لنفترض يا أصدقاء أنك صادفك شخص في الشارع، لا تربطك علاقة معه، وقال لك: "أنا لست بخير" وبدأ بالبكاء! يا ترى كيف ستكون ردت فعلك حينها؟ وكيف تتصرف؟ وماذا تفعل لتساعده يا ترى؟
لو صادفك شخص في الشارع، وقال لك: "أنا لست بخير" وبدأ بالبكاء! ماذا تفعل ؟
كيف ستكون ردت فعلك حينها؟ وكيف تتصرف؟ وماذا تفعل لتساعده يا ترى؟
بعيدا عن العاطفة، والسيناريوهات التي يتم تصويرها على شكل مقاطع، رأيت الكثير من الفيديوهات التي تعرض مثل هذه القصص، التي تسرد تجارب إجتماعية، لا يمكنني الجزم بشأن نية المتدخلين في تلك الفيدوهات أكانت مصطنعة فقط لأنهم أمام الكاميرا أم في القصة شيء آخر.
حسنا، بالنسبة لي ستكون ردة فعلي كالتالي، بالمنطق سأجد الشخص جالسا لا واقفا، فحالته النفسية حسب وصفك وإجهاشه بالبكاء فلن يكون واقفا، سأتقرب إليه وأحاول فهم القصة وبماذا يمكنني مساعدته، سأستمع إلى قصته وأرشده وأنصحه بما أعرفه، وأحاول إيجاد طريقة لمساعدته.
أكانت مصطنعة فقط لأنهم أمام الكاميرا أم في القصة شيء آخر.
صراحة لا أصدق تلك القصص، اشعر انها مصطنعة بالفعل حتى ولو كانت كاميرا بعيدة عن موقع الحادث، ولا تجذبني بالمرة، بالرغم من أنها تحصد على نسبة مشاهدات عالية.
سأتقرب إليه وأحاول فهم القصة وبماذا يمكنني مساعدته، سأستمع إلى قصته وأرشده وأنصحه بما أعرفه
بما أنه يجشد بالبكاء فالأمر سيكون إما أن يرفض مساعدتك، ويقول لك لاشئ يحدث؟ فكيف ستكون ردت فعلك حينها؟ واما يكون صامتا والأمر يستدعي منك الانتظار؟ فهل ستنتظر أكثر من ساعة ياترى لفهم ماذا يجري معه؟
فهل ستنتظر أكثر من ساعة ياترى لفهم ماذا يجري معه؟
بداية لست جيدة بالمواساة وتقديم النصح للآخرين، ولذلك لن أحاول الدخول في تفاصيل مشكلته، ما لم يبادر أو تُبادر بشكل أدق بعرضها بنفسها ـ فتعاملي قد يختلف ما بين التعامل مع رجل أو امرأة ـ..
والحالة الوحيدة التي تجعلني أنتظر لساعة أو أكثر مع ذلك الشخص، هي وجود مشكلة أو خطر حالي يستوجب التدخل الفوري، كأن يكن مريضا مثلا..
في البداية لن أقف إلا إذا كنت قادر على ذلك، إذا كنت في موعد مهم لن أترك هذا الموعد من أجله، هذه ليست أنانية، بل احترام، وبعد ذلك سأقوم بواجبي كإنسان معه، واجبي كإنسان لا كنبي أو جمعية خيرية أو طبيب نفسي، ما الذي يعنيه هذا الأمر؟ أي أنني سأستمع لهُ وفقط، سأستمع فعلاً لهُ، أخصص لهُ بضع وقت لأسمع ما لديه، وربما أبكي لبكاءه أيضاً إذا تأثّرت فعلاً، وما الذي يمكن أن أفعله بعد ذلك؟ لا شيء.
لا يجب برأيي أن أردّ أي سائل ولكن لستُ مطالباً أيضاً بتقديم أي مساعدة أو تقديم حلول لمشكلته، هو التعاطف وفقط، لا يجب أن أقتحم أو أسمح لنفسي باقتحام بيئة ليست لي مبرراً ذلك بطلبه عبر البكاء، هذا أمر غير مسموح نهائياً، كل ما عليّ فقط أن أسمع وأتعاطف وأشجّع على الصبر واتخاذ قرارات صائبة، ربما قد أشجعه على طلب مشورة نفسية أو بحسب مشكلته، لكنني لن أقدّم هذا الأمر شخصياً، بعد ذلك سأتركه، مانحاً إيّاه فقط بضع دقائق من وقتي، لا أعرفه ولا يجب أن أخوض كثيراً معه خاصة بهكذا افتتاحيات غير مبشرة.
سأستمع لهُ وفقط، سأستمع فعلاً لهُ، أخصص لهُ بضع وقت لأسمع ما لديه
حتى ولو لم تكن قادرا على مساعدته يا ضياء ربما هو بحاجة إلى الاستماع إليه وتفريغ ما يجول في خاطره؟ أليس هذا بمساعدة ثمينة بالنسبة له؟
لكنني لن أقدّم هذا الأمر شخصياً، بعد ذلك سأتركه، مانحاً إيّاه فقط بضع دقائق من وقتي، لا أعرفه ولا يجب أن أخوض كثيراً معه خاصة بهكذا افتتاحيات غير مبشرة.ذ
ألا ترى بأن جوابك معمم، لان برأي الأمر يتعلق بطبيعة القضية التي يمر بها وحتى الجنس يلعب دورا في المسألة، على هذا الأساس يمكننا أخذ قرار إذا يحتاج دقائق أو أكثر، مثلا لو كانت عجوز توفي ابنها حديثا، وترى فيك الشبه؟ فكم الدقائق التي ستستغرقها معها.
أعتقد أن هذا السؤال لا يمكن إجابته هكذا بصورة عامة لأن الأغلبية العظمى ستتجمل وتأخذ دور الطبيب النفسي وتؤكد على مدى أهمية الإستماع له ولكن يعتمد رد فعلك بالنهاية على طبيعة مشاعرك أنذاك "حزين أم سعيد " لأنه هذا سيغير ردة فعلك تمامًا بكل تأكيد، بالإضافة إلى طبيعة الشخص هل هو محب لمساعدة الآخرين أم لا ؟ .. ولكن بشكل شخصي سأتوقف لأفهم ماهية الأمر وأحاول تقديم المساعدة بصفة عامة لأن هذا واجب علينا جميعًا أن نتآذر في هذه الأوقات.
لقد حصل معي هذا الموقف من قبل مع أحد أطفال الشوارع. كنتُ من الدّاخل أغلي لدى مشاهدتي لهذا الأمر الذي فطر قلبي! ولكنّني تجنبت أن ألمسه لأخفف عنه إذ أنّ جسم الطفل حق له وقد لا يكون موافقًا أن أضع يدي على كتفه أو يده. لذلك ما قمت به هو أنّني سألته ببساطة: ما سبب حزنك؟ كان متردّدا في البداية ولكنه عاد ليخبرني أنّ السبب هو أنّ الحياة صارت شاقّة له ولم يعد يعرف كيف يتصرّف (وهو أمر فطر قلبي أكثر بالمناسبة). صراحةً لم أعرف كيف أتصرّف إذ أنّ المراكز المخصّصة للمشرّدين في لبنان غير فاعِلة أبدا. وهذا العجو الذي وقعت فيه كان حقيقة صعبًا عليي إذ أنّني كنت عادزة عن التصرّف.
أعتقد اني سأجد مكانا مناسبا لأجلس و أتحدث معه قليلا و نتناول بعض الطعام و بعدها أقوم بإيصاله إلى منزله و أهله فأرى أنهم أفضل من سيكون بجانبه في مثل هذا الوقت و أقوم بالتواصل معه بشكل دوري.
التعليقات