صراع بين التاء المربوطة والهاء في منصات التواصل الإجتماعي والسبب تويتر !

للأسف الأمر أكبر من فكرة تويتر، هناك تدني وعدم اهتمام باللغة وتعليمها للأجيال الصغيرة كما يجب، والسبب أن المعلمين أنفسهم لديهم قصور في ذلك.

أبسط مثال، تعاملت مع أكثر من معلمة متخصصة لتدريس ابنتي اللغة العربية، الأولى كنت أسمعها وهي تنطق الكلمات بطريقة خاطئة تماما كنت أذهب وأصحح لها على جنب، على أمل تهتم أكثر، حتى قررت أن أغيرها وجاءت أخرى عندما اطلعت على أول حصة وجدتها تكتب لابنتي في الكراسة كلمات هي بالتاء المربوطة تكتبها بالهاء دون أي اهتمام، صدمت أن معلمة اللغة العربية نفسها تكتب هكذا فماذا ستعلم ابنتي، وانهيت تعاملي معها مباشرة، حتى بالنهاية حاولت أن أبحث عن معلمة تكون من الجيل القديم من المعلمات وبالفعل كانت أفضل بكثير.

الغريب والذي أدهشني أن بمنهج ابنتي كان هناك درس كيف يفرقوا بين التاء المربوطة والهاء، فإن كانت المعلمة لا تفرق فكيف ستعلم الأطفال حينها.

أيضا الأمر ليس مقتصرا على الهاء والتاء، بل همزة الوصل والقطع، والغريب أن هناك كتاب لا يتمكنون من تطبيق قواعدها أو التفرقة بينهما، رغم أنه يمكن التمييز بأن يسبق الكلمة بحرف الواو إن نطقت تكون قطع، وإن لم تنطق تكون وصل.

أتذكر في طفولتنا أنّ أيدينا كادت أن تُكسر في الصباح البارد على موضوع التفرقة بين التاء المربوطة والهاء من قِبل المعلمين آنذاك ناهيك بأنّ والدتي من الأشخاص الحريصة على الكتابة الصحيحة. اليوم الأمر اختلف تمامًا، لم يعد هناك لا معلمين حريصون على مصالح ابناءهم ولا أهل يبحثون على كرارييس أبناءهم. لا أعلم هل السبب في التكنولوجيا أو في الإهمال من قِبل الأهل وهيئة التدريس أم أنّنا لم نعد نولي أهمية للغتنا العربية مثلما كان يحدث في الماضي. اليوم هناك نسبة لا بأس بها من الأهل تفضل تعليم ابناءها اللغة الانجليزية أوي أي لغة أجنبية أخرى غير اللغة العربية.

توعية الناس بضرورة الاهتمام باللغة العربية والكتابة الإملائية والتوعية بقواعد وطرق الكتابة، للنهوض بالمجتمع العربي، وللمحافظة على لغة القرآن الكريم.

وهذا يأتي من خلال توظيف معلمين مؤهلين للتدريس، يأتي أيضًا من حرص الأهل على مصالح ابناءهم وتوعيتهم نحو لغتهم العربية، أيضًا أين وسائل الاعلام والمنتديات من ذلك. من الجميل أنّ حسوب يجعل مستخدميه يتواصلون باللغة العربية الفصحى.

ملاحظة في محلّها!

شخصيًا علّمنا مدرس المتوسطة طريقة لم تفشل أبدًا، قال نوّنوا الكلمة، مثلًا "طريقة" تُلفظ "طريقتون، طريقتن" فهنا تُضاف التاء.

أمّا إذا لم تتقبّلها فهي من دونه.

للأسف إن أزمة الحروف المتشابهات بالإضافة إلى تداخل الكتابة الفصحى مع اللهجات العامية، كل ذلك أدى إلى قصور كبير في الكتابة بالإملاء الصحيح، أما أولئك الذين يستبدلون التاء المربوطة بالهاء فهم يسببون لي أزمة وحكة مفرطة .

أذكر أنني في المدرسة وفي كل عام كان الطلبة يخطئون في التفريق بين التاء المربوطة والهاء، ومع تقدم السنوات وتطور المناهج إلا أن المشكلة ما زالت قائمة، ولا أستطيع تحديد سبب واحد مسؤول عن تكرار هذه الأخطاء سنوياً، هل هو عدم اكتراث أم جهل أم قصور تعليمي ؟ والأدهى والأمرّ عندما أشاهد أستاذاً يقع في مثل هذه الأخطاء، أكاد أجزم أنني أصاب بقشعريرة .

كما ذكرت فالحل يكمن في رفع الوعي بأهمية تعلم اللغة العربية الصحيحة نطقاً وكتابة، وتحسين المناهج اللغوية، وإشراك اللغة العربية في حياتنا وبث الحياة فيها من جديد .

هذه هى الحقيقة الصعبة التي تتمثل فى إهمال اللغة العربية بشكل كبير فى مجتماعاتنا العربية ، وإذ لم نُدرِكْ قدرَ لغتنا، وعظيمَ أثرها في حياتنا، فلن يتبقى لنا أى شئ نتوارثه للأجيال القادمة .

يقول القائد الفرنسى الشهير " شارل ديجول " (لقد فعلت لنا لغتُنا مالم تفعله لنا جيوشُنا؛ فلغتُنا جَعَلَت القومَ أتباعًا لنا أذلّةً، وجيوشُنا احتَلَّت الديارَ، ورَحَلَت عنها، وخَلَّفَت لنا الكراهيةَ) ، والمقصود هنا بأن أنتشار اللغة يساعد على أحتلال الأمم بدون وجود أى خسائر بينما الحرب تخلف كراهية شديدة وخسائر مروعة، وكلنا نعلم التعمد فى فرض اللغة الأنجليزية فى جميع وسائل الأعلام العالمية، وداخل الشركات والمدارس بحجة أننا فى عصر التقدم التكنولوجى لكى نتواصل بشكل أسهل ولكن الهدف هنا هو فرض الثقافة الخاصة بهم، وليست المشكلة فى هذا فقط وأنما فى تعليم الأجيال القادمة بل وفى المعلمين أنفسهم أصحاب العلم ، ولا أخفى عليكم أنه وصل الأمر إلى العبث بالكلمات فى اللغة العربية من أجل الحداثة بل أيضاً هناك فئات تُعرف بالنخبة فى مجتمعاتنا ولازالت تُخطئ فى بعض الكلمات، الأمر الذي يستدعى مننا الوقوف من أجل الحفاظ على لغتنا الرئيسية بمختلف الطرق .

ظاهرة استبدال حرف التاء الى الهاء من اكثر الاخطاء الشائعة على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن صراحة لا اعلم السبب في ذلك ، غير ان ظاهرة تؤثر سلبا على قيمة اللغة العربية.

والاخطر من ذلك عندما ينتشر الخطأ من مواقع التواصل الى الحياة الواقعية، نفسه الامر عندما نسمع كلمات دخيلة عن اللغة العربية اصبح يتم تداولها.

أعتقد أن الموضوع لا يقف عن التاء المربوطة والهاء، وإنما يتعداه لضعف اللغة العربية بشكل عام، وسببه برأيي هو ابتعاد الناس عن قراءة الكتب، فالقراءة تمنح المرء اطلاع واسع على اللغة وتجعله يكتسبها ويكتسب مفرداتها وقواعدها دون أي دراسة أو بذل مجهود جانبي للموضوع، فأنا دائمًا أرى أن طرق تعلم اللغات في مدارسنا خاطئة لا يمكن أن نحفظ ونمتحن اللغة، اللغة تكتسب من الممارسة والقراءة.

هل تقصد أن تويتر وجه الناس لكتابة أخطاء لغوية ؟ حتى و إن كانت له سياسات معينة أو خوارزميات فهذا لا يعني أبدًا أن نلقي باللوم عليه فالكثير من الناس تخطئ ولا تملك حسابات على تلك المنصة..

المشكلة الحقيقية هي مشكلة الهوية. فهناك فجوة عميقة بين المجتمع العربي ولغته وكأن الأخطاء الاملائية أصبحت "موضة" أو شكل من أشكال التطور ! الجميع اليوم يبحث عن تعليم اللغة الانجليزية السليمة لأبنائه ويغفل التركيز على العربية.

ومن المثير للاستغراب أن الأطفال اليوم يتقنون اللغات الأخرى أكثر من لغتهم الأم والأهل يشعرون بالفخر حيال ذلك. ولا يبذلون أي جهد من أجل تطوير اللغة العربية لديهم.

أرى أن اللوم الأكبر للمدارس والجامعات والأسرة بدلاً من إلقاء اللوم على منصات التواصل الاجتماعي فهي بالنهاية تعكس الواقع ولا تصنعه.