متأكد من أنك سمعت هذه المقولة مرارًا وتكرارًا ، ولكن هل حقًا ما لا يقتلنا يجعلنا أقوى؟ هل المشاكل تجعلنا أقوى؟ ينتابني الشك في صحة المقولة في بعض المواقف حقًا.
ما لا يقتلك يجعلك أقوى، هل دائمًا هذه المقولة صحيحة؟
صحيحة بنسبة 100%، فالتجربة التي لا تقضي علينا تجعلنا على خبرة كاملة بها، وعلى دراية غير مسبوقة بما نخرج به منها. نمتص منها السيء قبل الجيد، والمر قبل الحلو، وهذا هو الذي يجعلنا أكثر صلابة ضد الصدمات، أكثر مرونة ضد الأزمات القادمة، وأقدر على التكيّف خلال رحلتنا مع أي تجارب مشابهة سواء أكبر وأصغر. وعليه، فإن التجربة السيئة هي في النهاية معلم جيد للغاية. علينا فقط أن نتحلّى بالصبر، وألّا نلجأ إلى الإحباط المسبّب للانهيار.
بصراحة أنا لا أخذ الجمل مثل هذه من ناحية مطلقة. فهذه الجملة قد تكون صحيحة أحيانًا وقد تكون خاطئة أحيانًا وهذا لا يقلل منها مثلها مثل جميع الحكم والمقولات.
ولكن ما علينا معرفته هو متى تكون هذه الجملة صحيحة؟ ومتى تخطئ
بالنسبة للجملة الموجودة أمامنا "ما لا يقتلك يجعلك أقوى" أرى أنها تكون صحيحة فقط عندما نسمح لهذا الشيء الذي لم يقتلنا بأن يجعلنا أقوى. أي أنها تعتمد على عقليتنا في التعامل مع الأمور أو ال mindset الخاص بنا. هل كل من مر بتجارب قاتلة صار أقوى؟ لا، بعضهم صار أضعف، بعضهم لم يستطع التجاوز وبعضهم تم قتله حقًا في الحياة حتى لو بقي حيًا من ناحية بيولوجية.
فإذن المتلقي هو المسبب الرئيسي من وجهة نظري وهو من يتقرر له إن كان سيصير أقوى أم أضعف. وعلينا أن نحاول دائمًا أن نكون من النوع الأول وأن لا نترك شيئًا يقتلنا قبل أن يقتلنا فعلًا بل أن نتخذها معلمة لنا وحقل تجارب نستفيد منه لنصير أقوى وأكثر خبرة وخضرمة.
المواقف التي نمر بنا تعلمنا الكثير وتمنحنا القدرة على التحصن من المفاجآت، سواء كانت مواقف ايجابية او سلبية سوف نتعلم منها. فطالما كان لدينا القدرة على التفكير والمعالجة للموقف فإننا سوف ننجو ونتقدم ونكون أفضل.
وحياتنا ليست مسرحا لما نريد فقط، فهي مسرح كل الأشياء بحلوها ومرها بجمالها وقبحها بما نريد وبما لا نريد وبما نفكر به وبما نتفاجا به وبما يسعدنا وبما يتعسنا.
بعض الأمور تقتحم نفسيتنا فترهقنا وبالتالي قد تقتل فيها المعنويات والدوافع وهنا علينا ألا نترنح ونسقط بل نصمد ونبقى أقوياء .. وبهذ فإن مقولة ما لا يقتلك يجعلك أقوى أقتنع بها وأعتقد انها سليمة وصحيحة
ما لا يقتلنا يجعلنا أقوى
هذا يعني في المقابل أن هناك ظروف ومواقف وأشخاص قتلونا بالفعل. أعني أن الطاقة النفسية لكل فرد تختلف عن الآخر، فالظرف أو المشكلة التي يعانى منها فرد ما قد تصيبه بإحباط واكتئاب لدرجة قد تصل به للمرض النفسي، لأن مناعته النفسية ضعيفة وهشة من الداخل، فالرياح العليلة قد تقتله فعليا.
على الصعيد الآخر الشخص الأكثر قوة ومناعة من الناحية النفسية قد يتحمل هذا الموقف ويمر مرور الكرام دون أي خسائر.
لكن ما أعتقده حقا أن تكرار نفس نمط الصدمات والوصول لنفس النتائج السلبية تؤدي إلى تغيير أفكارنا وبالتالي سلوكياتنا ومشاعرنا النفسية.
يعنى مثلا شخص يتعرض باستمرار لنمط الخذلان ، مرة في العمل، مرة من صديق، مرة من شريك حياته، سنجد أن ردة فعل هذا الشخص في أول موقف تختلف عن الموقف الأخير، قد يصبح أكثر لامبالاة وعدم اكتراث بالآخرين، أو يفقد الثقة بالكلية في الناس جميعا، أو يصبح أكثر عدوانية وعنف. التغيير قد يكون سلبي أو إيجابي ولكنه في النهاية تغيير.
التعليقات