ثمة من يغلط بين المفهومين، وكأنه يعتقد أنّ كليهما يؤديان إلى نفس المعني، لكن هذا الامر غير صحيح لذا كيف تفرقونا بينهما؟ شاركونا بأرائككم
ما الفرق بين التعاطف والشفقة؟
تتمثّل الأزمة في مثل هذه التصنيفات في الخلط اللغوي النابع من اختلاف منظور كلِّ فردٍ عن الآخر. لا يمكننا الاستقرار على الفرق بين الشفقة والتعاطف من حيث الجانب اللغوي فقط.
لكن على كل حال، يمكننا الكشف عن الاختلافات قدر الإمكان. على الصعيد اللغوي، تعني الشفقة صفة نفسية تورث حزنًا عند نزول مكروه بالغير ، وعملا على إزالته. أمّا التعاطف، فلغويًا تعني حَنَانٌ وَعَطْفٌ.
وعلى الرغم من أن كلا المعنيين لهما نفس النهج، فإن مصطلح الشفقة في العديد من الثقافات مقترن بالتقليل والتحقير، ولا يقتصر على صفة الحزن على خسارة الآخر. في هذا السياق، يجب ان نكون حريصين على الإلمام بمنظور الثقافة للفظة اللغوية، لا منظور معناها اللغوي فقط.
يجب ان نكون حريصين على الإلمام بمنظور الثقافة للفظة اللغوية، لا منظور معناها اللغوي فقط.
برأيي العكس تماما فاسمح لي بالاختلاف معك هنا أخي الكريم. فالعرب واللسان عربي أثرياء للغاية في الفصاحة وغنى الكلمات بالمعاني والمعاني بالكلمات وحتى الألفاظ نفسها وحروفها المختارة تجدها منسجة تماما مع المعنى دالة عليه. (وهذا أمر فائق الروعة والجمال في العربية والعرب أصلا لفظة عربية وعرب من "الإفصاح والبيان")
فأظن أن هذا لا يضاهى أبدا بأي ثقافة دارجة هنا وهناك (اللسان العربي أصل أصيل)
الشخص الذي يملك صفة التعاطف يمكنه تفهم الطرف الآخر في الحديث والتعامل معه وتقديم ما تحتاجه نفسه حتى لو لم يصرح هذا الشخص بذلك، حتى لو حالته كانت توحي بغير الألم الشخص المتعاطف يمكنه فقه حالة الشخص بمختلف حالاتها.
الشفقة هي مشاعر حزن يشعرها الشخص لأجل شخص آخر عندما تكون حالته وأحاديثه توحي بذلك وتبين هذه الحالة.
أعذرُ من يخلط بين المفهومين لأنهما متقاربان نوعا ما في المعنى، فالتعاطف هو فعل نفسي أو شعور المرء بضرورة عطفه على غيره والإهتمام بهم، في نفس الوقت هذا الفعل يحتمل المبادرة للمساعدة والتّعاون حينها يقترب المعنى ليصل لدرجة الشفقة.
فالشفقة هي التعاطف مع المبادرة للمساعدة قولا وعملا.
لكن لهذين المصطلحات سياقاتٌ كثيرة، فلو نظرنا لكمة أشفِق على أحدهم فهي تحتمل أمرين إثنين إمّا شفقة تدلّ على أن الإنسان يخاف على غيره من مصيبة قد تقع له، أو أنه يستهزئ به للمصيبة التي وقع فيها، في الأولى إحتمال المبادرة للمساعدة وارد أما في الثانية فهو معدوم والله أعلم، أظن أن للمصطلحين تفسيرا خاصا على حسب وضعية وكيفية إستعمالهما لغويا.
فعلا، أحيانا يتم الخلط بين المصطلحين، لكني أعتقد أنه يمكن التمييز بينهما بهذه الطريقة..
التعاطف، هو شعورنا بالأسف تجاه من نتفق مع وجهة نظرهم، أو نرى بأنهم لم يخطئوا بتصرفاتهم، التي أدت بهم لتلك الاوضاع الصعبة..
أما الشفقة، فهي شعور بالأسف، تجاه من لا نعرف أسباب تعرضهم لأوضاع صعبة، وغالبا لا نتسائل حول تلك الأسباب..
فالتعاطف، أسف مقرون بمساندة وتوافق.. أما الشفقة، فمحض أسف.
أظن هنالك فوارق متعددة من جوانب مختلفة:
1- أنت تتعاطف مع مَن قد ترى أن له فرصة للتغلب على أو الخروج مما هو فيه من محنة أو ألم وعناء. بينما عادة تشفق على مَن لا يُرجى له أمل مما هو فيه أو فرصه ضعيفة للغاية.
2- أنت تتعاطف مع مّن تراه يسير على الدرب الصحيح (كأن يأخذ بالأسباب الصحيحة ويسير بالاتجاه السليم للوصول إلى مبتغاه). بينما أنت قد تشفق على من يدور حوله نفسه محلك سر أو يزيد الطين بلة (كأن يتمادي في خطأ يضره مثلا أو أنه يخطئ التصرف حيال ما يعانيه أو أنه لا يعرف الطريق الصحيح أصلا أو يعند لا يقبل النصح فتشفق عليه على مثل هذه الأمور)
3- أنت عادة تتعاطف بشكل خاص مع مّن يناظرك (في أي وجة من وجوه المناظرة علم عمل عمر ...)، وتشفق على من (تحسبه في رأيك) أقل كأن يكون مستوى تعليمه أقل فتشفق عليه لذلك، أو تعتبره فقيرا أو مبتل بمرض وهكذا، أو (بشكل أعم هنا ربما) لما تراه يواجه أمرا فلا يستطيع أن يتعامل معه كما كنت لتفعل أنت.
"العطف" بأصل اللسان العربي من الميل والتثنية (حتى الزمان القريب كنا نسمى الطريق الأضيق المتفرع من طريق أكبر بـ"العطفة") والتثنية من كونك تثني (تقوم بعملية الإنثناء) لشيء لتقربه على شيء (ومنها اسم العدد "اثنين" على فكرة)
أما "الشفقة" تحتاج رجوع للمعجم ولكن واضح أنها من مادة "الشفق" وفيه معنى الأفول أو الخبوت (خبوت ضوء في ظلمة أفول نهار في ليل وهكذا) فيبدو أنها متعلقة من حالة الضعف والزبول (من بعد قوة وعنوة) .
___________
راجعتها سريعا في لسان العرب للإمام ابن منظور يبدو أن "الإشفاق" و"الشفقة" من الخيفة (الخوف). ولعل من هنا كان مادة الاشتقاق من الشفق عند الغروب مع زوال النهار ودخول الظلمة.
وهكذا قد يتضح فرقا جوهريا ربما أكثر بين "التعاطف" و"الشفق" فالأخير متعلق بحالة الخيفة على الشخص أمامك (تخاف عليه كما ذكرنا بالنقاط بأعلى). بينما "التعاطف" ليس فيه حالة الخوف هذه وإنما هي غالبا حالة ميل وتقارب (روحي معنوي) مع الشخص وكأنك تزق بيدي روحك تشجعه وتدفعه للنجاح وفوز بخير أو النجاة من شر.
تعقيباً عما سبقوني سواء عرفنا كلا المفهومين لغوين أو اصطلاحياً
الأمر بنهاية يجري مجرى السياق الجاري في وهذا أيضاً يندرج تحت علم الدلالة فهناك عبارة تتغير دلالتها لتحمل دلالة أخرى
فكلمة تعاطف ارتبطت ارتباط كلي بعلاقة ايجابية وحب الخير للأخرين ، أما كلمة شفقة برغم من أصلها اللغوي إلى أنها أصيبت بتحقير السياقي فأصبحت تشير لنظرة الدونية لشخص .
وسواء هذا أو ذلك أكره المفهومين ولا احب أن أوضع بموضع شفقة أو تعاطف ولا أحب من يطلبون ذلك ويدعون الضعف من أجل تعاطف الآخرين أو الشفقة عليهم الأمر مؤذي بالنسبة لي في الحياة والمواقف العادية . واستثني من ذلك المواقف الإنسانية التي تحتاج منا تعاطف وودعم . واعتقد أيضا كلمة تعاطف ترتبط بالعطاء وليس الشعور فقط ، وهذا يخالف الشفقة التي تحمل معني الشعور الداخلي فقط .
التعليقات