يُقال أنّ هذا تفسير علم النّفس فهل ذلك صحيح؟ أم أنّ علم النّفس بريء منه؟ وكيف تفسّرون ظاهرة التفكير المفرط بشخص دون غيره؟
هل حقًا أن سبب عدم توقفنا عن التفكير بشخص، هو أن الشخص ذاته يفكر بنا؟
يُقال أنّ هذا تفسير علم النّفس فهل ذلك صحيح؟ أم أنّ علم النّفس بريء منه؟ وكيف تفسّرون ظاهرة التفكير المفرط بشخص دون غيره؟
أليس هذا التفسير مرتبط بالتخاطر ؟ لقد قرأت عن هذه الظاهرة من قبل، ولا أضع نفسي في خانة المصدق أو المكذب لها حيث أن من الممكن حدوثها ومن الممكن عدم حدوثها، ولكن أخشى أن هذه الفرضية مفتعلة من قبل أحدهم بناءاً على موقف، فتعلمين أن الإنسان كائن بارع في ربط المواقف ببعضها، ربما مرّ بموقف كان يفكر فيه بشخص ما واكتشف أن الشخص عينه يفكر به فقرر تسيير الأمر على جميع البشر، ربما هي صدفة أو أمر لا يحدث مع كل البشر . هل أجريت تجارب بهذا الخصوص ؟
في حالة التفكير المفرط بشخص ما فهذا لا علاقة له بأن الشخص يفكر بي بالمقابل، بل الأمر مرتبط تماماً بالمشاعر التي يترجمها الدماغ على هيئة أفكار وتهيؤات، أي مشاعرك تجاه الشخص وتفاعلك معه هي من جعلته لا يفارق بالك، من بين التفسيرات المحتملة ما يلي :
- أنت إنسان متصل مع الآخرين بالطبع ستفكر فيمن حولك .
- ربما تعرضت للرفض من قبل هذا الشخص على الرغم من مشاعرك تجاهه لذلك عقلك يحاول استيعاب ما حدث .
- أنت متردد حول مشاعرك تجاه هذا الشخص، ربما مررت معه بعدة تجارب جعلتك حائراً بين الحب والكره .
- لديك مشكلة غير محلولة أو خلافات مع هذا الشخص .
- تحاول التعرف أكثر على شخص تعرفت عليه حديثاً ومحاولة تصور آفاقه وتفكيره .
- هذا الشخص يذكرك بماضيك، يذكرك بنفسك قديماً وبذكرياتك .
- الشعور بالوحدة، عندما تكون وحيداً خالي البال فغالباً تميل إلى التفكير فيمن تقابلهم، هذه الطبيعة البشرية المحبة للجماعة .
- أنت تفتقد هذا الشخص وذكرياتكم سوياً .
- تعرضت لصدمة أو معاملة سيئة من هذا الشخص في الماضي .
- لقد ظهر فجأة في أحلامك، ثم انتقل إلى تفكيرك .
- أنت معجب به، من الطبيعي أن تفكر فيه طوال الوقت .
بالنسبة لي أجد هذه الأفكار حقيقية فعلاً، فعندما أفكر بأحدهم طوال الوقت أستجوب نفسي، لماذا أفكر به؟ ما الذي حدث لي معه؟ ماذا أعرف عنه؟ وهنا أتعرف على طبيعة مشاعري تجاه هذا الشخص وأقيّم تأثير هذه المشاعر عليّ .
لا أعتقد ذلك، فحتى لو تصادف تفكيرك بشخص ما مع مكالمة واردة منه فهذا لا يعني أنكما تفكران ببعضكما البعض في ذات الوقت لسبب غريب، أو بسبب التخاطر كما ذكرت تقوى ولكن بسبب أن العقل الباطن يجمع معلومات كثيرة ويدفع بقرارات وأفكار للعقل الواعي فيخطر ببالك شخص ما، ووفقًا للظروف يفعل عقل الشخص المقابل ذات الشيء، ولكن بالنسبة للتفكير المستمر فأجد أن سببه بالغالب التعلق أو ربط الكثير من الأحداث والأمور بهذا الشخص، حيث أن العمل في مكان كان فيه شخص قريب منك ورحل يجعل احتمالية تذكره والتفكسر فيه يوميًا واردة، ولكن لا أرى أن السبب هو تفكير الشخص المقابل بك يدفعك للتفكير به أمرًا منطقيًا أو أننا ك بشر مرتبطين ببعضنا البعض بروابط خفية وعميقة
هل لديك فكرة يا زينة كيف يمكن لنا أن ننجو من متاهات العقل الباطن التي يجرّنا إليها دون أن ندري أو نعي؟
لماذا لا افكر في دليلة او نورا ولكني افكر في علي وفي حمزة. هل لاننا نتوافق في الافكار ام لاننا نتناقش كثيرا ام لوجود روابط خفية بيننا؟ بالمقابل هل علي او حمزة في حال فكرت فيه طيلة اليوم سوف يفكر في ربع ساعة؟ ما الذي يجعله يفكر في مازن؟ ما الرابط في ذلك؟
حسنا ماذا لو انني قدمت هدية عبارة عن درع الى دليلة واهديتها كلمات امام العامة! هل ستفكر فيَّ ولربما تتساءل لماذا قمت بذلك؟ هل سيستمر تفكيرها في كيفية مكافئتي في ذلك؟ رائع قامت بذلك! سابقى في ذاكرتها ولكن هل ستفكر فيَّ باستمرار حتى وان كنت افعل ذلك مع كل زميلة او زميل اسبوعيا؟ هل ساجد في نهاية السنة ان جميع من في المنصة يفكرون فيَّ؟ اعتقد ان الجواب (لا).! ولكن ماذا لو عدلنا في السؤال قليلا واعدناه بصيغة اخرى، لنجرب!
هل حقًا أن سبب عدم توقفنا عن التفكير بشخص، هو أننا حفزنا الشخص ذاته يفكر فينا؟
هل لاحظتي الفرق دليلة بين عبارتك وعبارتي ... لم اقم الا باضافة كلمة واحدة (حفزنا). اذن نعود الى كيفية تسويق المنتجات واقناع الزبون الذي يتسوق لشراء منتجاتنا او شراء مجموعة من المنتجات وربما ينسى المنتج الاساس الذي جاء من اجله؟ ماذا حدث معه! هل سلبنا عقله؟ هل جذبته المنتجات بالوانها وتغليفها واسعارها ومكوناتها؟ اعتقد ان ما حدث اننا تمكننا من السيطرة على عقله واختياراته وقمنا باعادة برمجة بسيطة في توجهاته. ماذا لو حدث اطراء له في البيت عما احضره؟ سيفكر في العودة ثانية وسيصبح من زبون عابر الى زبون دائم؟ هكذا يمكننا ان نكون في عقول الاخرين بصورة دائمة؟ انه التحفيز والتأثير عليه بحيث نصبح في دائرة افكاره واهتماماته واحتياجه له.
جربي دليلة ان تستخدمي الطريقة مع صديقة جديدة ومع صديقة قديمة! قدمي نفس الهدية لكليهما؟ من التي ستفكر فيك اكثر من وجهة نظرك ومن التي سوف تجدينها اكثر تواصلا معك وربما تكشف لك اسرارها وتسر لك باحاديثها؟ القديمة ام الجديدة؟
منطقيا: الأمر ليس صحيح تماما، لأننا لا نملك معلومات كافية حول ما إذا كانت عقولنا تتواصل بهذه الطريقة أم لا.
وأى أن الموضوع أبسط من أن نعقده -ما دمنا لا نملك معلومات ولا دراسات كافية حوله- وبإمكاننا إبعاد الأشخاص عن تفكيرنا بشغل الذهن بالتفكير بغيرهم وبأشياء مختلفة، هذه إحدى الطرق وهناك غيرها الكثير
هذه المقولة لا تمت لعلم النفس بصلة بل العكس من ذلك علم النفس المعاصر علم قابل للقياس ينبذ تماما الاعتراف بوجود مثل هذه الظواهر, ويرجع التفسير للاعتقاد بالتخاطر في علم النفس إلى الانحيازات كالانحياز التأكيدي.
عندما ندقق بالمقولة سنجد أن بها نظرة ذاتية للظاهرة, فلو قلنا أن سبب عدم توقفنا عن التفكير بشخص هو أن هذا الشخص ذاته يفكر فينا, فما الذي يدفع هذا الشخص إلى التفكير فينا منذ البداية؟ يجب أن تنطبق عليه المعادلة أيضا ويكون سبب تفكيره أننا نحن نفكر فيه, وهكذا فإن هذا التفسير يدور في حلقة مفرغة, بل لا يرقى أن يكون تفسيرا حتى, لأنه لم يتبث أصلا وجود الظاهرة ولم يتبث قياسها بشكل علمي.
في هذا الصدد لا أستطيع أن أؤكّد هذا الأمر، فإضافة إلى أن الأدلة في هذه المسألة يصعب إثباتها بشدة، فإنني أجد أيضا أن التصوّر يميل إلى كونه ميتافيزيقيًا بعض الشيء، وهو الأمر الذي يضعه في سياق يناقض المنهج العلمي.
وكيف تفسّرون ظاهرة التفكير المفرط بشخص دون غيره؟
أما بالنسبة لتفسيري الشخصي لهذا الأمر، فهنالك العديد من الاحتمالات المتعلقة بذلك، والتي من أبرزها:
- الإعجاب العاطفي بالشخص.
- الاقتداء بشخصيته أو بإنجازاته في مجال معين نعتبر أنفسنا شغوفين به.
- التشابه بين شخص وآخر مهم بالنسبة إلينا.
- لعله يكون من الأشخاص الذين يذكّروننا بذكرى ما مضت بسبب تشابه أو مصادفة.
- رغبتنا في الاستفادة من تجربة الشخص الحياتية.
- افتقادنا لبعض المشاعر أو الظروف التي يمثلها هذا الشخص.
لنفترض جدلًا أن هذه المقولة صحيحة، عند دراسة جدواها ونتائجها نكتشف في النهاية أنها ترتبط في عملية "شعوذة وإستحضار شياطين" على ما أظن إسمها الإسقاط النجمي (التخاطر)، المهم أنه في هذه العملية يتم الجلوس في مكان هادئ والتفكير بشكل مطوّل في شخص مثلًا حتى يفكر هو فيك كما تفكر فيه، والعديد من الناس أشادوا بنجاح هذه العملية مع أنها إحتماليات نجاحها لا تقارب الواقع ولا تمت لهُ بصِلة. وبرأيي الخاص فإن التفكير الزائد في شخص معين سببه إما الإعجاب أو الكره، فمشاعر الإعجاب دومًا ما تجعلنا نفكر في من يعجبوننا كل الوقت، حتى أننا نتخيل ملامحهم ووجوههم، وأما عن مشاعر الكره فقد تجعلنا مهووسين بشخص لأننا نكرهه أكثر من لو أننا كنا معجبين به، فعلاقة التفكير بعلم النفس من الممكن أن تكون مرتبطة لأن أفكارنا جميعها تدخل في دائرة علم النفس، والله اعلم.
التعليقات