لطالما تسائلت، كيف أحقق أعلى منفعة ممكنة في الحياة، ما هو المُهم وما هو الأهم بين هذين الخيارين، هل الأهم برأيك ومن واقع تجربتك الشخصية ومعرفتك في الحياة أن تكون محبوباً أم مُحترَماً؟
هل الأهم برأيك في الحياة أن تكون محبوباً أم مُحترَماً؟
من وجهة نظري أن الاحترام هو الأولى لعدة أسباب أهمها:
أن الحب من العمليات التي يصعب فرضها أو الحصول عليها أو تطبيقها وقتما يرغب الإنسان، فهو خاضع للعديد من العمليات المعقدة والمتداخلة، ولا يكون للإنسان أي دخل فيه.
أما الاحترام فهو سلوك اختياري يفرض نفسه عند تطبيقه بشكل صحيح حتى مع الأشخاص الذين لا يبادلوننا مشاعر الحب، فالاحترام يفرض الاحترام المتبادل، أما الحب فلا يفرض ذلك بالضرورة.
ثانياً، يمكن جلب الحب بالاحترام، ولكن يصعب جلب الاحترام بالحب.
وأخيراً، على المرء أن يسعى للوصول إلى تحقيق الاثنين قدر ما أمكن، ولكن مع الحرص من الجانب العاطفي لكي لا يتورط الإنسان في علاقات سامة يقع بسببها ضحية لتفضيل العاطفة على المعاملة الناضجة العقلانية.
أن الحب من العمليات التي يصعب فرضها أو الحصول عليها أو تطبيقها وقتما يرغب الإنسان، فهو خاضع للعديد من العمليات المعقدة والمتداخلة، ولا يكون للإنسان أي دخل فيه.
لا أتفق مع حضرتك في هذه المسألة نهائياً، هذا الوصف برأيي لا ينطبق على الحب، بل ينطبق على الاعجاب، إن الإعجاب يصعب فرضه أو الحصول عليه وقتنا يرغب الإنسان، لكن الحب يُصنع، لا يُمكنك إلّا أن تحبّ من يساعدك، من ينتشلك من الأسى ومن مصائبك، لا يمكن إلّا أن تحب من يختارك دائماً، ولا يمكنك أيضاً أن لا تحب أهلك رغم أنّهم فُرضوا عليك، أنت لم تختار أهلك، ولكن كلّنا نحب أهلينا، لسبب واحد وهو أنّه ساهمنا معاً بإنشاء هذا الحب، صنعناه بالأعمال المُتراكمة.
ولماذا ضياء تضعنا بين خياريً الأحترام و المحبوبية وكأنهما يقعان من بعضهما البعض على طرفي نقيض؟!! لماذا لا نجمع بينهما إذا أمكن الجمع بينهما؟!! لماذا لا نطمع بالأثنين فنحوز ( الهيبة) التي هي خليط ما بين الحب و الإحترام؟! ولكن السؤال يكون كالتالي: إذا فرضت الحياة عليك طروفاً تستلزم منك إما أن تكون محترماً أو محبوباً، فسأختار الإحترام بلا شك. يعني أنت تدرس في مجموعة فصول وهناك صبيان أشقياء في فصل واحد و إذا أردتهم أن يحبوك فلا يمكن ذلك إلا أن تتخلى عن جزء من الإحترام لك، فهنا يكون في رأيي الخيار الأمثل هو فرض ضوابط الإحترام وليذهب الحب إلى الجحيم. وذلك لأن من ينقص من قدرك لتنال حبه شخص بغيص غير متزن نفسيا أو هو أقرب إلى الصبيانية أو مختل نفسياً. وهذا لا تتخلى عن احترامك لنفسك من أجل اختلاله لينعم هو به.
فنحوز ( الهيبة) التي هي خليط ما بين الحب و الإحترام؟!
لا أتفق مع حضرتك في أنّ الهيبة هي هذا الخليط، ربما الوقار قد يشكّله حب واحترام، لذلك نرى أنّ الأجداد غالباً ما يكونوا موقّرين من العائلة كلّها على أنّهم بنسبٍ كبيرة غير مُهيبين أبداً. الهيبة عندي هي القوّة، القادر على كسري أهابه، القادر على جعلي أخسر مالاً أو صحّة أو سلطة أو نجاح هو بالضرورة مهيب، رجل أهابه جداً، الهيبة هي القوّة وما يمكن أن تفرضه على الناس فيهابوا هذا الناس، هذا ما يجعل كل من يعمل مثلاً في الجيش: ضباط مهيبين. بينما نتردد في أن نقول ذلك على فنّان، رغم أننا نحترمه ونحبّه.
هذا تفسير ابن القيم الجوزية في الهيبة ( وَأمّا الهَيْبَةُ فَخَوْفٌ مُقارِنٌ لِلتَّعْظِيمِ والإجْلالِ، وأكْثَرُ ما يَكُونُ مَعَ المَحَبَّةِ والمَعْرِفَةِ. والإجْلالُ: تَعْظِيمٌ مَقْرُونٌ بِالحُبِّ.) فالهيبة هي هذا الخليط.
ربما الوقار قد يشكّله حب واحترام، لذلك نرى أنّ الأجداد غالباً ما يكونوا موقّرين
لا، أرى الوقاء عاطفة مختلفة عما تقول وهي تنشأ حينما ترى رجلاً شيخاً ( يعني كبير في السن) فهنا ينشأ الوقار وهي قريبة أيضا من الهيبة. فقد توقر أنت هذا أو ذاك الشيخ دون أن تحبه ولكن قطعًا تحترمه.
هذا تفسير ابن القيم الجوزية في الهيبة ( وَأمّا الهَيْبَةُ فَخَوْفٌ مُقارِنٌ لِلتَّعْظِيمِ والإجْلالِ، وأكْثَرُ ما يَكُونُ مَعَ المَحَبَّةِ والمَعْرِفَةِ. والإجْلالُ: تَعْظِيمٌ مَقْرُونٌ بِالحُبِّ.) فالهيبة هي هذا الخليط.
للحقيقة لا أعتقد أنّ اقتران الخوف بالمحبّة أمر مقدور عليه أو منطقي فعلاً. حين كنّا مثلاً نخاف من أستاذ في المدرسة لم نكن نحبّه وحين كنا نحب أحدهم لا يمكن أن نخافه، أعتقد أنّ أس الحب أصلاً وجوهره هو الأمان المُطلق. يُفصّل هذا الأمر جيّداً الكاتب يوسف زيدان بكتاب رائع وصغير اسمه فقه الحب.
جميل أن يحاول الإنسان الموازنة في الانتفاع بكل مميزات الحياة، فيأخذ نصيبه من كل شيء، كنت ولا أزال أرى هذه من صفات من نجحوا في فهم طبيعة الحياة. على سبيل المثال، كان هناك رجل أعمال مصري -توفاه الله- ذاع صيته بعد وفاته بأنه كان محبوبًا وناجحًا على مستوى إدارة أعماله. هذا الشخص نجح في الجمع بين الأمرين على الرغم من صعوبة المعادلة.
أتفهم حيرتك بين حب الناس والاحترام. قد يقول البعض إن الاحترام يؤدي في النهاية إلى حب الناس ولكن هذا كلام نظري ليس له مقابل في الواقع؛ فالاحترام يعني احترام الذات أولا فالشخص المحترم هو في الأساس صاحب مبادئ، وهذا ربما يتعارض أحيانًا مع رغبات الناس. إذا كان لا بد من الاختيار فلنختر الاحترام لأنه ثابت، والمهم أن يكون الشخص محترمًا في عين نفسه، أما حب الناس فيتغير وفق هواهم ورضاهم عنا.
فالاحترام يعني احترام الذات أولا فالشخص المحترم هو في الأساس صاحب مبادئ
لقد قلتِ حضرتك في هذا التعليق أنّك اخترتِ الاحترام لإنّهُ ثابت، على عكس الحب الذي يتغيّر وفق أهواء الناس ورضاهم، لكن لا أستطيع أن أتفق مع حضرتك في مسألة الثبات والتغيّر هذه أبداً ولكن بناءً على جملة قد قلتيها حضرتك أيضاً، هذه الجملة أعلاه، في أنّهُ صاحب مبادئ. أتفق أنّ المحترم هو صاحب مبادئ بالضرورة. ولكن هذه المبادئ تجعل أحياناً وإن تعارضت مع الأخرين الشخص ذاته غير مُحترماً من الناس. مثلاً لدينا هنا مدير محترم جداً لالتزامه الصارم جداً بمواعيد العمل والوصول إليه، الكل يهلل له لهذا الأمر، تتأخّر موظّفة مرّة لظرف طارئ ضروري لم يتفهّمه، تنقلب عليه هذه الموظّفة لذات الأمر الذي احترمته عليه سابقاً. المبادئ برأيي لا تجعل الاحترام أمراً ثابتاً، لذلك قد أومن بكلامك هذا ولكن دون أن أومن بمسألة الثبات والتغيّر الذي افترضتيها حضرتك.
بالنسبة لي أرى ان الاحترام أهم بكثير من المحبة، وأيضًا الاحترام واجب ام المحبة فلا.
في طريقة تعامل الشخص مع غيره ينبغي أن تكون مبنية على الاحترام بغض النظر إن كان يكن مشاعر محبة أم لاء للشخص الآخر، فهي واجب كما ذكرت.
ونفس الأمر عندما يتعامل الغير معي مثلًا، لا أطلب محبة فهي اختيار أم احترامي فهو غير قابل للنقاش، وإن لم يكن الاحترام موجود لا أفضل استمرار العلاقة او الحديث مع الشخص الآخر.
ناهيك على أن الاحترام هو عامل من عوامل المحبة، ويقود إلى المحبة، أي ان كلاهما مرتبطان ارتباطصا وثيقًا.
بالنسبة لي أرى ان الاحترام أهم بكثير من المحبة، وأيضًا الاحترام واجب ام المحبة فلا.
فعلا الاحترام المكون الأساسي الذي يجعل العلاقة قوية، ويمكن أن يكون مصدرًا للإلهام والتحفيز، حيث يمكن للأشخاص الذين يتعاملون مع بعضهم البعض بالاحترام أن يشعروا بالثقة والراحة والأمان، مما يمكنهم من التحدث والعمل بصدق وصراحة.
بالنسبة للمحبة، اعتبرها مهمة أيضًا، لكن يمكن أن تكون أكثر فائدة عندما يكون هناك احترام متبادل بين الأشخاص. فالمحبة دون احترام لا يمكن أن تستمر طويلاً، بينما الاحترام دون المحبة يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على العلاقة.
ونفس الأمر عندما يتعامل الغير معي مثلًا، لا أطلب محبة فهي اختيار
لا أميل إلى تصديق هذه الإجابة مئة بالمئة، أشعر بأنّ الأمور عملياً مختلفة بالكليّة، علاقة أصدقاء فيها الاحترام يعلو على المحبة، هي علاقة مملة، نحن نعلم أنّها مملة، ربما بالاختيار سنختار دائماً الاحترام وذلك لما نقيمه من أوزان خرافية لكراماتنا الإنسانية، لكن في الحقيقة نحن نعلم بقرارة أنفسنا أنّ تلك الذكريات التي مع أصدقائنا مبنية بالمحبّة، وأنّ الاحترام هو حاجز وهمي بين الأصدقاء وغيرهم يقيمه الشخص لعدم التعاطي الآخر معي بتساهل شديد، هناك علاقات برأيي لتكتمل لا ينفع هذا الأمر معها.
لن ننكر أن الإنسان كائن باحث عن الكمال المستحيل. وعليه، فإن إجابتي لن تكون سوى ضربصا من ضروب الكذب لو حاولتُ اختيار أحد الخيارين على الآخر. لذلك سأعترف: انا على الأقل، أبحث عن أن أكون محبوبًا ومحترمًا في الوقت ذاته. وعليه، لا يمكننا على الإطلاق أن نعتمد على آلية مختلف عن الأخرى. لا يمكننا أبدًا أن نختار بين بتر يدنا او ساقنا. إن الحب والاحترام هما الأطراف التي تتحرّك بها شخصيتنا داخل المجتمع. وبالتالي فلا أهمّية لأحدهما على الآخر.
وعليه، فإن إجابتي لن تكون سوى ضرباً من ضروب الكذب لو حاولتُ اختيار أحد الخيارين على الآخر
تعجبني هذه الصراحة والقدرة على محاكمة الموضوعات بهذه الطريقة ولكن لا أرى بأنّ قد جافيت ذلك تماماً باختيارك للاثنين معاً، الأمر مشابه لسؤال شخص: ما الذي تفضّله أكثر المال أم المعرفة؟ سيقول لك الاثنين على أنّهُ لو توفّر فعلاً على المال أو ربما على المعرفة الناجزة كان قد اختار احدهما بكل تأكيد متناسياً أي عرض جانبي سيء لهذا الاختيار، ولذلك أعتقد أنّ حضرتك أيضاً لو خيّرت فعلاً وبسرعة لتختار سوف تقوم بتفضيل ربما المحبّة على الاحترام أو العكس، على أنّك ستختار فعلاً ولو كنت مدركاً لحجم الضرر والأثار الجانبية لذلك.
برأيي فمن الأهم أن أحظى على الاحترام بين الناس على أن أكون محبوبة بلا احترام, فالاحترام بحد ذاته قد يولد نوعا من الود والمحبة ويرسخ آثار الفرد . وأما المحبة فنتائجها مؤقته لا أكثر. بالإضافة إلى ذلك المحبة لا تدل دائما على أن الفرد ينتهج نهجا صحيحا في حياته وتكتسب من خلال السلوك العاطفي المرتبط بالقلب وأما الاحترام وهي سمة نكتسبها من عقلانية الأفراد أكثر من عاطفتهم فنحصل عليها نتيجة أعمالنا وأفعالنا . بالتالي أن أفضل الاحترام الذي يؤدي على المدى الطويل إلى المودة.
برأيك يا ضياء، هل يمكن أن يحترمك الناس دون أن يحبوك؟ هل يمكن أن يحبك الناس دون أن يحترموك؟
لذلك من وجهة نظري لا يمكن إجابة هذه الأسئلة بنعم أو لا، فهي تحتاج إلى إجابة شاملة وتفصيلية لكي نفهم أين نحن في الحياة وما هي قيمنا وما هي أولوياتنا. على سبيل المثال، قد يكون الحصول على المودة أكثر أهمية بالنسبة لشخص يعيش في مجتمع يركز على العائلة والعلاقات الاجتماعية، بينما يمكن أن يكون الحصول على الاحترام أكثر أهمية بالنسبة لشخص يعمل في مجال يتطلب القيادة والتميز.
الأمر لا يتعلق بما هو الأهم بالنسبة للآخرين، بل يتعلق بما هو الأهم بالنسبة لنا، والأفضل هو العمل على بناء الصفات التي تجعلنا محبوبًين ومحترمًين في آن واحد.
الأمر لا يتعلق بما هو الأهم بالنسبة للآخرين، بل يتعلق بما هو الأهم بالنسبة لنا
أحب هذه الفلسفة النفعية، هذا اتجاه فلسفي مُعترف به ينصّ على انتخاب الأمور دائماً من وجهة نظرنا الشخصية وتفضيلاتنا نحن ومصلحتنا نحن. هذا أمر جيّد ربما، ولكن كيف أختار وأفضّل إذا كان مطلبي الداخلي متضارب، هناك الكثير من البشر على هذه الحالة، يريدون أصدقاء ولكن بالمقابل لا يستطيعون الاندماج معهم لكي لا يضيع احترامهم، أي أنّ مصلحتهم في الابتعاد والاقتراب في ذات الوقت، كيف لشخص مثل هذا أن يقرر ما الأنسب له؟
التعليقات