تختلف العادات من بيت إلى بيت، ومن أسرة إلى أسرة، حتى أنه يكاد يكون لكل بيت ثقافته الخاصة،
هناك أمور عادية بالنسبة لبيتي قد تكون غير مناسبة لبيت آخر، والعكس، فما هو الأمر الذي كان يُحرم النقاش فيه في منزلك، واكتشفت لاحقًا أنه كان أمرًا عاديًا؟
كان يمنع التعبير بحرية حول رأيك في بعض الأشخاص من أقارب أو في محيطنا مثلا، فلابد وأننا نصادف خلال حياتنا أشخاص كثر، هناك الصالح منهم والطالح، لكن زرعت فينا بذرة تسمى (احترم الأكبر منك) وهل كل كبير يستحق الاحترام والتبجيل!!، لذلك لا يمكننا التعبير بأن هذا الشخص مثلا بخيل أو أنه نكدي ويحب اثارة البلبلة، أو أن زوجة عمي مثلا تكذب!
(احترم الأكبر منك) وهل كل كبير يستحق الاحترام والتبجيل
كان لدينا نفس المشكلة تقريبا، و تخطى هذا الأمر ليس إلى الإحترام و فقط و إنما دائما رأي الأكبر منك هو الأصح مهما كان رأيك و هذا ما أراه خطأ في العديد من العائلات، و بكوني أصغر فرد في العائلة فالقديم لم يكونوا يستمعوا إلى أي رأي مني بالرغم من أنني متأكد أنني على صح و الأكبر مني هو على خطأ، و لكن مع مرور الوقت فرضت نفسي و تغير هذا الأمر داخل العائلة.
قد يكون غريباً كلامي ولكن ما كان محرّم عليّ نقاشه في أسرتي هو ذوقي بالأطعمة! وهذا بسبب أنّ أخي كثير الرفض لمعظم الأطعمة التي تُقدّم له ولذلك هم دائماً كانوا معي شديدين في أن لا أبدي أي رأي بطعامي، أن آكل من دون إبداء رأيي خشية أن يؤثر على رأي أخي الذي يكون متقبّل لطعام ما بالصدفة، هذا الأمر على بساطته إلا أنّه شكّل عندي رغبة كبيرة حالياً في الكبر لكي أبدي رأيي تقريباً في كل طعام آكله ولو كان بسيطاً وكأنّ عندي كبت وكتم سابق أريد تفريغه حالياً حين كبرت وتجاوزت تلك المرحلة بعد خروجي من المنزل وسفري.
مثل هذه المواقف تحدث فعلا في بعض الأسر، وأرى أنه إجحاف وظلم للأخ الكبير، لأنه دائما ما يتحمل الطفل البكر العديد من المسؤوليات المفروضة عليه بداعي أنه القدوة التي يجب أن يمثلها لاخوته الصغار، مما يحرمهم من ممارسة حقهم الطبيعي في التصرف بتلقائية وحرية حسب اختياراتهم الشخصية، لأنه يبقى تصرفه مرتبط دائما بالكيفية التي سينعكس عليها بالنسبة لاخوته الصغار.
وأرى أنه إجحاف وظلم للأخر الكبير
ما لفت نظري الصراحة أنك مباشرةً بدون أي إشارة مني عرفت أنني الأخ الأكبر وأن هذه النعاناة بسبب هذا اللقب الذي يتحمله ويتحمل ثقله، مع أنه في الغالب الأخ الكبير لا يكون أكبر من أخوه الصغير إلا بسنة أو سنتين أي ليس بفارق كبير وهو يعيش تقريباً ذات المرحلة العمرية الذي يعيشها اخوه الصغير!
هم دائماً كانوا معي شديدين في أن لا أبدي أي رأي بطعامي، أن آكل من دون إبداء رأيي خشية أن يؤثر على رأي أخي الذي يكون متقبّل لطعام ما بالصدفة
معذورون، فيبدو أنهما تعبا كثيرا، وقد دفعت أنت الثمن، لكني أعتقد أنك قد تقاضيت هذا الثمن، وربما أضعافًا؛ في أمور أخرى كنت فيها موقع أخيك.
أعتقد كما فهمت من المناقشة مثلا عندما كنت صغيرا لم يكن لي الحرية لأطلب نوع طعام معين فلنقل السبانخ ولم يكن لي حرية لأكل شيء آخر بحجة أن الطعام كله نعمة من نعم ربنا ولا يحق الاعتراض عليه، ولكن مع الوقت تغيرت هذه الرؤية وأصبح من حقي أن أقول أنني لا أحب السبانخ وأطلب أن أكل مثلا المكرونة في اليوم الذي يتم طبخ السبانخ فيه. هذا مثال ببساطة ممكن أن يكون الأمر عدم حريتك في الذهاب معهم إلى الأفراح والعزومات عند الأقارب لو أنك لا تشعر بالراحة مع أحد أقاربك ولكن مع الوقت أصبح لك الحرية بالاعتراض ويتم قبول اعتراضك ولا تذهب معهم لهذا الفرح أو هذه العزومة.
التعليقات