هناك موقف أو أكثر قد يؤثر في شخصية الإنسان، يغير منه للأفضل أو للأسوأ، ما هي إذًا نقطة التحول في حياتكم والأمر الذي ساهم في تغييركم؟
ما هي نقطة التحول في حياتكم؟
أمرين اثنين:
في سنة 2001 قمتُ بأمرٍ غبي للغاية، حيث كنتُ ما أزل غير واعية لمعنى الحياة ولا أعرف نتيجة تصرفاتي، وقد دفعت عائلتي ضريبة تصرفي الأهوج غير الواعي، وربما ما تزال.
هذا الأمر الغبي غيّر مجرى حياتي كاملاً، وجعلني أتحدى كثيرين جعلوني الشماعة التي علّقوا عليها ذنوبهم، فترتبت أولوياتي وكان مختصرها (الأنا)، لأهتم بدراستي ووظيفتي وأنشئ مجموعاتي القصصية، فأكون الشخص الذي أنا عليه اليوم.
الثاني كان في نهاية العام 2020، عندما أصيب والدي نتيجة خطأ طبي بجلطة دماغية ما يزال لليوم يدفع ضريبتها حيث ألزمته الفراش وأفقدته القدرة على النظر والحركة والإدراك، فصرنا جميعنا غرباء لأبي.. في هذه المرحلة كانت نقطة التحوّل الثانية بحياتي، حيث تمت إعادة ترتيب الأولويات لدي لتحتل عائلتي الأولوية الأولى والأخيرة في حياتي، الأمر الذي بناء عليه غيّرت الكثير من الأنا داخلي، وابتعدت نوعاً ما عن أحلام وطموحات كنت أسعى إليها، عدا عن حذف قوائم كثيرة لأشخاص كانت سقطة أبي فرصة لأرى كم هم عبء زائد في حياتي.
ما هي إذًا نقطة التحول في حياتكم والأمر الذي ساهم في تغييركم؟
هناك الكثير من النقاط التي يمكن أن أقول أن حياتي بعدها تحولت لكن ليس لتلك الدرجة، لأنها لم تكن المتحكم الوحيد فقد كانت هناك أسباب أخرى بطبيعة الحال.
لكن أظن أن هناك حدث حصل معي قبل أشهر قليل، واليوم فقط تحدثت عنه مع صديقتي واستذكرنا الأشياء الجميلة التي حدثت بعده رغم أنه كان مؤذي جدا.
لكن دائما هناك حكمة مما يحصل معنا، لأن أقدار الله دائما تكون عطاءً، حكمة، رحمة وعدلا... مهما كان شكلها فهي لن تكون ظلما أو أذى.
لدي أمر قد يكون غريباً إلي حداً ما، لدي ضعف ذاكرة للأمور السيئة التي حدثت في حياتي؛ أنا فقط لا أتذكر تفاصيل هذه المواقف؛ لكن المؤكد أنها كونت شخصاً يختلف تماماً عن أمس، شخص أكثر نضجاً من ذي قبل، لكن الجيد في حياتي أتذكره جيداً وبتفاصيله.
أتذكر في 2018: كنت شخص لا يبالي بتفكيره أو بحياته كيف تسير، وهنا بدأت نقطه التغير حيث قررت أن أصبح شخصاً يستحق أن يقدم شيئاً مفيداً في حياته، مجرد التفكير هذا بدأت أقرأ تقريباً كتاب علي مدار يومين أو ثلاثة أيام؛ تغيرت نظرتي لنفسي ولحياتي تماماً، أصبحت أكثر ثقافة، وعلي الجانب البدني كذلك تقدمت لمرحلة لم أكن أعلم أني أستطيع بلوغها حقاً ؛ والكثير من الأمور التي تحسنت.
الوعي أنك تستطيع وتريد التغيير حقاً يجعل منك نسخة أفضل من نفسك عن ذي قبل.
يختلط الأمر علينا على هذا الصعيد في العديد من الأحيان، فلا نستطيع الإلمام بالتوقيت الصحيح الذي استطعنا خلاله الجزم بأنني قد تغيّرنا بالفعل.
لكن بالتأكيد هنالك مجموعة من الأحداث الرئيسية والمشاهد التي تنبئنا بأنها كانت بمثابة عود الثقاب الذي بدأ الحريق في قومة القش. بالنسبة إليّ، قد أضع فترة مطلع عام 2011 في هذه المرتبة، حيث أنها مثّلت لي ولجيلي بأكمله حدثًا رئيسيًّا في حيواتنا فتح أعيننا على العديد من المفاهيم في سن مبكرة للغاية، فكان بمثابة نقطة التحوّل الرئيسية في حياة الجيل بشكل كامل.
في العام 2016 اصيب عمي بالفشل الكلوي الحاد والذي تسبب له بعد ذلك في خضوعه للغسيل الكلوي الدموي بواقع 12 ساعة اسبوعيا على مدار 3 جلسات وفي كل جلسة 4 ساعات ونظرا لأنه لم ينجب اولاد وانا زوج ابنته الكبرى، كان لابد من أن أقوم بواجبي وهو الذي اعتبرني على الدوام بمثابة ابنه ومستشاره الخاص.
لقد كنت اقضي كل تلك الساعات بجانبه وتعرفت على عالم المرضى بالرغم من انني كنت اعمل في نفس المستشفى منذ 2001. فما الذي تغير؟
لقد اكتشفت ان المرض قريب جدا من الانسان وانه يحول حياة الانسان 360 درجة وتتغير كثير من الأمور في سلوكياته واهتماماته وبالتالي يدخل في عالم آخر غير الذي نعرف وقد دخلت ذلك العالم مع تجربتي مع عمي رحمه الله. فصرت اكثر قربا وحنوا على المرضى من ذي قبل وكنت اتفاعل مع قضاياهم واهتماماتهم واقدر احتياجاتهم واوفر لهم كل ما أمكن من أجل راحتهم.
لقد اكتشفت ان مقدار الصبر لدى الانسان لا يقاس من موقف واحد بل من خضوع الانسان كليا الى واقع مستمر وبالتالي تعلمت ان الصبر من الرضا قمة الحكمة ولهذا كنت كلما اشعر بالضيق اتذكر هؤلاء المرضى ومعناتهم واقول الحمد لله لم اصل الى ما وصلوا له من معاناة فيهون علي ذلك الأمور وأعالجه بهدوء الواثق.
التعليقات