سمعتُ تصريحًا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشرح فيه موقفه ويوضّح قائلًا:
علّمتني الشوارع في لينينجراد أن العراك إذا كان حتميًّا، لا بدّ أن تبدأ بالضرب.
في إطار هذا الرأي، هل تتفق معه في بعض المواقف أم تجده متعسّفًا وعنيفًا في أي موقف؟
مقولة بوتين هاته، لا بد أن نؤطرها بظروفها السياسية والاقتصادية والحربية. وهو في حرب على جميع المستويات، في مواجة الغرب وليس أوكرانيا فحسب. ولقد أقر أنه إذا كان العراك حتميا لا بد أن تبدأ بالضرب. أي أن الحرب فرضت عليه وكان لزاما عليه البدء بالضرب. لأنه يعرف أهمية الضربة الاستباقية في الحرب، هي مهمة بمكان، حيث تربك الخصم، تتيح لك التفوق، وقد تهيبك الانتصار.
أرى قولته منطقية في إطارها..
مقولة جميلة ... أخي علي ..جعلتني ابتسم كما لو اني تذكرت طفولتي
إلا أنني لا أوافق على هذه المقولة. فالعنف ليس الحل الأمثل لأي صراع أو نزاع، حيث يمكن للعنف أن يزيد المشكلة تعقيدًا ويؤدي في بعض الحالات إلى تفاقم الوضع والمشكلة. بدلاً من ذلك، يجب التركيز على الحوار والتفاهم والمصالحة والحلول السلمية التي تعكس القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية. إن الحوار وحل المشكلات بطرق سلمية هو الحل الحقيقي والأكثر فعالية في كل المجالات.
بغض النظر عن منطق البلطجة الذي يسيطر على عقلية وتصرفات هذا الشخص ، فأحيانا خير وسيلة للدفاع عن نفسك هي الهجوم ، قد تحاصرك الظروف ولا تترك لك خيارا آخر ،فتضطر للبدء بالتحرك لتحمي نفسك قبل أن تجد نفسك محاصرا ولا تستطيع فعل ما كنت تستطيع فعله لو كنت أنت البادئ ، طبعا هذا ليس بالمطلق فالحياة ليست ساحة حرب مفتوحة .
في إطار هذا الرأي، هل تتفق معه في بعض المواقف أم تجده متعسّفًا وعنيفًا في أي موقف؟
إن إشتدّ الصراع وتبادر إلى ذهني أنّ عراكا ما سينشب فأول ما سأقوم به هو ليس الضّرب إنما محاولة تهدئة اﻷوضاع، وإن تعذّر ولم أستطع فسأنسحب من ذلك المحيط بكلّو بساطة سلامة لي ولمن معي، عقلية الضرب والعنف يمكن تفاديها، فليس الشديد بالصرعة إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب، أما مقولة بوتين فالظاهر أنها مرتبطة أكثر بالواقع السياسي الإقتصادي، ومشاكله مع الغرب وأوكرانيا والولايات المتحدة اﻷمريكية لا أعتقد أنه مقصوده الحالي هو العنف، وإلا كان ذلك تشجيعا على العنف في الوسط المجتمعي وهذا أمر خاطئ، فالأولى طلب المساندة من القوات الأمنية والأشخاص العقلاء لفكّ النزاع.
إذا كان لا بد من العراك يجب البدء بالحوار والمناقشة وطرح المشكلة وجعل العنف قرار أخير .فالكثير من المشاكل لو لم تبدأ بالعنف وتم طرحها للمحاورة لكانت نتيجتها الحفاظ على أرواح الأبرياء وعقر المشكلة وهي في المهد .ولكن بدايتها بالعنف نتيجتها حروب ومعارك.
ليس بكل الحالات تصلح هذه الطريقة، هناك أشخاص إن بدأت بها بالحوار قد يكونوا هم شنوا الحرب عليك، البدء بالضرب من عدمه، يعتمد على الوضع العام، وحالة الطرف الآخر، وفعليا بواقع حياتنا هناك أشخاص يستحقون الضرب إن افتعلوا العراك لأن سكوتنا يزيد من قوتهم وسيضربونك هم أولا بدون تردد. وفي الحروب والوضع الذي به بوتين فالمقولة موفقة
أن العراك إذا كان حتميًّا، لا بدّ أن تبدأ بالضرب.
رغم أنني أشجع دائما على السلام وعدم التحريض على العنف، لكن هناك بعض المواقف لا تستطيع إلا أن تدافع عن نفسك، وهنا أعتقد أن العبارة جاءت من غريزة طبيعية في كل إنسان، وهي الصراع من أجل البقاء، وفي العبارة الذي قالها الرئيس الروسي كلمة ((الحتمية)) وهذا أكبر دليل بأنه قالها في تلك المواقف التي لا يملك الإنسان أي خيار آخر سوى الضرب.
مفهوم البلطجة كما ذكر زملائي في التلعيقات، أعتقد يتم تعميمه عندما يفتعل أحدهم شجاراً لا ينبغي له أن يبدأ به، ولكن عندما لا تملك خياراً سوى الضرب، لا أعتقد بأن أحدهم قادر على أن يلومك على ردة فعلك.
أعتقد أن فلسفته التب تستند إلى الاستباقية والعدوانية تزيد من التوتر والصراع بدلاً من حله. وأعتقد أن هناك طرق أخرى أكثر حكمة وسلامة للتعامل مع المشاكل والخلافات، ولكن هناك بعض الحالات التي قد تستدعي الاستباقية والعدوانية، مثل الدفاع عن النفس أو الرد على الهجوم. ولكن هذه الحالات يجب أن تكون محدودة ومبررة ومتناسبة مع الظروف. ولا يجب أن تكون مبادرة أو مفرطة أو مستفزة. وأعتقد أن هذه الحالات تشكل الاستثناء وليس القاعدة في التعامل مع المواقف الصعبة. وأعتقد أن الطرق الأخرى التي ذكرتها سابقاً هي الأفضل والأنجح في معظم الحالات.
تماما لقد سمعت ذلك الخطاب، فقد ألقاه بوتين في مصنع في سانت بطرسبرغ (التي كانت تُعرف باسم لينينجراد) لإحياء ذكرى كسر الحصار النازي على المدينة خلال الحرب العالمية الثانية. وقد قارن بوتين بين حصار لينينجراد والحرب الروسية ضد ما سماه "النازيون الجدد الأوكرانيون" في دونباس. وقال إنه تعلم من شوارع لينينجراد أنه إذا كان العراك حتميا، فيجب أن تبدأ بالضرب.
في إطار هذا الرأي، أعتقد أنه من الصعب الإتفاق معه في بعض المواقف. فهو يستخدم خطابا سياسيا بسبب حربه مع أوكرانيا ولا يمكنني أ، أتبنى موقفه، خاصة وأن المسألة فيها أرواح وضحايا وقتلى وحروب ومن المؤسف جدا أننا في سنة 2023 أين لا تزال هنالك حروب بالسلاح، في فلسطين خصوصا، وفي عدة دول إسلامية وحتى غربية.
التعليقات