في كلية الصيدلة في دمشق كان يزعجني كثيراً مناظر الضفادع الميتة بالمئات فيها عند كل حصة تدريبية، تكوّن منذ ذلك الحين سؤال لديّ مع تكرار ما أرى، يا ترى هل اختبار وحقن وقتل الحيوانات وجعلهم أدوات تعليمية للطلاب، وسيلة تبررها الغاية أو إجرام يمكن الاستعاضة عنه؟
اختبار وحقن وقتل الحيوانات وجعلهم أدوات تعليمية للطلاب، وسيلة تبررها الغاية أو إجرام يمكن الاستعاضة عنه؟
عندما يدرس الواحد منا في كلية الطب يكون الهدف من دراسته صنع إنسان قادر على إنقاذ المئات ولربما الآلاف من حياة البشر. ولا يمكن تحقيق هذا الأمر بدون تجارب حية للعلاجات وللعمليات الجراحية والحقن تضع التلميذ أماما كافة السيناريوهات التي قد تحصل. ففي الكليات الأدبية مثلا لا حاجة لتطبيق المعرفة المكتسبة إذ أنها تبقى في أغلب الأحيان معلومات ذات طابع أدبي بحت. وأما في حالة الكليات التطبيقية مثل كلية الطب فإن التطبيق يصبح جزءا أساسيا من التخصص إذ أنه يجهز التلميذ للتعامل مع السيناريوهات التي قد تحدث مع المريض. وللأسف أنا لا أجد حلا آخر أكثر فعالية من استخدام الحيوانات إذ أن إجراء التدريب مع البشر قد يعرض حياة المريض للخطر خاصة عندما يكون التلميذ في السنوات الأولى. ومن هنا فأنا أجد أن لا ضير في استخدام الطريقة المذكورة لتحقيق تقدم البشر.
إذ أن إجراء التدريب مع البشر قد يعرض حياة المريض للخطر
في دول الخليج هناك دائماً آلات تُشترى لهذه الأغراض، عدم اهتمامنا بهذا الشق يثبت أننا غير معنيين بمئات حرفياً من الحيوانات التي تقتل في غرف الجامعات وكلياتها، أمام عيني كانت هناك عشرات الصناديق منها لحيوانات مُعدّة للقتل في كل شهر تقريباً أو أقل.
ولكن لو كان السبب هو تأهيل طبيب قادر على التعامل مع مختلف الحالات الطبية الطارئة، فسكاشن تشريح الحيوانات غير مقتصر على كلية الطب وحتى ليس جميع طلبة الطب يتخصصون في الجراحة.
فماذا يستفيد الصيادلة وطلبة كلية العلوم والأسنان من رؤية أجهزة الضفدع أو أي حيوان آخر عمليًا؟
وإذا كان السبب هو الأبحاث فأيضًا لا يتخصص الجميع في المجال البحثي.
نحن كنا في كلية العلوم نحضر سكاشن التشريح منذ السنة الأولى، وكنت أنا قسم كيمياء بحتة، أي لا علاقة لي من قريب ولا من بعيد بشرايين وأوردة الضفادع.
يمكننا قياس ذلك على الحيوانات التي نذبحها ونأكل لحمها لما فيه من الفائدة الغذائية واستمرار الحياة وبقاء النوع الإنساني.
فالله عز وجل قد سخر لنا هذه الحيوانات والدواب لخدمتنا، فمنها ما نأكلها ومنها ما نركبها، ومنها ما نسخرها لجر الآلات وتدوير السواقي وحمل المؤن والبضائع، ومنها ما ننتفع بشحومها وجلودها وأوبارها، وكذلك منها ما نجري عليه التجارب الطبية لإنقاذ حياة المرضى والمصابين.
الفعل في حد ذاته غرضه حسن، ولا يهدف بالأساس لقتل الحيوان دون سبب أو التلذذ بتعذيبه، وإنما لإجراء الفحوصات الطبية وتجربة الأدوية وآثارها، والتي لا بديل عنها سوى بتجربتها على الإنسان نفسه وهذا ما يصعب تطبيقه!
إذا كنا بصدد إنكار الفعل، فعلينا أن نسأل أنفسنا: ما هو البديل؟
وكذلك منها ما نجري عليه التجارب الطبية لإنقاذ حياة المرضى والمصابين.
من قال أنّ معنى التسخير أن نجعلها حيوات هذه الحيوانات أدوات رخيصة بين أيدي طلّاب مبتدئين منهم غير مهتمّين أصلاً أو فاشلين؟ ولماذا كل دول الخليج تقريباً استطاعوا إيجاد بدائل لهذا الأمر عبر استجلاب أدوات ذكية لمجسّمات شبيهة بالإنسان تصدر ردود أفعال مشابهة وعلامات حيوية مشابهة ونحن كباقي الدول العربية ليس فقط لم نستطيع استجلاب هذه الأدوات بل لم يطرح الأمر لا حكومياً ولا شعبياً حتى، ما يثبت برأي عدم اكتراث الناس بحياة هذه المخلوقات من الأساس، تموت أو لا تموت ليس هناك مشكلة، بسبب أو بلا سبب غير مهم.
تشريح الحيونات يكون أعتقد من تخصص الطب البيطري أو تخصص الأحياء وليس الطب البشري، فالطب البشري سيشرحون إنسانًا يا ضياء، عموميًا لو كان الأمر متعلق بتخصص البيولوجي أعتقد أنه إجرام ولا داعي له بعكس تخصص الطب فهم حرفيًا بحاجة للمعاينة الحرفية وليس النظرية فقط.
فالطب البشري سيشرحون إنسانًا يا ضياء
في كليّة الطب البشري وكليّة الصيدلة في دمشق يقام تقريباً أسبوعياً حفلات وحلقات عملية غاية في الإيلام على الكثير من الضفادع والحيوانات، بشكل خاص الضفادع، حضرت واحدة من هذه الجلسات بسبب فضولي، كانوا يعلّمون الطلّاب يومها كيفية التنخيع! الطريقة هي وضع عصا في النخاع الشوكي للضفدع ليموت حركياً ويبقى حي سريرياً لمتابعة تجاربهم، شيء غاية في الإيلام والوحشية للصراحة أتسائل كيف أنّ البشر إلى اليوم ليسوا مهتمين لإيجاد وسائل بديلة تخلّص هذه الحيوانات من هذه الآلام.
لم أتصور أن الأمر بهذا السوء وبطبع أرفض وبشدة أي شيء من هذا القبيل إضافة لعدم تناسبه من شريعتنا الإسلامية حتى لو كان لتعليم، فنحن عند الذبح بنية الغذاء هناك شروط وتعاليم صارمة لعدم تعذيب الحيوان برغم من رخصة أكله، فمبالك بأمر لا أدري ولكن العلم تطور أعتقد حان الأن لوجود مجسمات حيوية تتماشي مع الشكل التقريبي للجسم الداخلي للإنسان لمحاولة التعلم عليه بنهاية هذا تعلم وليس تطبيق حقيقي، ووقت التطبيق يمكنك التأكد .
أرى أن الحد الفاصل بين كونها وسيلة أو إجرام هو طريقة تعامل المرء نفسه.
فطالب الطب هدفه الخروج من الكلية قادر على انقاذ حياة انسان، لذلك يتدرب بشكل ما على الحيوانات بهدف التعلم وذلك أمر طبيعي لأن تلك العمليات تتم بطريقة تضمن أقل أذى للحيوانات على ما أظن.
أما ان كان الطالب يتلذذ بذلك فهو إجرام ولن يكون مثل هذا الطبيب أمين بأرواح المرضى مستقبلًا.
تضمن أقل أذى للحيوانات على ما أظن
لقد شاهدت عدّة جلسات في كليّة الطب البشري والصيدلة، وليس هناك أي معايير مهتمة بحياة الحيوانات أو طريقة التعامل معهم وحتى أحياناً لا يطلب من الطالب أن يراعي مسألة التركيز فيما يقوم به لكي لا يزهق حياة الحياة مجاناً، فتراه كطالب يحتاج إلى ضفدعين أو ثلاثة لتنفيذ أمر كان يستطيع فعله بمزيد من التركيز من أوّل مرّة.
التعليقات