"كل ممنوع مرغوب فيه" جملة بسيطة ولكنها توضح فكر الإنسان الداخلي وتطلعه لكل ما هو غامض أو ممنوع. في عملي كان يأتيني مرضى سكر يتناولون السكر والحلويات بإفراط عجيب، مع كونهم قبل الإصابة به لم يكونوا من متذوقيه لهذه الدرجة، ويطبقون مقولة الممنوع مرغوب بحذافيرها. وكذلك أرى الحال يجري مع العديد من الأمور الحياتية وليست الصحية فحسب، فهل حقًا الممنوع مرغوب، وهل اتبعتم هذه المقولة في أمر ما؟
الممنوع مرغوب، إلى أي مدى تتفق مع هذا؟
بمثالك الخاص بأمراض السكري ، تذكرت جدتي هي ايضا مصابة بالسكري ولكنها تتذوق اي شئ له علاقة بالسكر ولا يمكن ان تفرط فيه، لذلك صحيح عندها كل ممنوع معروف بأنه يضر بصحتها الا انها تتسمر في تناوله.
بالعودة للموضوع، المقولة اراها ترتبط اكثر بشخصية الفرد وليس بمفهومها، هناك حقا من عندهم كل ممنوع فهو ممنوع ولن يتخطو حدوده لانهم يعلمون اضراره ويخافون من الخطأ، ولكن الفئة التي تطبق كل ممنوع هو مرغوب اراه اكثر فئة تهميشا لذاتها ولا تحسن التصرف في حياتها ولا الاعتناء بالاخرين، فإذا هي اهملت ذاتها فكيف للاشخاص ان ينتظروا منها الاحترام، لذلك احيانا اشفق بشدة على هذه الفئة التي تعلم اضرار ما تتجه نحوه ومزالت مستمرة بالسير نحو ذلك.
نعم الكثير من يطبق هذه المقولة ويحتج بها للأسف!
المشكلة إن هذا الممنوع هو مؤذي ومخالف ويؤدي للتهلكة„
فالتدخين مثلاً عندما تسأله عن سبب التدخين وتبين له الأضرار لن يعطيك جواب مقنع لأن إجابات المدخنين مختلفة؛ والتائبين من التدخين يقولون لا توجد أسباب حقيقية للتدخين!
من ذلك نستنتج إن الذين يقبلون على الممنوع، فهو بسبب شخصيتهم وحالتهم النفسية والشهوانية.
المقولة صحية وبالجانب الطبي نلاحظ ان مرضى الضغط يحبون الاكلات المالحة او المبهرة بينما المصابون بالسمنة فهو يميلون للاطعمة الدسمة. فهل هذا عيب يحدث في الاشارات العصبية الصادرة من الدماغ ام بالفعل هي الحاجة النفسية كرد فعل سلبي للشخص.
كذلك نجد المتزوج الذي لديه امراة محترمة وجميلة، ينحرف تجاه امراة لا تملك جمالا وربما سيئة السمعة وشعبوية للغاية ولا تصلح خاددمة للبقر. فما الذي جعله ينحرف تجاهها . هل الممنوع مرغوب وان كان سما زعافا .. وهناك الكثير من الامثلة في المجتمع.
ولا تصلح خاددمة للبقر.
لم أحب هذا التعبير أبدًا د. مازن، العناية بالحيوانات هي وظيفة موجودة في كل دول العالم بداية من رعاية الأغنام وصولًا للعناية بالبقر، ولذا وصف الوظيفة وكأنها وظيفة سيئة لا أجد له مبرر. تمامًا كمنشور رأيته على الفيسبوك منذ أيام يقول رجل فيه بأن الزوجة ليست المرأة الفلبينية التي جاءت لتخدمك، وأرى التعبير فيه تهكم واستحقار من المرأة الفلبينية وعملها في الدول العربية.
الموضوع يا شيماء منذ بداية سيدنا أدام وزوجته وتناوله للتفاحة مع أن الله أخبره بعدم تناولها. وبالتالي خرج من الجنة.
نحن البشر نميل إلى الشيء الذي يتم منعه عنا، ربما بسبب الفضول ، وربما بسبب حبنا للمعرفة والاستكشاف.
الكاتب الامريكي يقول في هذا الصدد: "هناك سحر حول الممنوع يجعله مرغوبًا بشكل لا يوصف". ويبدو أنه معه حق في ذلك، وإلا لماذا نشتهي الشيء الممنوع، ربما هذا الشئ الممنوع يؤثر على صحتنا الجسمية ولكن نشتهيه ونأكله. لماذا نقبل على فعل سلوك ما قد يكون ممنوعًا وهكذا.
لهذا عندما نرغب في وضع رجيم، لابد أن يكون في حد معقول. فرض رجيم صارم علينا يعني أننا سنستسلم من البداية. وهذا الأمر ينطبق على الجوانب الاخرى، سواء في علاقتنا مع الاخرين، في حياتنا التعليمية والمهنية وغيره.
الموضوع يا شيماء منذ بداية سيدنا أدام وزوجته وتناوله للتفاحة مع أن الله أخبره بعدم تناولها. وبالتالي خرج من الجنة.
ولكن سيدنا أدم عليه السلام لم يرغب في الممنوع وهو التفاحة، وإنما وسوس لهما الشيطان ليأكلاها فحدث ما حدث. فيما نجد الكثير من الممنوعات التي نرغب فيها بنفسنا وليس بوسوسة الشيطان أو مكائده.
بالنسبة للجانب الصحي، أظن أن المنع من بعض الأطعمة يولد شعورا بالحرمان لدى الشخص، وربما يولد لديه شعورا بالنقص مقارنة بأشخاص آخرين لأنهم يستطيعون أن يأكلوا كل شيء وهو لا لانه مريض وهذا مصدر الشعور بالنقص لديه، فيحاول أن يأكل الممنوعات ليثبت لنفسه ولغيره بأنه بخير ولا يعاني من أي نقص.
أ حب أن أقف هنا عند الممنوع، كلما كان المنع خارجيا، كلما كانت مقاومتنا له أكبر، لذا فإن الشخص يجب أن يقنع نفسه بذاك، ولا يعتبره منعا مفروضا عليه، بل يتبنى هذا التصرف داخليا بحيث ينبع الامتناع منه وليس من غيره.
لذا فإن الشخص يجب أن يقنع نفسه بذاك، ولا يعتبره منعا مفروضا عليه، بل يتبنى هذا التصرف داخليا بحيث ينبع الامتناع منه وليس من غيره.
أعتقد أن المنع عام وليس مقتصر على العوامل الخارجية أو الداخلية، فمثلًا أمنع نفسي عن تناول الصودا منذ حوالي عام، وقد أخذت القرار بنفسي ولدي إرادة قوية للاستمرار. ولكن عندما أجد الصودا أمامي والجميع يشرب منها ما عداي، أميل إلى تناولها وأحدث نفسي بأنها ليست ممنوعة المنع القوي وإنما توقفت عنها بإرادتي، فلا مشكلة إذًا من تناولها مرة واحدة!
التعليقات