في ظل ما نشهده في وقتنا الحالي، سواء من كوارث طبيعية، احتدام الصراعات بين جهات مختلفة، وانتشار الامراض، هل يمكننا أن نقول أنّ القادم أسوأ أم العكس صحيح؟ وربما لديك وجهة نظر مختلفة أخرى. شاركونا بها
هل المستقبل سيكون أفضل أم أسوأ؟
الكوارث الطبيعية والأمراض والحروب موجودة منذ الأزل وليست أحداثا معاصرة بل العكس تماما, لو نظرنا فقط عقودا ماضية سنجد حروبا طاحنة وأمراضا وأوبئة فتكت بالملايين, وبالتالي البناء على هذه المصائب لمحاولة استشراف مدى سوء أو جودة المستقبل لن يقودنا إلى أي نتيجة.
أعلم أن الكوارث والحروب موجودة منذ الازل، ولكن ربما لظهورها مرة أخرى قد يجعلنا نتساءل عما سيحدث مستقبلا، دعني هنا أخذ السؤال من منحى اخر، وهو المنحى الفلسفي، كثيرًا ما نأمل أن يكون مستقبلا افضل لكن برأي ديريك بارفيت قد يكون الماضي افضل، بغض النظر عن الألم الي شعرت به بل ستتضاءل قيمته مقابل ما سيحدث في الماضي!
القادم أسوأ أم العكس صحيح؟
كلتا الإجابتين ستعدنا بمزيد من القلق والخوف من الزمن القادم، علاقتنا مع الوقت يجب أن نحكمها بمزيد من الأن وقوّة الأن، قرأت كتاباً لإيكهارت تولِ وكان في هذا الكتاب يتحدّث عن ذات الأمور، وعن أننا يجب أن نحكم علاقتنا بالوقت في مرحلة الأن محاولين تفادي التوقعات وتعليق الآمال أو تنبؤ الأسوء في الزمن القادم، حيث تحدّث في جزء من كتابه معنون بالتالي: إدمان التفكير. عن آفة هذا العصر الذي يحاول أن يفهم فيه الناس كل شيء وأن يزيلوا غموضه القادم، متناسين بأنّ ذروة سعادتهم الفردية لا تتعلّق إلّا في حالة العيش باللحظة الراهنة، اللحظة التي يسميّها اللحظة الخيالية أو السحرية.
ويقول بأنّ هذا لا يجعلك تنصدم بما سيأتي، بل سيجعلك أكثر هدوئاً ومراقبة وأكثر استعداداً لأخذ تحرّكات بناءً على ما تراقب لا بناءً على ما تُفكّر وهناك فرق.
برأيي الشخصي وكإجابة للصراحة، أتوقّع أنّ الزمن سيذهب للأفضل بكل تأكيد، من ناحية جودة خدمات الإنسان وحياته ورقيّه حتى على المستوى الأخلاقي والمادي، لكن ما أدعو إليه هو أن نتجنّب هذا التفكير ونركّز فقط الأن على لحظتنا الآنية بما هي، يقول جيم رون (مستشار مالي شهير في الولايات المتحدة) أينما كنت كُن حيث أنت. هذه الجملة غيّرت الكثير بنمط تفكيري.
في رأيي الشخصي فالمستقبل القريب لا يبشر بخير، لأنه في احسن الأحوال يلزمنا سنوات للتعافي من اثار هذه الحروب والكوارث والأوبئة والتقلبات المناخية والأزمات التي مست الأرض، وهذا قبل أن ننعم ببعض الأمن والرخاء، لكن هذه سنة الحياة، يقول الإمام الشافعي رحمه الله:
- الدَّهْرُ يَـومَانِ ذَا أمْنٍ وذَا خَطَرٍ
- والعيشُ عيشانِ ذا صفو وذا كدرُ
- أَمَا تَرَى البحرَ تَعلُو فوقه جِيَفٌ
- وتَسْتَقِرُّ بأقْصَى قـــاعِهِ الدُّرَرُُ
- وفِـي السَّمَاءِ نجومٌ لا عدادَ لَهَا
- وليس يُكسَفُ إلا الشمس والقـمر
أقوال الإمام الشافعي وأجمل الحكم والاقتباسات
لا يمكننا على الإطلاق التنبؤ بمثل هذه الأمور من وجهة نظرٍ مؤكّدة. لكن على صعيد الآراء، أرى أن العالم يذهب إلى منطقة سيّئة للغاية من التعامل مع الأزمات، حيث أن الأزمات السياسية الحالية قد أوضحت لنا الأزمة الحقيقية التي يعاني منها الجيل الحالي للبشر، حيث أنها تتمثّل في عدم رغبة الإنسان في التفاوض، وتكشف نزعته التدميرية للآخر المختلف، والتي تتغلّب على النزعة الإنسانية الموجّهة لإنقاذ الإنسان. وبالتالي فإن فرص قدرتنا على مواجهة هذه الكوارث البيئية المتتالية تعتبر شبه معدومة إذا ما استمر الوضع السياسي على هذه الشاكلة.
الأمراض و الكوارث الطبيعية و الإنحدار الاقتصادي كلها أمور واردة و لا أظن أن الوضع سيتغير، لكن الأهم من هذا كله هو كيفية التهيئة النفسية لما هو قادم و كذلك الاحتياط المالي الكافي. و كونك تهتم بما هو قادم في حاله أسوأ كان أم أفضل ليس بالضرورة، و ذلك لما سيحدثه من ألم نفسي و فجوة بينك و بين الإيمان بالله.
أتذكر قول الصحابة " البلاء موكل بالمنطق " و ما يلفظه لسانك من سوء هو ما سيحدث فأحسن الظن بالله. لكن عليك دائمًا الاستعداد ماديا و كذلك التهيئة النفسية.
هل يمكننا أن نقول أنّ القادم أسوأ أم العكس صحيح؟ وربما لديك وجهة نظر مختلفة أخرى.
لا، علينا ألا نقول ذلك. لماذا؟ لأن العالم قبل أن نجيئ إلى تلك الدنيا شهد كوارث وشهد حربين عالميتين لم يشهد العالم لهما مثيل حتى اللحظة. تشائم وقتها من تشائم وتفائل من تفائل ومرت الأيام وجاءت أعوام رخيًة هينة سهلة فتائل الناس فيها أيما تفائل ثم ماذا؟ ثم سنون صعبة فيها من البلاء الكثير وهذه سنة الله في الأرض. لذلك علينا ألا نقول أن القيامة ستقوم وأن الأرض ستخرب و أن الأمل قد انقطع. فقد كابد من قبلنا أهولاً وما زالت الدنيا قائمة. ولكني أعتقد أن العالم يتم تهيئته لأمر في صالح الشرق ولا أدري لماذا. هو مجرد شعور وأن الدائرة ستدور على نصف الكرة الغربي ولا أدري أيضاً لماذا.
تنبؤ بالمستقبل من الغيبيات، بما أن اجاباتنا لا يمكن أن تكون مطلقة، مدام يستحيل التنبؤ بمثل هذه الأمور، ما على الانسان إلا أن يفكر بتفاءل وأمل من أجل نفسيته واستمرار في هذه الحياة.
أما بالنسبة للكوارث الطبيعية فهي موجودة منذ زمن بعيد، وليست هذه المرة الأولى التي نشهد فيها عدد الضحايا والقتلى، الا أن الفرق بين الماضي واليوم، هو أن الصورة والصوت معبرة أكثر من مكان الحدث لذلك يستشعر غالبيتنا بأن الحياة ستتوقف، ولكن ما علينا إلا أن نقول اللهم أحسن خاتمتنا واجعل خير أيامنا وأعمالنا خواتيمها.
التعليقات