العالم ومجتمعه لا يمكن أن يُشابهنا، هذه حقيقة، لذلك قد في حال وجدت شخص يختلف معك بالأفكار (الأصح تُعادي أفكاره من شدة اختلافك معها) ولكنّك تجد فيه صديق أمين وخلوق، هل يُمكنك بهذه الحالة مصادقته؟
هل يمكنك أن تُصادق شخصاً تُعادي أفكاره؟
لا أعتقد أن مصادقة شخص ذو أفكار مختلفة عني قد يكون سبب وجيه لابتعد عنه بل بالحقيقة أنا أتقبل الرأي المختلف بغض النظر عن أني قد أكون عصبية قليلا محاولة لإثبات وجهة نظري ولكن الأمر لا يتعلق أبدا بأن اقطع صداقتي معه نحن أشخاص مختلفين بكل شيء بالتأكيد سأقابل الكثيرين المختلفين عني بالتفكير وما علي سوى أن أشارك رأيي أن تم قبوله فهذا جيد وإن لم يكن فكل شخص له الحرية بالتفكير وتفضيل ما يريده ولا أعتقد أن الأمر قد يسبب لي مشكلة قوية .
لكل شخص أفكاره ومعتقداته، وإن الإنسانية هي التعامل مع الجميع بود مهما كانت أختلافتهم، فمن أقوال نيتشة حول العداء "لا تتخذوا لكم من الأعداء إلا مَن يستحق ذلك".
لو كان الشخص صادقا وأمينا، فلما العداء؟ لم يفعل هذا الشخص شيئا ليضرني، ولم أر منه أفعالا سيئة مع الآخرين بسبب أفكاره، وفي الحقيقة لدي الكثير من الأصدقاء الذين يملكون أفكارا معاكسة لأفكاري تماماً ومع ذلك نحترم آراء بعضنا البعض ونتفهم أن لكل واحد منا أفكاره الخاصة لأننا نتعامل مع بعضنا البعض بأشخاصنا وليس أفكارنا, لكن أحيانا تنتج بعضا من المشادات لكننا في النهاية نتفهم ونتقبل ذلك.
لو كان الشخص صادقا وأمينا، فلما العداء؟
أشعر بأنّ في هذه الجملة جزء من يوتوبيا لا يمكن تنفيذها، لإنّني مثلاً أستطيع ضرب مثال حالياً لعديد من الاقتتالات الجماعية في عدة جغرافيات بناءً على الأفكار وعدّة حوادث، الأًصح حوادث كثيرة جداً لحالات فردية تضادّوا في الأفكار، ما يُشكّل عداوتنا ومشاكلنا في المجتمع هي الأفكار، لذلك أجد صعوبة في تصديق بأنّ الناس تلتفت فعلاً إلى الأخلاق أولاً، قد يكون هذا عامل مهم، لكن أهم من الأفكار والتوجّهات والمبادئ؟ لا أعتقد.
لا يمكننا جزم ذلك بالطبع، فنحن نرى الكثير من يعادون الآخر بمجرد اختلافات فكرية لكن هل هذا صواب؟
بالنسبة لي، لا أرى أن الإنسان يمكن أن يتقبل الآخر بالعدوانية بل بالسلوك الجيد، والشخصية الخيرة، فهناك جملة دائماً أقولها "كل شيء من الممكن تقبله بالحب" أي لو كان الشخص يختلف معي وقمت بالتحدث معه باحترام ومودة, فلن نتعادى.
لا أجد مشكلة أو صعوبة في التواصل مع أشخاص مختلفة أفكارهم عن أفكاري طالما نتفق في النهاية على ألا نتفق.
معايير إختيار الأصدقاء تختلف من شخص لآخر ولكن شخصيًا أحب الإختلاف طالما أنا قادر على تقبله وصديقي قادر على تقبل أفكاري فسيستفيد كل منا من الآخر ونرتقي ببعضنا البعض مادمنا نفهم ذلك جيدًا.
ولكن شخصيًا أحب الإختلاف طالما أنا قادر على تقبله
ماذا عن التضادّ؟ عن الاختلاف حتى العداوة في الأفكار؟ لنفترض مثلاً أنهُ معادي للغة التي تتحدّث بها أو العمل التي تعمله أو ربما الدين والفلسفة التي تحكم حياتك؟ هل كل ذلك لا يُشكّل عائقاً يمنع صداقة عميقة بينكم؟
نعم بالفعل يحدث ذلك كثيراً معي فإختلاف الأفكار بالنسبة لي لا يعنى العداء مطلقاً ، بالعكس فذلك يعد إثراء بالنسبة لي والإختلاف لا يفسد للود قضية ، وقد يكون عند هذا الشخص أشياء أتعلمها منه لأصحح بها مساري .
وعلي الجانب الأخر إذا كان الشخص غير أمين وغير خلوق وبالطبع يخالفنى في الأفكار ، فإنى أبتعد عنه في الفور .
لكن كل ما يحكم العداوات أفراداً ومجتمعات تُقام على تضادّ الأفكار لا الأخلاق، فكيف نُفسّر ذلك إنّ كان الجميع يقولون مثلاً على الأقل في هذه المساهمة بأنّ أًصل التقرّب والصداقة الأخلاق، لا الأفكار والانتماءات والقواسم المشتركة؟
بالطبع يمكنني مصادقة من يختلف معي في آرائي وأفكاري طالما كانت مبادئنا متقاربة، فلا يعني اختلافنا المقبول أن يرى العنف وسيلة لأخذ الحق ولو كان بسفك الدماء على سبيل المثال وأنا أرى العكس، في تلك الحالة لا يمكنني مصادقته.
أما الاختلافات الدينية والسياسية والاجتماعية فأتقبلها أو أتأقلم معها حينما يكون الشخص جيد ويحبني، وهو بالفعل ما يحدث بيني وبين صديقاتي، فصديقتي المقاربة تخالفني في أغلب أفكاري وذلك الاختلاف يضيف إلى صداقتنا نكهة خاصة من الجدال والمناقشة الثرية.
بالطبع يمكنني مصادقة من يختلف معي في آرائي وأفكاري طالما كانت مبادئنا متقاربة
اختلاف الأراء برأيي يتطلّب بالضرورة تباعد بالمبادئ، لا يمكن أن يتضاد أحد معي بالأفكار ويتقارب معي بالمبادئ، ربما هذه المبادئ المتباعدة أصلاً هي ما شكّلت أفكاره التي تضاد معك على طول الخطّ.
اعتقد ان صداقته ستكون متعبة. رغم انها يمكن ان تكون مفيدة و تساعد في التطور على الصعيد النفسي والشخصي. ولكن بالنسبة لي ربما اتجنب مثل هكذا صداقة لأني بطبيعتي لست استطيع ان اكون حذرا طوال الوقت وخاصة بصحبة الاصدقاء. لذا من المهم ان يكون اصدقائي يشاركونني او أننا نتشارك ذات الأفكار و الاراء حول امور وقضايا معينة. من المستحيل ان يتشارك شخصين نفس وذات الافكار بالمطلق, لابد من وجود اختلاف في بعض القضايا ولكن في المسائل الجوهرية و الأمور المهمة لا بد من الاشتراك. فبدون الاشتراك على أي اساس سأبني معه جسر الصداقة؟ الأمانة و الخلق صفتين جميلتين ولكن غير كافيتين لتكوين الصداقات. يحتاج المرء الى القرب والفهم و المشاركة. فعملية الصداقة هي في الأساس عمل تشاركي..
على هذا الصعيد. اعتقد ان المرأة اكثر قابلية لتكون صداقات مع اشخاص يخالفونها الرأي و الفكر. واعتقد ان قلة من الرجال من يستطيعون ان يفعلو هذا الأمر. رأي شخصي من تجارب الحياة.
هنا يمكنني أن أختلف مع حضرتك في أمر مهم أو على الأقل أسأل حضرتك، هل تستخدم الصداقة أصلاً كمنفذ للتطور الشخصي؟ لا أعتقد بأننا يجب علينا أن نرى الصداقة من هذه الناحية، وفي حال رأيناها بهذه الطريقة لا تغدو متعبة هذه التضادات، على العكس، بل ستصبح ممتعة برأيي، سُلّم للصعود إلى أعلى في الفهم والنقاشات الحادة الذي يفرضها هذا الاختلاف.
أهلاً
اعتقد ان صداقته ستكون متعبة. رغم انها يمكن ان تكون مفيدة و تساعد في التطور على الصعيد النفسي والشخصي.
عنيت, أنها ستكون متعبة بالنسبة لي, رغم انها يمكن لو حدثت ان تفيد وتساعد في التطور الشخصي. واعني "يمكن" و "يمكن لا". بالنسبة لي وضحت انني لن اكون مرتاح بمثل هكذا صداقة يوجد فيها اختلاف كبير. او اختلاف أساسي في نقاط جوهرية. ولست استشف التطور الشخصي من الصداقات. هناك مجالات اخرى تعطي معبر اوسع للتطور الشخصي ك العمل مثلا. ولهذا انا لا ارى الصداقة ك منفذ للتطور الشخصي ف تغدو متعبة هذه التضادات لانني لست اريد ان امضي وقت الصداقة ب النقاشات الحادة. هناك نوادي مختصة للنقاشات الحادة و تبادل الاراء ووجهات النظر.
وجهة نظرك افهمها تماما.
الأمر صعب للغاية فأنت تتحدث عن صداقة مع تضاد الأفكار وهو ما أجده مستحيلا.
ربما لو قلنا اختلاف الأفكار لصحّت الصداقة...
او قلنا احترام مع تضاد الأفكار لصحّت العلاقة... فقديما قالو عدو عاقل خير من صديق جاهل ، ولكن ان تكون صداقة مع هذا التضاد فلا أقتنغ بها.
ولكن ان تكون صداقة مع هذا التضاد فلا أقتنع بها
هُناك صداقات أقيمت على تضادّات غريبة أحياناً مثل صداقة مريم نور مع معمر القذافي، التي دعته مرّة إلى أن يترك كل ما عنده ويسكن مقابل خبز وماء وهناء ولكنه رفض، صداقة ترامب بشخصية غاية في الانضباط والالتزام يتحدّث عنها دائماً، وحتى صداقة دوستويفسكي مع سكّير أهبل، كل ذلك يجعلنا ندرك إشارات تصل إلينا بأنّ الأمر يبدو ممكنا ولكنه غير معقول على الاقل إلى الأن.
التعليقات