مرحباً يا أصدقاء!

أهلاً بكم في جلستنا الشعرية ونصيبكم من الحلوى لهذا اليوم.. حللتم أهلًا ووطئتم سهلاً.

الشعر، هذه الصناعة الفريدة والفن العذب إن صحّ الوصف، يختلف في نظمه كل شاعر ويتفرد كل منهم بأسلوبه ولونه وهويته، من امرئ القيس إلى زهير بن أبي سلمى إلى أحمد شوقي، رحلة في مزارع الكلمات ومصانع الأبيات، فمن حاز وسام الجودة من شعراء العربية؟

يختلف الشعراء في طريقة توليد الشعر، هناك من يخرج الشعر منه كفطرة فُطِر عليها لسانه، وهناك من يطبخ القصيدة على نار هادئة حتى يطمئن لها، ولذلك وجد شاعر الحوليات ورواد الإرتجال في الشعر.

من هو شاعر الحوليات؟ هو زهير بن أبي سلمى، وسمّي بهذا الإسم لأن القصيدة عنده كانت تمكث حولاً كاملاً -أي عام- قبل أن تخرج للعلن، حيث يستغرق قرابة العام في كتابتها وتنقيحها والتدقيق فيها من ثم عرضها، كما كان يراعي صدق أبياته خلال هذا العام المليء بتلك القصيدة والمختَزَل فيها، ولذلك أصبحت لفظة الحوليات بمثابة علامته التجارية الخاصة.

يقول ابن قتيبة:

” ومن الشعراء المتكلف والمطبوع : فالمتكلف هو الذي قوم شعره بالثقاف ، ونقحه بطول التفتيش ، وأعاد النظر فيه بعد النظر ، كزهير والحطيئة . 

على نحو مغاير، يوجد لدينا الشاعر المرتجل، ولعلّ الإرتجال كان صفة ملازمة لعرب الجاهلية القدامى، فقد كان الشعر من مكونات ألسنتهم، يسكن بين فكوكهم، ولذلك تم تسميتهم بالشعراء المطبوعين، البعيدين كل البعد عن التكلف، فيكفي أن تهيج دواخلهم، فتنساب من بين شفتيهم شعراً، وفي ذلك نجد شعراء أمثال أبو نواس وأبو العتاهية، وعلى الرغم من شيوع هذه الصفة في الشعر الجاهلي، إلا أنها لم تغب عن شعراء العصر الحديث، كهذه الأبيات من ارتجال مصطفى لطفي المنفلوطي على سبيل المثال:

إذا ما سفيهٌ نالني منه نائلٌ من الذمِّ لم يُحْرِجْ بموقفه صدري

أعودُ إلى نفسي، فإن كان صادِقًا عَتَبْتُ على نفسي وأصلحتُ من أمري

وإلا فما ذنبي إلى الناسِ إنْ طَغى هواها، فما تَرْضَى بخيرٍ ولا شر؟

من ناحية جودة الشعر وعذوبته فقد تتباين الآراء بين من يفضل الإرتجال والتلقائية في الشعر، وبين من يميل إلى الشعر المصنوع الذي أغدق فيه الشاعر بمجهوده، ولكن أنقل هذا الرأي حول الإرتجال اقتباساً من كتاب قضايا الشعر المعاصر:

ومهما يكن من شيء فالارتجال في الشعر ظاهرة فسيولوجية فحسب؛ أي إنها في ذاتها ليست معيارًا للتفوق الفني ما لم يصاحبْها بالفعل ذلك التفوقُ الفني دون جهد، وهذا أمر نادر.

عمومًا، سأنهي جلستنا إلى هنا، لأفتتح المساحة لكم لمشاركتي بآراءكم حول هذه القضية، ما بين الطبع والتكلف، لمن ستمنحون أصواتكم؟

وأخيرًا، شاركوني شعرًا لتكتمل الليلة!