنه لا يعرف كيف يستغلها بشكل صحيح.
كيف تجد التوازن بين الطموح والقناعة؟
أرى أنهما يجب أن يكونا دائمًا متوازيين فالطموح بدون رضا هو مجرد سعي وراء السراب وأجلًا أم عاجلًا يصاب الفرد بالاحتراق مهما وصل بسبب سخطه عن وضعه طوال الوقت. والرضا بدون طموح هو تعريف الركود والوقوف. لذلك عليهما أن يتواجدا سويًا أي أن يكون الإنسان راضٍ للحد الذي يجعله مرتاحًا وغير راضٍ بالشكل الذي يجعله دائمًا يحاول. وأحيانًا يمر الإنسان بفترات يغلب عليها فقط واحد من الأثنين ولا مشكلة في هذا لكن لا يجب الاستكانة لوضع واحد لفترة طويلة بل يبحث الإنسان عن الرضا في اسوأ فتراته وعن الطموح في أكثر فترات رضاه واستقراره.
وصل بسبب سخطه عن وضعه طوال الوقت.
ولكن أليس هذا هو الحال مع الانجازات في العموم؟ تحققين الواحد لتجدي نفسك تسعين دون راحة وراء الآخر، بل لو توقفتِ قد تصابي بحالة من التوتر والضغط بسبب عدم الانجاز، ففكرة التوازن هنا واقعيًا لا تحدث، اعتقد الأمر أكثر يميل إلى اختيار الشخص نفسه، والاختيار يحتاج هدف وإرادة، بمعنى أنك قد تكوني مليونيرة وتقررين أنكِ لا تريدين العمل أكثر من ذلك، والباقي من العمر هو للعيش بسعادة مع عائلتك والقيام بأعمال خيرية أو مشروعات هدفها زيادة العمالة وتوفير مصادر دخل، ومن ناحية أخرى قد يكون كل ما تهتمين لأمره، هو كيف ستصبحين مليارديرة، والمقارنة هي هدفك الأول والأخير، الفكرة هنا أن الطموح متوقف على عامل آخر، وهو وجود منافسة، فماذا لو أختفت المنافسة؟
والمقارنة هي هدفك الأول والأخير، الفكرة هنا أن الطموح متوقف على عامل آخر، وهو وجود منافسة، فماذا لو أختفت المنافسة؟
فعلًا أتفق معك أن نظرة الإنسان لوضعه وطموحه تجعل النتيجة مختلفة حتى لو بدأ أكثر من شخص من نفس النقطة.
بالنسبة لنقطة المنافسة فأعتقد أنه حتى لو اختفت المنافسة الخارجية ستظل دائمًا هناك منافسة داخلية تفرض ظلها على الإنسان. وهناك مقولة دائمًا تؤثر فيّ عندما أفكر في الأمر وهي
He who stops being better, stops being good
بمعنى أن الإنسان دائمًا في منافسة مع نفسه وعندما يتوقف تكون هذه بداية نهايته في كونه جيدًا من الأصل
He who stops being better, stops being good
صحيح وتعريف كلمة "أفضل" تختلف من شخص لآخر، مما يجعل نقطة التوازن بين الطموح والقناعة مرحلة عسيرة جدًا لأي شخص، وخصوصًا ممن يدمنون تحقيق الانجازات المستمرة، في الأغلب هؤلاء يعانون أنواع من التوتر مع التفكير المفرط تجعلهم غير قابلين لفكرة الاستقرار الظاهري.
برأيي يكون المقياس بحسب رد فعل الشخص مع الأوضاع هل يحاول أن يبحث عن حلول للتطوير وجعل الأمر أفضل من غير أن يهمل قدراته وظروفه المحيطة ثم لا يتسخط على النتيجة ويقيم الأمر من جديد ويسد الخلل الفائت ويعيد المحاولة ، أم أصبح عنده يأس من المحاولة وردة فعل سلبية من المحاولة تدفعه لإخراجها في صورة الرضا والتقبل للوضع.
هناك فرق بين الرضا والتخاذل، فالرضا هو أن أرضى بحالي الذي أنا عليه وأتمنى أن أحصل على الأفضل لكن بدون تذمر.
أما التخاذل فأنا لست راضٍ هنا بل أتظاهر بالرضا بسبب قلة حيلتي أو ربما كسلي.
أظن أن الفصل في الموضوع هو في الأية الكريمة، "فإذا عزمت فتوكل على الله" العزم من الطموح، أي أن توفر كل أسباب النجاح وتسعى لتحقيق الأفضل في حياتك وترك التخاذل والقاء اللوم على الواقع دون اتخاذ خطوة، أما التوكل على الله فهو الذي يجعلك تتقبل وترضى بما وصلت إليه، وتفرح بالنجاح كما تتقبل الخسارة بقلب رحب دون الوقوع ضحية للاحباط، أي أن كل شيء بيد الله، وأنت موقن بأنه سيهديك للافضل دائما.
التعليقات