لدي صديقة تجاوزت منتصف الثلاثينات وترغب في السكن لوحدها وأن تبدأ مشاريعها الخاصة، لأنها لم تتزوج ولا ترغب في العيش مع إخوتها وزوجاتهم، لكنها تخاف من نظرة المجتمع وكلام الناس، فما نصيحتكم لها؟
من الضروري للمرأة الغير متزوجة أن تستقل عن أهلها، ما رأيك؟
اعتقد اننا لا يمكن التعميم على كل الدول العربية مثلا وذلك لان هناك دول عربية تتيح للفتاة السفر والدراسة والعمل خارج الدولة وبالتالي يمكنها الاستقلال في شقة او بيت خارج سكن اهلها.
لكن في بعض الدول او جزء من المجتمع في تلك الدول يرفض مجرد خروج الفتاة لوحدها الا برفقة اخ لها وان كان عمره 10 سنوات! وبهذا كيف يمكن ان نفهم انهم سيسمحون لها بالاستقلالية في منزل لوحدها.
الجزء الاهم هنا ما هو نظرة المجتمع للفتاة التي تسكن لوحدها وخاصة ان كانت قد عبرت من العمر منتصفه ولم تنل نصيبها من الزواج. السؤال الاول لماذا تستقل لوحدها وما طبيعة اعمالها وهل الذي يزورها اخيها ام صديقها ام غير ذلك؟
ان النظرة للمرأة سواء متزوجة او غير متزوجة او في عمر العشرين او حتى الخميس هي نظرة ترتبط بالحكم المسبق على المرأة ولكن في الاتجاه المضاد لا يتم النظر للرجل هكذا بل يعتبر حرية شخصية .. لهذا المجتمع لا يضبط احكامه لانه يعتبر المرأة كيان متهم حتى يثبت الدليل عليه بالسوء.
هناك العديد من العناصر المهمة الغائبة في سرد حالة صديقتك, هل تعيش مع والديها؟ أم أنهم توفوا أم يعيشون بكنف أحد إخوتها؟ أم جميعهم يعيشون بمنزل العائلة؟ هل تعيش بمنزل الأسرة الفارغ بمفردها وهناك دعوات من إخوتها للعيش بمنزل أحدهم؟ من ينفق عليها؟ من جهة أخرى هل عيش الفتيات بمثل سنها بمفردهن جاري به العمل بمجتمعكم؟ أم أنها ستكون حالة متفردة بالمجتمع إن هي أقدمت على ذلك؟
كل هذه عناصر مهمة للحكم على المسألة فالمجتمعات العربية متفاوتة في نظرتهم للفتاة غير المتزوجة التي تعيش بمفردها, كما أن هناك فرقا شاسعا بين فتاة توفي والداها وصارت وحيدة بمنزل الأسرة وترفض العيش بكنف أحد إخوتها المتزوجين وبين فتاة تعيش بكنف والديها وإخوتها وقررت ترك منزل الأسرة والاستقلال بمفردها.
وفي كل الحالات لا يمكننا أن ننصحها لأننا لا نعيش بمجتمعها, هي والمحيطين بها وحدهم القادرون على الحكم على جدوى المسألة وما إذا كانت ستواجه صعوبات وأحكاما مسبقة ومضايقات أم لا.
فما نصيحتكم لها؟
أن تقوم بما تنوي القيام به، أن تستقل وتعمل على الاعتماد على نفسها وحتى في حالة حياة الأب والأم على الجميع ذكورا واناثا الاستقلال، لأنه ليس الأب خالد ولا الأم خالدة وفي أي لحظة قد يقع الانسان بعد وفاتهم حينما لا يكون قد تعلم الاعتماد على نفسه
في حياة من حولك ومن يحبوك استقل وجرب واسقط العديد من المرات داخل الحفر المختلفة، وهم سيساعدونك على الخروج منها حينها ولكن تكون قد تعلمت ما هو الوقوع وكيف يمكن الخروج منه
أن تقع أكثر من مرة بوجود من يحبوك ويجعلك ذلك تتعلم خير من أن تقع بعد موتهم ولا تعرف طريقة للخروج والنهوض مرة أخرى
ما الفائدة من كلام الناس ؟ نحن نعيرهم اهتمام أكثر من الازم يا دليلة. فالناس ستتكلم بكل الأحوال حتى وإن قامت بالاعتزال عنهم واعتكفت في منزلها؛ لن يعجبهم
قولي لصديقتك يا دليلة أن تعتزل كل ما يؤذيهاولا تأبه. فلتصنع قدوة للنساء اللواتي في مثل واقعها ولتخبرهن بأن المرأة يمكنها أن تستقل بكامل حريتها و حفاظها على قيمها.
نصيحة غير مجرب!
الاستقلال بشكلٍ عام هو شعور رائع؛ وقد فكرت فيه مرات عديدة حتى قبل زواجي أن أعيش وحدي، ولاقى هذا نقدًا من والدي؛ على الرغم من استقلالي المادي قبل التخرج بسنواتٍ طويلة. فقد كانوا يؤمنون أن الاستقلال يكون للرجل أو الفتاة بعد الزواج! فسافرت لأحقق الاستقلال دون زواج.
على أية حال فطبيعة الرجل في مجتمعاتنا تختلف -في الغالب- عن المرأة. فالبنت تقابلها بعض العقبات، لكن عليها أن تبحث عن استقلالٍ مادي بعمل مشروعها الخاص، والبدء في ممارسة عملها، وتطوير نفسها؛ ليصبح البيت مجرد مكان تقضي فيه ساعات النوم؛ فإقامة الفتاة وحدها من الأمور الصعبة؛ حتى أولئك اللائي سافرن ممن أعرف ذهبن إلى بلادٍ لهن فيها أقارب. وهذا ليس نمط عام؛ فبعض المجتمعات المسلمة غير العربية تسافر البنت وحدها للدارسة وهي في سنٍ صغيرة. والأمر في بعض الأحيان يُحكم من نظر الأسرة في البلاد العربية وليس المجتمع ككل؛ فكثير من العائلات لا مانع عندها من سفر الفتاة وحدها؛ للدراسة أو العمل.
على الرغم من أن العديد من الأشخاص في الأسرة قد يكونون ضد هذه المواجهات يا صديقي، فأنا أرى أن هنالك ضرورة كبيرة في القيام بها، حيث أن الإنسان الذي يبحث عن الاستقلال -رجلًا أو امرأة- هو شخص استطاع اكتشاف نفسه أخيرًا، ويسعى إلى بناءها بالطريقة المناسبة له ولمستقبله من وجهة نظره هو فقط. لذلك أرى أن الاستقلال ضرورة قصوى للفتاة بغض النظر عن القيم الاجتماعية المفروضة، حتى وإن كان الأمر بدافع الأسرة وخلافه، حيث أن الفتاة في هذه الحالة إذا ما وصلت إلى سن النضج يجب عليها أن تدرك أهمية هذه المواجهة، فصعوبة الظروف لا يجب أن تعني التراجع أبدًا.
التعليقات