في قضيّة ديزني مؤخراً وقبلها تويتر، عملية تسريح الموظّفين وبالألاف، يطرأ في أذهاننا سؤال: على سلامة أفعالهم من الناحية القانونية، ولكن هل يدخل فعلهم ضمن إطار الأخلاق؟ وبشكلٍ أعمّ: هل كل فعل قانوني هو فعل أخلاقي؟
ديزني منذ أيّام تتخلّى فجأة عن 7 ألاف موظّف، هل كل فعل قانوني هو فعل أخلاقي؟
لا بالطبع ضياء. وبخصوص هذا الشأن طلع علينا رئيس زراء السويد يعتذر ضمنيا عن حادثة حرق القرآن ويقول ما تقول: ليس كل ما هو مسموح به وقانوني في بلادي يمثل عملا أخلاقياً. وهو يعني أن حريًة الرأي المكفولة لهم في التعبير عن رأيهم ليست أخلاقية لأن على الجميع احترام ثقافات الجميع. ومنذ متى ضمنت قوانين البشر أخلاقية تلك القوانين؟! هنالك قوانين موجودة في الولايات المتحدة - وغير معمول بها - وهي مضحكة جداً بالمناسبة.
أعتقد أنّ أس أيّ قانون يجب أن يكون أخلاقياً، وهنا أتكلّم بالحالة المثالية للأمور، الأمثل، أسّ كل قانون يجب أن تكون خالية من كل شبهة أخلاقية، فالقانون الذي لا يساعد على تحسين حياة الفرد وسلوكه الاجتماعي فهو قانون فاسد بالضرورة، إذاً تبرز لدينا مشكلة حقيقية في القرن هذا وهو كثافة إصدار القوانين مما يؤدي أحياناً إلى ظلم فئات معيّنة من الناس أو تأدية أنصاف أغراض، فمثلاً في حالة ديزني وتويتر يجب أن يكون لقانون الرفد من العمل وجوازه قانوناً مرافقاً يحمي الموظف من العالة، لتكتمل نصاب كلمة قانون في رأيي لإنّ كل قانون يجب أن يكون أخلاقي.
وبالنسبة للسويد وحرية الرأي عليهم أن يجدوا حلولاً للتفرقة الحقيقية والجدية بين مقدّسات الشعوب (التي يجب أن تُحدد بدقة شديدة ثمّ تُحمى من الازدراء)
الحماية من الازدراء الديني مثلاً لأمور محددة بدقّة، يجعل القانون هُنا أمراً أخلاقياً ومنصفاً لجميع الأطراف، حتى اللادينية منها.
أعتقد حضرتك أن الأخلاقيات لها صفة المُطلقية وهو ما لا ينطبق على القوانين لأنها ببساطة من صنع البشر وتجد فيها عوار بعد حين من الزمن. فكل الأعمال القيمية أو ما يخص القيم محكوم عليه بالنقصان ما دام من صنع البشر ولذلك تجد كل فترة تعديل في القوانين نظراً لأن المشرعين لا يحسبون حساب ما سوف يستجد مستقبلاً.
برأيي يجب قياس كافة الأمور من الناحية الأخلاقية. فالقانون هو من صنع إنسان والإنسان معرض للهفوات والأخطاء ولذلك فيمكن أن يصنع قانونا فيه ثغرة أخلاقية. ولكن القاعدة الأخلاقية ثابتة (لا يمكن أن يصبح الكذب يوما قيمة أخلاقية ولكن الصدق سيبقى من أهم المثل العليا).
إنني أعول في هذه الأمور على الإنسان أي على الإنسانية التي أودعها الله فيه. قالقانون كلمات لا روح فيها ولكن الإنسان كتلة من الإنسانية. القانون هو للجم الإنحرافات التي قد يرتكبها الإنسان ولكنه ليس قاعدة أخلاقية؟
من هنا فإن الكثير من أرباب العمل يستغلوون نفوذهم والقوانين التي لا تقف بجانب العامل كي يقوموا بأمور تتجاوز إنسانيتهم.
الضمير الحي وما أحلاه عندما يكون المحرك لجميع أفعالنا.
تماماً، وهذا ما قصدته في تعليقي السابق، وهو أنّ الصدق ما يُبنى عليه أي مجتمع، وأي قانون، ولكنني أختلف مع حضرتك في أمر واحد وفقط وهو قدرتك التي أعتبرها شجاعة في تعويلك على الإنسانية وخاصة وأنت من عالم عربي يدرك عمق ومعنى المأساة الحاصلة على صعيد الأخلاق.
أنا للصراحة أومن بمجتمع ديمقراطي قد يستطيع بناء نفسه فقط يوماً ما بتشريعات يتفق عليها ويصادق عليها تدريجياً، مجتمع ابن برلمان وشورى واستفتاءات ولكن بالمقابل نابع من القيم العليا التي نتحدّث عنها، الصدق كمثال.
ليس كل فعل قانوني أخلاقي ... أما بخصوص التسريح الذي قامت به ديزني او تويتر فلا أفهم سببا لذلك صراحة؛ قد أفهم ان تقوم شركة تخسر اموالها بتسريح جزء من عمالتها كمحاولة لتقليل النفقات والسيطرة على خسائرها؛ أما شركة مثل ديزني وتويتر تحقق ارباحا مهولة فلم قد تلجأ إلى تسريح العمالة؟ لا يوجد مبرر أخلاقي أو حتى إداري أو اقتصادي مفهوم لهذا الفعل.
هُناك أمر جعلهم مضطرين إلى هذا، سأخذ مثلاً مسألة تويتر، تويتر الأن بعد الإدارة الجديدة بقيادة إيلون ماسك كان مضطراً أن يقوم بطرح عدّة خدمات جديدة في المنصّة وتغيير عقلية العمل بالكامل، لذلك اضطر أوّلاً لتخفيف النفقات وزيادة الربحية، هذا ما جعله يطرح مسألة حصد مبالغ من أصحاب العلامات الزرقاء شهرياً، ليؤمّن دخل شهري أعلى، ثُمّ خفّض النفقات بتسريح الموظفين بهذه الأعداد الكبيرة، ولا يعد تخفيضاً للنفقات فقط، بل إعادة إحياء للشركة بالكامل وتنشيطها من رتابة العمل السابق وطريقته.
أمّا ديزني، فإنّها تخفف ثَقل واحدة من حواملها ومنتجاتها للاستثمار في الأخرى وتنفيذ مشاريع أقوى من جهات أخرى، أي بالمختصر لهم أسبابهم، لكن أحياناً هذه الأسباب قد تطغى على القيم الفرديّة وتنال منها.
يقوم بطرح عدّة خدمات جديدة في المنصّة وتغيير عقلية العمل بالكامل،
يمكن تغيير عقلية العمل دون تسريح؛ إما بتغيير الوظائف داخليا فمن كان يعمل في القسم "س" يتم نقله إلى قسم "ص" وتقديم دورات تدريبية والتحفيز على الإبداع برصد مكافئات للأفكار المميزة؛ وهو ما يحفز على تغيير العقلية دون تسريح عمالة.
لذلك اضطر أوّلاً لتخفيف النفقات وزيادة الربحية،
هذه الجزئية تعارض ما سبقها؛ فتغيير العقلية الذي لجأ إليه هو تسريح عمالة حالية وتعويضها بعمالة جديدة بعقلية جديدة ليحصل على التجديد؛ لذلك لا يوجد تخفيف نفقات هنا
لذلك لا يوجد تخفيف نفقات هنا
بالطبع يوجد تخفيف نفقات لفترة من الزمن، حيث أنّ إعادة التوظيف لن تكون مباشرة لذات العدد، وبتسريح عدد ضخم كبير مثل هذا فالتوفير يغدو كبيراً ومؤثراً على بنية الشركة وتكاليفها، لما يتطلّب من مصروفات ضخمة للتخديم على ألاف الموظفين.
التعليقات