كيف نرفع الوعي الاقتصادي لدى المواطن العربي في رأيكم؟
كيف نرفع الوعي الاقتصادي لدى المواطن العربي؟
سؤال جميل.
في البدء فإنّ الثقافة الإقتصادية هي جزء لا يتجزّأ من مفهوم المواطنة. فإلمام الفرد بالمصطلحات الإقتصادية الأساسية كالموازنة، والنفقات , والادخار وغيرها من المصطلحات تمكّنه بالحد الأدنى من التعرّف على حقوقه وواجباته وصولًا الى المشاركة في عمليّة إتخاذ القرار. فغياب الوعي في القضايا الإقتصادية يجعل من المواطن فريسة سهلة لبراثن الجهل . وأمّا عندما يطّلع على جميع هذه المسائل ويحلّلها بوعي فهو يساهم بصناعة القرار. وهذه وظيفة دورات محو الأميّة الإقتصادية أن تعرّف المواطن على الأس الإقتصادية لبناء دولة.
ونضيف إلى ذلك ظروف التنشئة والتعليم الأساسي يا فاطمة. أجد العديد من المناهج الأساسية في فترات حرجة من تنشئة الأفراد تعتني بالحقوق والواجبات وغرس القيم. هذا أمر رائع. لكنه يجب أن يمتد إلى ما تشعر الدولة بأنها تفتقده في أساسيات تنشئة الأفراد. والتي منها الوعي الاقتصادي بكل تأكيد.
ونجد خير نموذج على ذلك ما حدث في اليابان، حيث أن الاقتصاد السلوكي والإلمام بمفاهيمه أصبح جزءا لا يتجزأ من ثقافة الشعب الياباني، وهو ما يعود على الاقتصاد الخاص بالدولي بالصلابة المطلوبة في مواجهة الكثير من الأزمات.
أعتقد أن المواطن العربي نفسه بدأ يدرك أهمية الوعي الإقتصادي والبقاء على اطلاع دائم على آخر التحديثات في الأوضاع الإقتصادية لأن الأمر يمسه ويمس معيشته بشكل مباشر وغير مباشر .
بالنسبة لي السبب الرئيسي لتدني الوعي الإقتصادي في المجتمعات العربية متعلق بقصور دور المؤسسات التعليمية في نشر هذا الوعي وترسيخه بين الناس، فالإقتصاد ومسائله لا تزال محصورة في تخصص جامعي واحد، وكأن البقية غير معنيين بما يصيب البلاد من تغيرات اقتصادية تمس كل فرد فيه، لذلك أرى أن من مسؤولية المؤسسات التعليمية رفع الوعي الإقتصادي بين الجيل الأصغر بدءاً من المدرسة .
لا بد أن لا نغفل عن الدور المجتمعي في رفع الوعي الإقتصادي، كدور المؤسسات الإجتماعية غير الربحية التي تقوم على نشر الوعي بين كافة أفراد المجتمع بشكل مستقل والتي تكون كإضافة إلى دور التعليم أو بديلاً عنه في حالة لم يكن كافياً في تعزيز الوعي الإقتصادي، وأثناء بحثي وجدت مؤسسة غير ربحية في الولايات المتحدة تحت مسمى "The Economic Awareness Council"، تقوم بهذه المهمة بشكل فعال وأعتقد أننا بحاجة إلى مثل هذه المؤسسات تحت إشراف الخبراء والمختصين في المجال الإقتصادي .
الأزمة أن الاطلاع هنا لا يكفي يا تقوى، فالعديد من أشكال المحتوى في الوقت الحالي تعد غير احترافية بالمرة، ناهيك عن تقنيات التلاعب الإعلامية التي ينفذ في إطارها محتوى المنصات والقنوات، والتي إما تعمل على التهويل وجذب الانتباه غير المهني، أو على تبسيط الأمور وتسفيه خطورتها الحقيقة. وهو ما لا يعكس الصورة الحقيقية في كلا الحالتين.
المواطن في هذه الحالة لا يدرك هذا أو ذاك. فقط يقع كفريسة لا حول لها ولا قوة بين براثن هذه الأكاذيب، ظنا منه أنه يتابع ويعمل على صقل وعيه بما يدور حوله. لذلك يجب أن تتأسس لديه المعرفة الحقيقة أولا، والتي يستطيع أن يحكم من خلالها.
قبل ايام كنت اناقش احد الاصدقاء الاقتصاديين وهو ناشط جيد على وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب ، يقولبأن الوعي الاقتصادي يجب ان يكون استدراجي غير مباشر من جهة وتحفيزي من جهة اخرى بحث يجد فيه المزاطن نفسه في غمار العملية الاقتصادية ومساهم فيها بشكل فعال بطريقة اوتوماتيكية بحيث يٌدفع بشغف نحو زيادة اقتصاد بلده وتكوين نفسه، والطريقة الأهم والاحسن على الاطلاق في رأيه هي تحفيز الدولة على فتح المشاريع الخاصة والمؤسسات الخاصة في كل مناحي ومتطلبات الحياة، وتحفيز المنافسة، ليس على الدولة أن تقوم بأي شيء سوى تسهيل المعاملات والموافقات وفتح الحريات والمجال للافكار المختلفة وهذا بالفعل هو ما نقطة ضعف منظوماتنا الاقتصادية في دولنا النامية:
صعبوبة المعاملات والعرقلات الادارية والضرائب التي لا معنى لها.
عندما يكون المواطن على شعور حقيقي بالحرية هذا سيعطيه قدر عال من المسؤولية أيضا، وسيدفعه هذا الى تطوير نفسه بنفسه وليس بحاجة لشيء أخر، وبمجرد أن تتكون شريحة معقولة من الشباب المؤسس والمبادر سوف تنتقل العدوى لغيرهم، وينتقل الوعي الى الافراد الاخرين .
أتفق معه للغاية. ويعتمد ذلك أيضا على رغبة المواطن في المشاركة في حركة الاستثنار المعاصرة. ليس بالضروري أن تكون هذه المشاركة في إطار تأسيس مشروع ناجح. من الممكن أن تكون لديه رؤية استثمارية مغايرة، كالاستثمار في وظيفته أو في فنه أو في مهاراته. أهم شيء أن يتمتع الفرد بالعقلية الاستثمارية. هذه العقلية تؤهله لفهم الأمور، وتنأى به قدر الإمكان عن العواطف أو المواقف التخاذلية أو المناطق الآمنة.
في الوقت الحالي, المواطن بالفعل لديه الكثير من الاعباء, فمن الصعب عليه ان يدرك اهمية الامور الاقتصادية, لكن مع ذلك, اذا تم تقديم المعلومة بشكل مبسيط, عندها اعتقد انه يمكن ان نصل لما هو مطلوب.
شخصيا ارى انه يمكن ذلك عن طريق فكرة "اشرحها كاني في الخامسة", الاقتصاد ليس بالامر السهل, ومليئ بالتعقيد, امكانية تقديمه بشكل سهل وبسيط ستجعل من المواطن العربي يستيسغ المعلومة بشكل مبسط.
وتقديم تلك المعلومات سيكون فقط عن طريق الميديا, مثل تيكتوك والشوترس التي مازال اغلبية الناس لا تدرك مساوئها
يقولون دائما أن الوقت الحقيقي المناسب لتكوين الثروة هو وقت الحرب. وبالتالي فإن فكرة الأعباء الاقتصادية من الممكن أن تكون رابطا بين جسرين مختلفين تماما.
من الممكن أن تكون أعباؤنا الاقتصادية سببا في عملنا المستمر على تأمين أنفسنا والتحسر على ما لا نستطيع الحصول عليه. ومن الممكن أيضا أن تكون سببا في بناء فرصنا بأيدينا. لكن هذا الاحتمال الأخير يتطلب المعرفة التي أشير إليها.
لهذا السبب، وعلى الرغم من أن الأزمات الاقتصادية تدفعنا دائما إلى العمل هروبا، لا العمل استثمارا، فأنا أرى أن المعرفة الاقتصادية كفيلة بتحقيق ما هو أبعد من ذلك.
كيف نرفع الوعي الاقتصادي لدى المواطن العربي في رأيكم؟
الوعي الاقتصادي ودوره الاقتصاد اجمالا بدا ينتشر في الآونة الأخيرة بين فئة الشباب، في السابق حتى تخصصات الاقتصاد الجامعية غير معروفة ومن يقوم بدراستها اصحاب المعدلات المنخفضة فقط، لكن اليوم اصبح الدخول لتخصص الاقتصاد يتطلب معدل عالى وهذا من بين الأمور التي ستساعد اكثر في رفع دوره في المجتمع وزيادة الوعي به.
الأمور المعيشية التي حدثت في الدول العربية والغلاء والاسعار المتضخمة كل هذه الأمور ساعدت في نشر الوعي والبحث عن المواضيع وسبب ما يحدث.
في السنوات القادمة ستكون الأمور أحسن وستزيد أهمية هذا التخصص ويصبح من أهم التخصصات في الدولة.
التعليقات