كثيرا ما نرى الجملة السابقة وخصوصا عند التحدث عن الشخصيات البارزة. وعند تحدثي مع بعض أصدقائي حول هذا الأمر أجد معظمهم يتعامل مع مصطلح "الإرادة" أنه إحدى الصفات الشخصية مما يعني أن بعضنا يمكنه النجاح والبعض الآخر مقدرا له أن يتمنى فقط، وشخصيا لا أتفق مع هذا الرأي.
لذا؛ أريد مناقشتكم عن رؤيتكم الخاصة عن الإرادة، وكيف يمكننا اكتسابها لتحقيق ما نريده؟ وهل لديكوا تجارب سابقة ترغبون بمشاركتها تثبت قوة الإرادة؟
من خلال خبرتي وتجاربي أرى أن الإرادة هي مزيج من الصفات الوراثية مع العادات المكتسبة فكما أن الطفل يولد معه صفات معينة كأن يكون عنيد أو عصبي أو خمول كذلك الإرادرة ترتبط نوعًا ما بصفة شخصية للطفل لكن ورغم ذلك ما لم يتم تنميتها واستثمارها بالشكل الصحيح ستكون عبارة عن إرادة مؤقتة تنتهي عند أول عقبة تواجهه بينما هنا يأتي دور الإصرار والمتابعة والتحفيز من الأهل للوصول إلى الإرادة الحقيقية وكمثال من حياتي لدي توأم صبي وبنت أي أن كلاهما عاشا نفس الظروف والوسط المحيط وكلاهما يمتاز بذكاء وقدرات عالية ولكن الفتاة عندها إرادة وعزيمة قوية جدًا وإن وضعت هدف أمام عينيها لا تتوقف حتى تحققه وبدون مساعدة من أحد بينما أخوها بحاجة إلى متابعة دائمة لأنه كثير التململ.
أتفق معك في أن الأمر يظهر فعلًا في سلوك الأطفال من البداية، ويتأثر كثيرًا بتربية الأهل والظروف المحيطة، ولكني أود مناقشتك عن مثال حقيقي لم تتوافر له أي مميزات وهو مصاب باضطراب فرط الحركة ونقط الانتباه (ADHD) أي أن حياته المدرسية كانت معاناه فقط ولكنه أصبح واحد من أبرز المؤثرين في المجتمع الغربي عن كونه صاحب إرادة فولاذية، وهو David Goggins، لم يكن لديه أحد ليشجعه أو ليخبره بأي طريق يسلكه ولكنه أدرك في مرحلة ما، أن حياته القادمة هي مسؤوليته الخالصة ونعم ستحتاج منه مثابرة وإرادة مقابل العديد من مرات الفشل التي سيواجهها، حتى أنه الآن يضع لنفسه روتين قاسي يوميًا ليحافظ على صلابة إرادته مهما تكلف الأمر، المقصود من القصة أن الإرادة يمكن بنائها واكتسابها كعادة ولكنها تحتاج ممارسة يومية وتقبل الهزيمة والمماطلة وكل الوسائل الدفاعية من المخ لتجنب تكوينها، وأن ذلك هو السبيل الوحيد لتكوين الإرادة. ولكني أتفق معك في نقطة هامة جدًا وهي أن الأمر كله يتوقف على وعي الإنسان ورغبته الشخصية.
المقصود من القصة أن الإرادة يمكن بنائها واكتسابها كعادة ولكنها تحتاج ممارسة يومية وتقبل الهزيمة والمماطلة وكل الوسائل الدفاعية من المخ لتجنب تكوينها
أنا أدعم هذا الرأي جداً. فحتى إن كان أحدهم يرث بعض الصفات الخانعة وضعف الإرادة من أحد والديه او من كليهما فإنه بالإدراك وبمعرفة أنه ( مخير حر مسئول عن تصرفاته) يمكن أن يبني لنفسه إرادة فولاذية فعلاً. أنا أومن بهذا. لماذا أومن بهذ؟ لأني أعتقد بيقين أن الإنسان حر وأن الإنسان يساوي إرادته الحرة وهو مخلوق حر فعلاً بدليل أنه قد يريد أن يربط في نفه حزام ناسف ويفجرها وهو في كامل قواه العقلية!
ولكن أريد أن أقول أن الإرادة تساوي العمل. هذا ما أعرفه. يعني أحدهم يريد أن يثري ويصبح ثرياً فمعنى ذلك أن يعمل بالفعل فيكون العمل هو الإرادة. فالإرادة والعمل على موضوع الإرادة هو وجهان لعملة واحدة. لا أفهم إرادة ما أن تكون منفصلة عن عملها. فإذا أردت شيئاً ما فماذا يمنعك عن هذا الشيء؟! الإرادة = العمل على موضوع الإرادة.
وبمعرفة أنه ( مخير حر مسئول عن تصرفاته) يمكن أن يبني لنفسه إرادة فولاذية فعلاً
فإذا أردت شيئاً ما فماذا يمنعك عن هذا الشيء؟! الإرادة = العمل على موضوع الإرادة.
أتعرف خالد؟ نقطة الإدراك الفعلي أن حياتك هي بالكامل مسؤوليتك بكل مواقفها، هي نقطة مغيرة في حياة أي شخص، ولا أعني هنا أن يذكرها الشخص فقط في حديثة أو يقول أنا مسؤول، ولكن أن يدركها تمامًا، أي أنه لا يقبل الخضوع لتلك الجمل مثل "لماذا حدث هذا معي" "أنا احاول ومع ذلك أفشل" "هل أنا لا استحق النجاح هذه المرة" كل تلك الجمل هي للإحباط فقط وأحيانًا بسبب الخوف من تقبل أننا قصرنا فعلًا ولم نقم بالعمل على أكمل وجه.
هناك دراسة علمية حديثة تثبت وجود منطقة محددة في المخ لها تأثير في عملية إتخاذ القرارات، هذه المنطقة يزداد حجمها كلما كان الشخص قادرًا على القيام بأعمال يومية صعبة وشاقة بل ويكره فعلها، فقط لتحقيق نتيجة مرغوبة بالنسبة له، ويمكننا القول أن هذه المنطقة تمثل الوجود الفعلي للإرادة، ولكنها تحتاج قرارات يومية بفعل ما يجب إنجازه مهما كنت مكرهًا عليه.
نقطة الإدراك الفعلي أن حياتك هي بالكامل مسؤوليتك بكل مواقفها، هي نقطة مغيرة في حياة أي شخص، ولا أعني هنا أن يذكرها الشخص فقط في حديثة أو يقول أنا مسؤول، ولكن أن يدركها تمامًا
صحيح يا إريني. أعتقد أن فلسفة سارتر في الوجودية نشأت بالكامل بعد الحرب العالمية الاولى وهزيمة فرنسا ودخول إلمانيا أرضيها. من هنا راح سارتر يفكر في كيفية حدوث ذلك وراح يقلب نظم التفكير السائد آن ذاك بأن ذلك مقدر ومكتوب وأن الماهية تسبق الوجود وراح ينقض تلك الفسلفة القديمة ويقول بأن الوجود يسبق الماهية. هنا هو يقصد الوجود الفعلي فوجود الإنسان الفعلي يسبق ماهيته وشخصيته وأفعاله ولذا هو حر مسئول. أراد سارتر بفلسفته تلك أن يقول أننا كفرنسيين أحرار ومسئولين مسئولية تامة عن هزيمتنا أمام ألمانيا واننا لو أردنا الإنتصار لفعلنا. فالهزيمة ليست ضربة لازب علينا او مقدرة بل نحن من صنعناها.
فالهزيمة ليست ضربة لازب علينا او مقدرة بل نحن من صنعناها.
نعم صحيح البداية تأتي مع توقف الإنكار والوقوع فريسة لعقلية الضحية، والبدأ بالتفكير بشكل منطقي دون أي جلد ذات عن أسباب الفشل أو الهزيمة في هذه الحالة حتى نضع لها حلول في المرة القادمة، أو ننهي هذا الموضوع للأبد ونبدأ في توجيه رؤيتنا وهدفنا في إتجاه مغاير، فربما يكون هذا هو سبب النجاح.
نعم أعرف ديفيد غوغينز وقرأت عنه كثيرًا وهناك الكثير من العظماء والعلماء الذين تمنحنا حياتهم وقصصهم الإلهام لكن أعتقد أنهم نماذج خاصة يصعب تعميمها فهم حالة نادرة من الصعب وشبه المستحيل الوصول إلى ما حققوه حتى لو توفرت لدينا عوامل الإرادة والحوافز اللازمة لكن لا بأس من قراءة سيرة حياتهم للتعلم منهم والتأسي بهم.
الإرادة هي القوة الدافعة التي تساعدنا على تحقيق أهدافنا، وهي تأتي من داخلنا، وتحفزنا على بذل الجهد والمثابرة. وتمكننا من التغلب على التحديات والعقبات.
يعتقد البعض أن الإرادة هي صفة شخصية تولد مع الإنسان، ويعتقد البعض الآخر أنها مهارة يمكن تعلمها واكتسابها.
وأنا أرى أن الإرادة هي مزيج من الاثنين. فبعض الناس يولدون بمستوى أعلى من الإرادة من غيرهم، لكن الجميع يمكنهم تعلم كيفية تحسينها وتطويرها، بالنسبة لي واجهت صعوبات كثيرة من وقت رجوعي من الخارج في بيئة العمل ولكن لأني مؤمن بقدراتي وأن الله لن يخيب ظني إستطعت أن أتقدم رويدا رويدا في العمل حتى صرت في المكانة التي أستحقها وأتطلع للأفضل دائما
وأنا أرى أن الإرادة هي مزيج من الاثنين
أولًا،أتفق تمامًا، وأرى أن الدافع الشخصي عامل مهم جدًا بجانب إدراك أي شخص أن نتاج حياته هو مسؤوليته ويجب أن يتقبل فشله ونجاحه كجزء من الحياة. ثانيًا، بالنسبة إلى تجربتك الشخصية المميزة مع الرجوع من الخارج وتقبل الصعوبات، كيف استطعت تقبل الفشل بعد وصولك لمكانة محددة في عملك، هل كانت رؤيتك واضحة بخصوص كيفية رجوعك لنفس المكانة مرة أخرى إذا حدثت عقبات، أم أنك من الشخصيات التي تتسم بمرونة مهنية عالية في العموم؟ وشكرًا لمشاركة تجربتك، وأخيرًا نقطة إيمانك بقدراتك والتسليم لإرادة الله، هو أمور تحتاج عزيمة قوية بالفعل.
رؤيتي كانت مبنية على خبرتي العملية ومؤهلاتي الأكاديمية، وبطبيعة الحال أنا إنسان مرن في التعامل بل لا أجد حرجا من سؤال الأخرين عن الأخطاء التي وقعت بها لتلافيها، لأني مؤمن بأننا لسنا كبارا على إرتكاب الأخطاء بل متواجدين للتعلم وإكتساب الخبرات
الإرادة هي ما يحقق الانضباط، والانضباط هي أقوى صفة قد تتواجد لدى أي شخص ناجح، لذا أنا أؤيد المقولة وأي مقولة تؤكد على أهمية عامل الانضباط في تحقيق النجاح.
الإرادة من الفعل "أراد" والفعل يوحي بالقدرة على اتخاذ القرار وبه نوع من الإصرار كذلك، فمن يريد الشيء يسعى للحصول عليه بغض النظر عما يقابل من مشكلات وأمور تعيق طريقه.
فمن يريد الشيء يسعى للحصول عليه بغض النظر عما يقابل من مشكلات وأمور تعيق طريقه.
صحيح تمامًا وهذا رأيي أيضًا، وبوصولنا لقرار مشترك، ما رأيك في مواجهة مراحل الفشل المستمرة، علمًا بأنها جزء أساسي من النجاح والتطور بالطبع، ولكنها تؤدي لمشاعر إرهاق مستمرة ومماطلة وإحباط، فكيف ترين السبيل السليم للتعامل معها من وجهة نظرك؟
شاركت بالتعليق على مساهمة أخرى منذ قليل، وتناولت هذا الطرح، فأنا أجد أنه "الأمل" وحسب. متى وُجد الأمل بأن شئيًا ما سيتغير فالرحلة مستمرة، ومتى نفد فالرحلة انتهت في نفس اللحظة لأن الشخص لن يجد طائلًا مما يقوم به.
من منظار تجربتي الشخصية فأنا أعتقد أنّ الإرادة هي صفة شخصية. فالعادات المكتسبة لا تؤدّي لاكتساب طباع جديدة بل على العكس: الطباع تؤدّي إلى اكتساب عادات جديدة. ومن هنا فإنّ الإرادة هي طبع من طباع الإنسان وكما يقال الطبع غلب التطبّع يعني صفاتنا تغلب ما نعايشه من تجارب وعادات يوميّة. وإن أدرت التحدّث عن تجربتي الصلبة سأتحدث عن الحمية الغذائية التي أتبعها. فأنا من عشاق الشوكولا وقد كان هوسي فيها قويًّا، ولكن عندما بدأت باتباع حمية تغلبت إرادتي على عاداتي.
حسنًا أنا اتفق معك جزئيًا أن الإرادة ناتجة عن صفات شخصية مجتمعة واسلوب تربية وتجارب حياتية مختلفة، ولكن لا يمكن حدها في هذا النطاق فقط، ففي رأيي هي عادة يمكن بنائها حتى وإن كانت صفاتي الشخصية تدفعني دائمًا نحو المماطلة، الأمر يحتاج لدافع قوي وهدف واضح يحرك الإرادة، وأود مشاركتك جزء من تجربتي في هذا الموضوع، قضيت فترات في حياتي أحاول جاهدة للوصول لما يسمى "الهدف" وأنا في الحقيقة لم أعرف ما هو هدفي وقتها، ولكني أعلم جيدًا أني عندما أتجه لمسار محدد أبذل فيه ما استطعت من مجهود فقط لان هذا ما يرضيني وحتى عندما أنتهي منه وأتركه لا اشعر بأي ندم، ما يحركني ويدفع إرادتي للاستمرار ليس الهدف أو الرؤية ولكن لأني أربط حقيقتي بجملة محددة واضعها نصب عيني، حتى عندما أجد نفسي أتكاسل وأماطل، أذكر نفسي بها وأدفع بنفسي للقيام بمهامي مهما كنت مكرهه على فعلها.
الإرادة هي مهارة تصقلها الحياة والتجارب، لا ارى أنها صفة شخصية، بقدر ما هي عادة يمكن أن تتشكل خلال طفولتنا بمواقف مختلفة وعادات نتربى عليها، وملاحظات نراها فيمًا حولنا، لكنها ليست صفة في الجينات بالمعنى الكامل، فالكثيرين يتحدثون عن تغير إرادتهم بعد قرار معين أخذوه .
نعم رؤيتك تشبه رأيي تمامًا، الإرادة عادة يمكن لأي شخص أن يبنيها ولكنه يحتاج لدافع وحافز حقيقي، يمكنه من تقبل مشقات وصعوبات الاستمرارية، ومقاومة كل محاولات وأساليب الدفاع الدماغية للرجوع لمنطقة اللا شيء والأمان وتجنب أي مجهود ذهني (صدقني هذه المرحلة تحتاج مجهود شاق للسيطرة عليها فقط).
التعليقات