قد يتهمنا أهلنا أو أصحابنا في صدق مشاعرنا عندما لا نبكي فيما يُلمّ بنا أو بهم من مكاره. فكما يصور لهم خيالهم يقولون: لو صدق حزنه على وفاة أمه أو أبيه أو صديقه لبكى بدمع العين.

هنا يتفق الشاعر حافظ ابراهيم مع تلك النظرة. يقول عندما استقبل في المجمع اللغوي بدمشق:

شكرت جميل صنعكم بدمع عيني *****ودمع العين مقياس الشعور

لأول مرةٍ قد ذاق جفني *****على ما ذاقه دمع السرور

فهو هنا يطلق الحكم ويقرر أن دمع العين مقياس صدق المشاعر حزنًا أو فرحًا.

ولكننا نرى المتنبي وهو يواسي أحد الأمراء في رحيل عزيز عليه ينفي ذلك ويرى أن دمع العين قد يكون تمويه لا أكثر ولا يعبر عن حقيقة المشاعر:

عَلَينا لَكَ الإِسعادُ إِن كانَ نافِعاً***** بِشَقِّ قُلوبٍ لا بِشَقِّ جُيوبِ

فَرُبَّ كَئيبٍ لَيسَ تَندى جُفونُهُ *****وَرُبَّ كَثيرِ الدَمعِ غَيرُ كَئيبِ

فدموع العين يا عزيزي قد تكون دموع كاذبة خادعة او كما يقول المثل الإنجليزي: Crocodiles' tears أو دموع التماسيح بالضبط كما يعبر الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي يقول:

نبكي بلا أدمع؛ إنّ الدّموع ***** إذا تمكن الحزن جفّت في مآقيها

ما كل من ذرف الدّمع الغزير بكي *****قد يذرف المرء دمع العين تمويها

وأنتم أيها الأصدقاء: إلى أي حكم تميلون؟ هل دموع العين أصدق وسيلة للتعبير عن المشاعر؟